" صفحة رقم ٣٠٦ "
الدائمة وهذا التفريع من تركيب كلام متكلم على كلام متكلم آخر. وهو الملقب بعطف التلقين في قوله تعالى :( قال ومن ذريتي في سورة البقرة ).
أقسم الشيطان بعزة الله تحقيقاً لقيامه بالإِغواء دون تخلف، وإنما أقسم على ذلك وهو يعلم عظمة هذا القَسَم لأنه وجد في نفسه أن الله أقدره على القيام بالإِغواء والوسوسة وقد قال في سورة الحجر :( رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين.
والعزة : القهر والسلطان، وعزة الله هي العزة الكاملة التي لا تختل حقيقتها ولا يتخلف سلطانها، وقَسَم إبليس بها ناشىء عن علمه بأنه لا يستطيع الإِغواء إلا لأن الله أقدره ولولا ذلك لم يستطع نقض قدرة الله تعالى.
وتقدم تفسير نظير : ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين في سورة ( ( الحجر : ٤٠ ).
( ٨٤ ٨٥ )
أي قال الله تعالى تفريعاً، وهذا التفريع نظير التفريع في قوله :( فبعزَّتِكَ لأُغوينهم أجمعينَ ( ( ص : ٨٢ ).
وقوبل تأكيد عزمه الذي دل عليه قولُه ) فبعزتك ( ( ص : ٨٢ ) بتأكيدٍ مثله، وهو لفظ ) الحقَّ ( الدال على أن ما بعده حق ثابت لا يتخلف، ولم يزد في تأكيد الخبر على لفظ ) الحق ( تذكيراً بأن وعد الله تعالى حق لا يحتاج إلى قَسَم عليه ترفعاً من جلال الله عن أن يقابل كلام الشيطان بقَسَم مثله. ولذلك زاد هذا المعنى تقريراً بالجملة المعترضة وهي ) والحقّ أقول ( الذي هو بمعنى : لا أقول إلا الحق، ولا حاجة إلى القَسَم.
وقرأ الجمهور :( فالحقّ ( بالنصب وانتصابه على المفعولية المطلقة بدلاً عن فعل من لفظه محذوففٍ تقديره : أُحقّ، أي أُوْجب وأحقّق. وأصله التنكير، فتعريفه باللام تعريف الجنس كالتعريف في : أرسلَها العِراك، فهو في حكم النكرة


الصفحة التالية
Icon