" صفحة رقم ٢٩٤ "
والإِشارة إلى ما حُكي عنهم من المقاولة. وسميت المقاولة تخاصماً، أي تجادلاً وإن لم تقع بينهم مجادلة، فإن الطاغين لم يجيبوا الفوج على قوله :( بلْ أنتم لا مرحباً بكم ( ( ص : ٦٠ )، ولكن لمّا اشتمَلت المقاولة على ما هو أشد من الجدال وهو قول كل فريق للآخر ) لا مرحباً بكم ( كان الذم أشد من المخاصمة فأطلق عليه اسم التخاصم حقيقة. وتقدم ذكر الخصام عند قوله تعالى :( هذان خصمان في سورة الحج ).
وأضيف هذا التخاصم إلى أهل النار كلهم اعتباراً بغالب أهلها لأن غالب أهل النار أهل الضلالات الاعتقادية وهم لا يَعدون أن يكونوا دعاة للضلال أو أتباعاً للدعاة إليه فكلهم يجري بينهم هذا التخاصم، أما من كان في النار من العصاة فكثير منهم ليس عصيانه إلا تبعاً لهواه مع كونه على علم بأن ما يأتيه ضلالة لم يُسَوّله له أحد.
و ) أهْللِ النَّارِ ( هم الخالدون فيها، كقولهم : أهل قرية كذا، فإنه لا يشمل المغترب بينهم، على أن وقت نزول هذه الآية لم يكن في مكة غير المسلمين الصالحين وغير المشركين، فوصف أهل النار يومئذٍ لا يتحقق إلا في المشركين دون عصاة المسلمين. وقوله :( تخاصُمُ أهللِ النارِ ( إمّا خبرُ مبتدأ محذوف، تقديره : هو تخاصم أهل النار، والجملة استئناف لزيادة بيان مدلول اسم الإِشارة، أو هو مرفوع على أنه خبر ثان عن ) إنّ، ( أو على أنه بدل من ) لَحَقٌّ.
( ٦٥ ٦٦ ) (
هذا راجع إلى قوله :( وقال الكافرونَ هاذَا ساحِرٌ كذَّابٌ ( ( ص : ٤ ) إلى قوله :( أءُنزِلَ عليهِ الذكرُ من بيننا ( ( ص : ٨ )، فلما ابتدرهم الجواب عن ذلك التكذيب بأن نظَّر حالهم بحال الأمم المكذبة من قبلهم ولتنظير حال الرسول ( ﷺ ) بحال الأنبياء الذين صبروا، واستوعب ذلك بما فيه مقنع عاد الكلام إلى تحقيق مقام الرسول ( ﷺ ) من قومه فأمره الله أن يقول :( إنمَّا أنا مُنذِرٌ ( مقابل قولهم :( هاذَا ساحِرٌ