ولو قلت: تربُّصٌ أربعةُ أشهرٍ بالرفع على الابتداء والخبر،
كقوله: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ﴾ (١) على قراءة من رفع ﴿أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ﴾ لجاز (٢).
﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾: أي فإن رجعوا، ومنه: ﴿حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ (٣)، أي: حتى ترجع من الخطأ إلى الصواب.
﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ﴾ أي: على الطلاق، فلما حُذف الجارُّ وَصَلَ الفعل إليه فنصبه. والطلاق: اسم واقع موقع المصدر، كالسلام والكلام. والمصدر الحقيقي: التطليق والتسليم والتكليم. وأصل الطلاق: من أطلقتُ الشيءَ، يقال: طَلَقَتِ المرأةُ تَطْلُقُ طَلاقًا، وطَلَّقها تطليقًا.
﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ ابتداء وخبر، واختلف فيه:
فقال بعضهم: هو خبر في معنى الأمر، أي: ليتربص المطلقاتُ، وإخراج الأمر في صورة الخبر تأكيد للأمر، وإشعار بأنه مما يجب أن يُتَلَقَّىَ بالمسارعة إلى امتثاله (٤).

(١) سورة النور، الآية: ٦.
(٢) قرأ بالرفع. الكوفيون سوى أبي بكر، وقرأ الباقون بالنصب. انظر السبعة ٤٥٢ - ٤٥٣، والمبسوط ٣١٦ - ٣١٧، وانظر في تنوين (تربص) ونصب ما بعدها أو رفعه: معاني الفراء ١/ ١٤٥.
(٣) سورة الحجرات، الآية: ٩.
(٤) الكشاف ١/ ١٣٧، والبيان ١/ ١٥٦. ورده ابن العربي في أحكام القرآن ١/ ٢٥٣.


الصفحة التالية
Icon