" صفحة رقم ٢٦١ "
وهذا القول مختزل مما وقع في ( سفر الملوك ) الأول من كتب اليهود إذ جاء في الإِصحاح الحادي عشر : وأحَب سليمان نساء غريبة كثيرة بنت فرعون ومعها نساء مؤابيات وعمونيات، وأدوميات وصيدونيات وحثيات من الأمم التي قال عنهم الرب لبني إسرائيل : لا تدخلون إليهم لأنهم يُميلون قلوبكم وراء آلهتهم. فبنى هيكلاً للصنم ( كموش ) صنَم المؤابيين على الجبل الذي تُجاه أورشليم فقال الله له : من أجل أنك لم تحفظ عهدي فإني أمزق مملكتك بعدك تمزيقاً وأعطيها لعبدك ولا أعطي ابنك إلا سِبطاً واحداً الخ.
ويؤخذ من ذلك كله : أن سليمان اجتهد وسمح لنسائه المشركات أن يعبدْن أصنامهن في بيوتهن التي هي بيوته أو بنى لهن معابد يعبدْنَ فيها فلم يرضَ الله منه ذلك لأنه وإن كان قد أباح له تزوج المشركات فما كان ينبغي لنبيء أن يسمح لنسائه بذلك الذي أبيح لعامة الناس الذين يتزوجون المشركات وإن كان سليمان تأول أن ذلك قاصر على المرأة لا يتجاوز إليه.
وعلى هذا التأويل يكون المراد بالجسد الصنم لأنه صورة بلا روح كما سمى الله العجل الذي عبده بنو إسرائيل جَسداً في قوله :( فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار ( ( طه : ٨٨ ).
ويكون معنى إلقائه على كرسيّه نصبه في بيوت زوجاته المشركات بقرب من مواضع جلوسه إذ يكون له في كل بيت منها كرسي يجلس عليه.
وعطف ) ثُمَّ أنابَ ( بحرف ) ثمّ ( المفيد للتراخي الرتبي لأن رتبة الإِنابة أعظم ذكر في قوله :( فقال إنِّي أحببتُ حُبَّ الخيرِ ( ( ص : ٣٢ ). والإِنابة : التوبة.
وجملة ) قال ربّ اغفر لي ( بدل اشتمال من جملة ) أنَابَ ( لأن الإِنابة تشتمل على ترقب العفو عما عسى أن يكون قد صدر منه مما لا يرضي الله تعالى صدوره من أمثاله.
وإردافه طلب المغفرة باستيهاب مُلْك لا ينبغي لأحدٍ من بعده لأنه توقع من غضب الله أمرين : العقاب في الآخرة، وسلب النعمة في الدنيا إذ قصّر في شكرها، وكان سليمان يومئذٍ في مُلْك عظيم فسؤال موهبة الملك مراد به استدامة


الصفحة التالية
Icon