﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ﴾ في الباء من ﴿بِهِ﴾ وجهان:
أحدهما: بمعنى اللام، يقال: استمعت إليه، أي: أصغيت.
والثاني: على بابها، وفيه وجهان - أحدهما: من صلة ﴿يَسْتَمِعُونَ﴾، على: يستمعون بقلوبهم أم بظاهر أسماعهم. والثاني: في موضع الحال كقولك: يستمعون بالهزء، أي: هازئين.
وقوله: ﴿إِذْ يَسْتَمِعُونَ﴾ (إذ) منصوب بـ ﴿أَعْلَمُ﴾ أي: أعلم وقت استماعهم، أو بـ ﴿يَسْتَمِعُونَ﴾ الأول.
وقوله: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ ابتداء وخبر، و ﴿نَجْوَى﴾ مصدر، كقوله: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ (١) أي: وإذ هم ذوو نجوى، ويجوز أن يكون جمع نجي، كصريع وصرعى، فلا حذف على هذا، وقد مضى الكلام عليه فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٢).
وقوله: ﴿إِذْ يَقُولُ﴾ بدل من ﴿إِذْ هُمْ﴾ وقيل: هو منصوب بإضمار اذكر.
وقوله: ﴿مَسْحُورًا﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أنه على بابه، على أنه سُحِرَ حتى زال عقله فصار مجنونًا (٣)
(٢) عند إعراب الآية (١١٤) من النساء.
(٣) هذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في زاد المسير ٥/ ٤٢.