وقال بعضهم: هو على بابه، والمعنى: حُكْمُ المطلقات أن يتربصن ثلاثة قروء (١).
و﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾: نَصْبٌ بيتربصن، وقد جوز أن يكون مفعولًا به، كقولك: المحتكر يتربص الغلاء، أي: يتربصن مُضيَّ ثلاثةِ قُروءٍ. وأن يكون ظرفًا، أي: يتربصن مدة ثلاثة قروء (٢).
وقروء: جمع كثرةٍ، والموضع موضع قلة؛ لأنه مميِّز، ومميِّز الثلاثة إلى العشرة بابه جمع القلة التي هي أفعل، وأفعال، وأفعِلَة، وفِعْلةٌ دون جمع الكثرة.
واختلف في سببه، فقال بعضهم: وُضع جمعُ الكثرة في موضع القلة، لأنهم يتسعون في ذلك، فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر، لاشتراكهما في الجمعية، ألا ترى إلى قوله: ﴿بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ م وما هي إلا نفوس كثيرة (٣).
وقال بعضهم: لما قال: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ﴾، فجمع، أتى بلفظ جمع الكثرة؛ لأن كل واحدة من المطلقات تتربص ثلاثة أقراء (٤).
وقيل: التقدير ثلاثة أقراء من قُروء (٥).
وقيل: لعلَّ القُروء كانت أكثر استعمالًا في جمع قَرْءٍ من الأقراء، فأُوثر عليه تنزيلًا للقليلِ الاستعمالِ منزلةَ المُهْمَل، فيكون مثل قولهم: ثلاثة شُسُوع (٦).
(٢) كذا أعربها الزمخشري ١/ ١٣٨ بوجهي النصب هذين. واقتصر العكبري ١/ ١٨٠ على الظرف.
(٣) الزمخشري في الكشاف ١/ ١٣٨.
(٤) العكبري في التبيان ١/ ١٨١.
(٥) ذكره ابن الأنباري في البيان ١/ ١٥٦، وانظر التبيان ١/ ١٨١. وهو مذهب المبرد كما في كتابه المقتضب ٢/ ١٥٨ - ١٥٩. وعزاه النحاس ١/ ٢٦٣ إلى سيبويه.
(٦) كذا قال الزمخشري في الكشاف ١/ ١٣٨. وانظر كتاب سيبويه ٣/ ٥٧٥.