" صفحة رقم ٢٥٧ "
الله، وأن لا شيء غيره حقيقاً بمشاركته في إلهيته، فأفاد أن المؤمنين قد اهتدوا إلى العلم ببطلان إلهية الأصنام خلافاً للمشركين الذين لم يهتدوا بذلك. فأفهم ذلك أن من لم يعقلوها ليسوا بعالمين أخذاً من مفهوم الصفة في قوله ) للمؤمنين ( إذا اعتبر المعنى الوصفي من قوله ) للمؤمنين (، أو أخذاً من الاقتصار على ذكر المؤمنين في قوله ) إن في ذلك لآية للمؤمنين ( إذا اعتبر عنوان المؤمنين لقباً.
والاقتصار عند ذكر دليل الوحدانية على انتفاع المؤمنين بتلك الدلالة المفيد بأن المشركين لم ينتفعوا بذلك يشبه الاحتباك بين الآيتين.
والباء في ) بالحق ( للملابسة، أي خلقهما على أحوالهما كلها بما ليس بباطل. والباطل في كل شيء لا وفاء فيه بما جُعل هو له. وضد الباطل الحق، فالحق في كل عمل هو إتقانه وحصول المراد منه، قال تعالى ) وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ( ( ص : ٢٧ ).
والمراد بالسماوات والأرض ما يشمل ذاتهما والموجودات المظروفة فيهما. وهذا الخلق المتقن الذي لا تقصير فيه عما أريد منه هو آية على وحدانية الخالق وعلى صفات ذاته وأفعاله.
( ٤٥ ).
بعد أن ضرب الله للناس المثل بالأمم السالفة جاء بالحجة المبيّنة فساد معتقد المشركين، ونوه بصحة عقائد المؤمنين بمنتهى البيان الذي ليس وراءه مطلب أقبل على رسوله بالخطاب الذي يزيد تثبيته على نشر الدعوة وملازمة الشرائع وإعلان كلمة الله بذلك، وما فيه زيادة صلاح المؤمنين الذين انتفعوا بدلائل الوحدانية. وما الرسول عليه الصلاة والسلام إلا قدوة للمؤمنين وسيّدهم فأمره أمر لهم كما دل عليه التذييل بقوله ) والله يعلم ما تصنعون ( بصيغة جمع المخاطبين كقوله ) فاستقم كما أُمِرتَ ومن تاب معك ( ( هود : ١١٢ ) قرآن إذ ما فرط فيه من شيء من الإرشاد.