" صفحة رقم ٢٢٨ "
عنه. وفي التحرز من ذلك غيرة على جانب الله تعالى، وفيه أيضاً تحرز من رسوخ عقيدة الكفر في نفس الطاغي فيصير الرجاء في إيمانه بعد ذلك أضعف منه فيما قبل، وتلك مفسدة في نظر الدّين. وحصلت مع ذلك رعاية الفاصلة.
قال الله لاَ تَخَافَا (، أي لا تخافا حصول شيء من الأمرين، وهو نهي مكنى به عن نفي وقوع المنهي عنه.
وجملة ) إنَّنِي مَعَكُمَا ( تعليل للنهي عن الخوف الذي هو في معنى النفي، والمعيّة معيّة حفظ.
و ) أسْمَعُ وأرى ( حالان من ضمير المتكلم، أي أنا حافظكما من كل ما تخافانه، وأنا أعلم الأقوال والأعمال فلا أدَعُ عمَلاً أو قولاً تخافانه.
ونزل فعلاَ ) أسْمَعُ وأرَى ( منزلة اللازمين إذ لا غرض لبيان مفعولهما بل المقصود : أني لا يخفى عليّ شيء. وفرع عليه إعادة الأمر بالذهاب إلى فرعون.
والإتيان : الوُصول والحلول، أي فحُلاّ عنده، لأنّ الإتيان أثر الذهاب المأمور به في الخطاب السابق، وكانا قد اقتربا من مكان فرعون لأنهما في مدينته، فلذا أمِرا بإتيانه ودعوته.
وجاءت تثنية رسول على الأصل في مطابقة الوصف الذي يجري عليه في الإفراد وغيره.
وفَعول الذي بمعنى مفعول تجوز فيه المطابقة، كقولهم ناقة طروقَة الفَحل، وعدم المطابقة كقولهم : وَحشية خلوج، أي اختُلج ولدُها. وجاء الوجهان في نحو ( رسول ) وهما وجهان مستويان.


الصفحة التالية
Icon