" صفحة رقم ٢٧٠ "
لمسّ الشيطان إياه، أي مسنّي بوسواس سببه نُصْب وعذاب، فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النُّصْب والعذاب عنده ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقاً لذلك العذاب ليلقي في نفس أيوب سوء الظن بالله أو السخط من ذلك. أو تحمل البَاء على المصاحبة، أي مسّني بوسوسة مصاحبة لضرّ وعذاب، ففي قول أيوب ) أني مسَّني الشيطانُ بنُصببٍ وعذابٍ ( كناية لطيفة عن طلب لطف الله به ورفع النُّصب والعذاب عنه بأنهما صارا مدخلاً للشيطان إلى نفسه فطلب العصمة من ذلك على نحو قول يوسف عليه السّلام :( وإلاَّ تصرف عنّي كيدَهن أَصْبُ إليهن وأكنْ من الجاهلين ( ( يوسف : ٣٣ ).
وتنوين ( نصب وعذاب ) للتعظيم أو للنوعية، وعدل عن تعريفهما لأنهما معلومان لله.
وجملة ) اركض برِجلِك ( الخ مقولة لقول محذوف، أي قلنا له اركض برجلك، وذلك إيذان بأن هذا استجابة لدعائه.
والرّكْض : الضرب في الأرض بالرجل، فقوله :( بِرِجْلِكَ ( زيادة في بيان معنى الفعل مثل :( ولا طائر يطير بجناحيه ( ( الأنعام : ٣٨ ) وقد سمّى الله ذلك استجابة في سورة الأنبياء إذ قال :( فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر.
وجملة هاذَا مُغْتسلٌ ( مقولة لقول محذوف دل عليه المقول الأول، وفي الكلام حذف دلّت عليه الإِشارة. فالتقدير : فركض الأرض فنبع ماء فقلنا له : هذا مغتسل بارد وشراب. فالإِشارة إلى ماء لأنه الذي يغتسل به ويشرب.
ووصْف الماء بذلك في سياق الثناء عليه مشير إلى أن ذلك الماء فيه شفاؤه إذا اغتسل به وشَرب منه ليتناسب قول الله له مع ندائه ربّه لظهور أن القول عقب النداء هو قول استجابة الدعاء من المدعو. و ) مغتسل ( اسم مفعول من فعل اغتسل، أي مغتسل به فهو على حذف حرف الجر وإيصال المغتسل القاصر إلى المفعول مثل قوله :
تَمرُّون الديارَ ولم تعُوجوا


الصفحة التالية
Icon