و ﴿مَكْرُوهًا﴾: يحتمل أن يكون بدلًا من (سَيِّئَةً)، وأن يكون صفة لها، وإنما لم يقل مكروهة، حملًا على لفظ ﴿كُلُّ﴾ أو لأن التأنيث غير حقيقي (١). وأن يكون خبرًا بعد خبر، كأنه قيل: كان سيئة كان مكروهًا. وأن يكون حالًا من الذكر الذي في الظرف وهو ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ على أن تجعله صفة لسيئة.
و﴿سَيِّئُهُ﴾ مضافًا مذكرًا مرفوعًا (٢)، على أنه اسم ﴿كَانَ﴾ و ﴿مَكْرُوهًا﴾ خبرها، و ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ من صلة الخبر. ولك أن تجعل الظرف الخبر، و ﴿مَكْرُوهًا﴾ حالًا من المنوي فيه، والإشارة في ﴿ذَلِكَ﴾ على هذه القراءة إلى جميع الخِصَال المعدودة المذكورة من لدن قوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ ولما كان هذه الخصال بعضها سيئًا وبعضها حَسَنًا، أضيف فقيل: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾، لأن ﴿سَيِّئُهُ﴾ هو المنهي عنه فاعرفه.
﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ﴾ (ذلك) مبتدأ، وما بعده خبر، والإشارة إلى ما أمر به ونهى عنه، أي: ذلك الذي أمر به ونهى عنه مما أنزله عليك ربك.
وقوله: ﴿مِنَ الْحِكْمَةِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة ﴿أَوْحَى﴾، وأن يكون حالًا من الذكر المحذوف الراجع إلى الموصول، فيكون من صلة محذوف،

(١) أجاب عنه الزمخشري ٢/ ٣٦١ بأوضح من هذا فقال: السيئة في حكم الأسماء بمنزلة الذنب والإثم زال عنه حكم الصفات، فلا اعتبار بتأنيثه...
(٢) قرأها الخمسة الباقون وهم: ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف. انظر القراءتين في السبعة / ٣٨٠/. والحجة ٥/ ١٠٢. والمبسوط / ٢٦٩/. والتذكرة ٢/ ٤٠٦.


الصفحة التالية
Icon