فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (٦٠)}:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ أي: واذكر إذ أوحينا إليك (١).
وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ أي: أريناك إياها، و ﴿فِتْنَةً﴾: مفعول ثان لـ ﴿جَعَلْنَا﴾، أي: ابتلاءً وامتحانًا.
وقوله: ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ﴾ عطف على الرُّؤْيَا، أي: وما جعلنا الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة لهم أيضًا، وهي شجرة الزقوم عند الجمهور (٢).
وقيل: وصفها باللعْن، لأنَّ اللعن: الإبعاد، وهي في أصل الجحيم، في أبعد مكان من الرحمة (٣).
وقيل: المراد باللعن أهلها، وآكلوها وهم الكفرة والفجرة، والأصل: والشجرة الملعون أهلها، فلما حذف المضاف استتر الضمير في اسم المفعول، فأنث المفعول لجريه على الشجرة.
وقيل: العرب تقول لكل طعام مكروه ضار: ملعون (٤).
وقرئ: (والشجرةُ الملعونةُ) بالرفع (٥) على الابتداء، والخبر محذوف، أي: والشجرة الملعونة في القرآن فتنة، أو كذلك (٦). وقد أجاز الفراء أن
(٢) وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومسروق، والحسن، وأبي مالك، وعكرمة، و... أخرجه الطبري ١٥/ ١١٣ - ١١٥ عنهم. وانظر المحرر الوجيز ١٠/ ٣١٥. وزاد المسير ٥/ ٥٤ - ٥٥.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٣٦٦.
(٤) انظر هذا القول مع الذي قبله في معاني الزجاج ٣/ ٢٤٨. ومعاني النحاس ٤/ ١٧٠. ومعالم التنزيل ٣/ ١٢٢.
(٥) نسبها أبو حيان ٦/ ٥٥. وتبعه السمين ٧/ ٣٧٧ إلى زيد بن علي.
(٦) هذا إعراب الزمخشري ٢/ ٣٦٦. وجوز أبو البقاء ٢/ ٨٢٦ أن يكون الخبر (في القرآن). لكن رده السمين ٧/ ٣٧٧.