وقرئ: (نُنْجِيْ) بنونين الأولى هي حرف المضارعة، والثانية فاء الفعل مع تخفيف الجيم (١).
وقرئ: (نُجِّيْ) بنون واحدة وتشديد الجيم وإسكان الياء (٢)، وفيه أوجه:
أحدهما: أنه فعل ماض مبني للمفعول مسند إلى مصدره، وإسكان يائه تخفيف و ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾ نصب، لأنه المفعول الثاني، أي: نجي النجاء المؤمنين، كقولك: ضُرِبَ الضربُ زيدًا وأنشد:

٤٤٦ - وَلَوْ وَلَدَتْ قفيرَةُ جرْوَ كَلْبٍ لَسُبَّ بِذَلِكَ الجرْوِ الكِلَابَا (٣)
أي: لَسُبَّ السَّبُّ، وهذا فيه ما فيه، لأن المصدر إنما يقام مقام الفاعل عند عدم المفعول به، أو اشتغاله بحرف الجر مع ما في إسكان الياء أيضًا من البعد.
والثاني: أنه فعل مستقبل، إلا أن النون الثانية أدغمت في الجيم بعد قلبها جيمًا، وهذا ضعيف، لأن النون تُخفَى عند الجيم، ولا تدغم فيها.
والثالث: أن أصله: نُنَجي بنونين، الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة، فحذفت الثانية كراهة اجتماع المثلين، كما حذفت إحدى التاءين من ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (٤) و ﴿تَسَاءَلُونَ﴾ (٥) وشبههما، فبقي (نجي) كما ترى، وهذا أقرب الأوجه.
(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٢) قراءة صحيحة، قرأها ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم. وانظر القراءتين في السبعة / ٤٣٠/. والحجة ٥/ ٢٥٩. وسقط فيهما اسم ابن عامر. والمبسوط ٣٠٢ - ٣٠٣. والتذكرة ٢/ ٤٤١. والتبصرة / ٥٩٨/. والكشف ٢/ ١١٣.
(٣) لجرير يهجو الفرزدق. وقفيرة: اسم أم الفرزدق. وانظر البيت في حجة ابن خالويه / ٢٥٠/. وحجة الفارسي ٥/ ٢٦٠. والخصائص ١/ ٣٩٧. والإفصاح / ٩٣/. والمحرر الوجيز ١١/ ١٦١. وشرح ابن يعيش ٧/ ٧٥. وأمالي ابن الحاجب ٢/ ٦٧٨.
(٤) من قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣].
(٥) من قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١].


الصفحة التالية
Icon