واسم كان راجع إلى صاحب الجوارح، والضمير في ﴿عَنْهُ﴾ يرجع إلى ﴿كُلُّ﴾، و (عن) متعلق بقوله: ﴿مَسْئُولًا﴾ وفي ﴿مَسْئُولًا﴾ ضمير يرجع إلى الإنسان.
ولك أن تجعل المنوي في ﴿كَانَ﴾ لـ ﴿كُلُّ﴾، والضمير في ﴿عَنْهُ﴾ له أيضًا، والمستكن في ﴿مَسْئُولًا﴾ له أيضًا، على معنى: إن كل واحد منهن كان مسؤولًا عنه عن ذاته على وجه المجاز.
و﴿عَنْهُ﴾ في كلا التقديرين يتعلق بمسؤول تعلق الجارِّ بالفعل، وفي ﴿مَسْئُولًا﴾ ضمير لأحد المذكورين لا محيد عن هذا، ولا يجوز أن تكون (عن) في موضع رفع على الفاعلية خالية عن الذكر بإسناد ﴿مَسْئُولًا﴾ إلى الجار والمجرور، كـ (عليهم) في قوله جل ذكره: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ كما زعم الزمخشري (١)، لأن القائم مقام الفاعل كالفاعل، فكما لا يجوز تقديم الفاعل على فعله، ويسمى فاعلًا، كذلك القائم مقامه، فاعرفه فإنه موضع (٢).
وقوله: ﴿وَالْفُؤَادَ﴾ الجمهور على ضم الفاء وهو الوجه والمشهور في اللغة، وقرئ: (والفَواد) بفتح الفاء (٣)، وأنكره أبو حاتم، ولعله لُغةٌ لم تبلغ أبا حاتم. وقيل: وجهه أنه لما قلب الهمزة واوًا بعد الضمة استصحب القلب مع الفتح (٤).
﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)﴾:

(١) انظر الكشاف ٢/ ٣٦١.
(٢) انظر في هذه المسألة أيضًا: التبيان ٢/ ٨٢١. والدر المصون ٧/ ٣٥٤ فقد رد العكبري والسمين الحلبي على الزمخشري أيضًا.
(٣) وبالواو، ونسبت إلى الجراح قاضي البصرة. انظر مختصر الشواذ / ٧٦/. والمحتسب ٢/ ٢١. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٩٤.
(٤) قاله الزمخشري ٢/ ٣٦١.


الصفحة التالية
Icon