وقال أبو علي: أخفَى القارئ النون عند الجيم، فالتبس على السامع فظن أنه مدغم. وهذا أيضًا فيه ما فيه، لأن الإخفاء عار من التشديد، والقراءة مروية بالتشديد، وهب أنه خفي على الواحد، فكيف يخفى على الجميع.
﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَزَكَرِيَّا﴾ أي: واذكر، أو وأرسلنا زكريا. ﴿لَا تَذَرْنِي فَرْدًا﴾، أي: وحيدًا، وهو منصوب على الحال من الياء في ﴿لَا تَذَرْنِي﴾.
وقوله: ﴿إِنَّهُمْ﴾ الضمير للأنبياء المذكورين في هذه السورة. وقيل: لزكرياء ويحيى والزوجة (١).
وقوله: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ مفعول له، أي: للرغبة في الثواب والرهبة من العقاب، أو مصدر في موضع الحال، أي: ذوي رغب ورهب، أو راغبين وراهبين. وقيل: هما مصدران على المعنى، والوجه الأول أحسن (٢).
﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (٩١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ محل (التي) النصب على تقدير: واذكر التي أحصنت فرجها إحصانًا كليًا من الحلال والحرام جميعًا،
(٢) انظر الأوجه الثلاثة في التبيان ٢/ ٩٢٥ أيضًا. واقتصر الزجاج ٣/ ٤٠٣. والنحاس ٢/ ٣٨٠. ومكي ٢/ ٨٦ على كونهما مصدرين.