واختلف في جواب ﴿إِذَا﴾ الواقعة بعد ﴿حَتَّى﴾، فقيل: ﴿فَإِذَا هِيَ﴾ (١)، وذلك أن إذا المكانية تقع في جواب الشرط سادّة مسد الفاء، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ (٢) فإذا أتت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط على وجه التأكيد (٣).
وقيل: جوابها محذوف (٤)، والتقدير والمعنى: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج، واقترب قيام الساعة، وبعث الخلق فشخصت أبصارهم، قال هؤلاء الكفار حينئذ تحسرًا، على ما فرطوا فيه: ﴿يَاوَيْلَنَا..﴾ الآية، وعن الفراء الجواب: ﴿وَاقْتَرَبَ﴾، والواو صلة (٥).
﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (٩٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ﴾ (إذا) للمفاجأة، وقد ذكرت في غير موضع أنها مكانية (٦) بمعنى هناك وَثَمَّ، والعامل فيها ﴿شَاخِصَةٌ﴾. و ﴿هِيَ﴾: ضمير مجهول مبهم توضحه (الأبصار) وتفسره، أي: فإذا القصة شاخصة أبصار الذين كفروا، أي القصة أن أبصارهم تشخص في ذلك اليوم مِن هوله، و ﴿أَبْصَارُ الَّذِينَ﴾ مبتدأ، وخبره ﴿شَاخِصَةٌ﴾، والجملة موضحة للضمير ومفسرة له (٧).
وقيل: (هي) ضمير الأبصار، والتقدير: فإذا الأبصار شاخصة، ثم
(٢) سورة الروم، الآية: ٣٦.
(٣) كذا في الكشاف ٣/ ٢١ أيضًا.
(٤) قاله الزجاج ٣/ ٤٠٥ عن البصريين، وحكاه عنه النحاس ٢/ ٣٨٤.
(٥) معاني الفراء ٢/ ٢١١. وانظر تفسير الطبري ١٧/ ٩٢.
(٦) انظر إعرابه للآية (١٠٧) من الأعراف، والآية (٢٠) من طه.
(٧) يعني أنها خبر (هي) وهذا قول سيبويه كما في مفاتيح الغيب ٢٢/ ١٩٢.