حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ الثابت في المعنى، وهو كلام مستأنف، أعني: ﴿كَمَا بَدَأْنَا﴾.
وقيل: هو متعلق بقوله: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ﴾ على معنى: نفني السماء ثم نعيدها في الآخرة كما ابتدأنا خلقها في الدنيا، بشهادة قوله: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ (١) أي: تفنيان ثم تعادان غير ما كانتا في الدنيا في الصورة والهيئة (٢).
وقوله: ﴿وَعْدًا﴾ مصدر مؤكد، لأن قوله: ﴿نُعِيدُهُ﴾ عدة للإِعادة، أي: وعدنا ذلك وعدًا علينا إنجازه، وأكد الوعد بقوله: ﴿عَلَيْنَا﴾ إعلامًا بأن وعده لا يجوز إخلافه، وهو صفة للوعد، أي: وعدًا ثابتًا.
﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ (من بعد) من صلة ﴿كَتَبْنَا﴾، وقد جوز أن يكون من صلة ﴿الزَّبُورِ﴾، لأن الزبور بمعنى المزبور، أي: المكتوب (٣). ﴿أَنَّ الْأَرْضَ﴾: مفعول ﴿كَتَبْنَا﴾.
وقوله: ﴿إِلَّا رَحْمَةً﴾ مصدر في موضع الحال من الكاف في ﴿أَرْسَلْنَاكَ﴾، أي: راحمًا، أو ذا رحمة، أو مفعول له، أي: للرحمة، وفي الحديث "إنما أنا رحمة مهداة" (٤).

(١) سورة إبراهيم، الآية: ٤٨.
(٢) انظر هذا القول في القرطبي ١١/ ٣٤٨ أيضًا.
(٣) جوزه العكبري ٢/ ٩٢٩.
(٤) بهذا اللفظ أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ١/ ١٥٧ - ١٥٨. وأخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٣٥ وصححه، وأقره الذهبي، وقبله: "يا أيها الناس إنما..." كما أخرجه البزار =


الصفحة التالية
Icon