وذلك أنهم قد عرفوا أن الكعبة قبلة إبراهيم عليه السلام، وقد كانوا وجدوا في التوراة أن محمدًا - ﷺ - سيحول إليها، فحوله الله تعالى إليها لئلا يكون لهم حجة فيحتجوا بأن هذا النبي الذي نجده في كتابنا سيحول إليها ولم تحول أنت، فلما حول النبي - ﷺ - ذهبت حجتهم، ثم قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ يعني إلا أن (١) يظلموكم فيكتموا ما عرفوا (٢).
وقال الأخفش: معناه: لكن الذي ظلموا، كقوله عز وجل ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ (٣) معناه (٤): لكن يتبعون الظن. وقوله ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)﴾ (٥) يعني لكن يبتغي وجه ربه، فيكون منفردًا عن الكلام الأول (٦).
وروى (٧) أبو عبيد عن أبي عبيدة أنه قال: ليس موضع (إلا) هاهنا بموضع (٨) استثناء؛ لأنه لا يكون (٩) للظالم حجة، إنما هو في موضع
(٢) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ١/ ١٦٥، والخازن في "لباب التأويل" ١/ ١٢٤، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٦١٤.
(٣) النساء: ١٥٧.
(٤) في (ج): يعني.
(٥) الليل: ١٩ - ٢٠.
(٦) الذي في "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٦٢ - بعد أن أورد الآية- فهذا بمعنى لكن، وباقي الكلام ليس في "المعاني". ويبدو أنه توضيح من المصنف.
(٧) في (ت): وقد روى.
(٨) في (ج): موضع.
(٩) في (ج): تكون.