فيما انفرد به سبحانه من الخلق والاختراع هذا واضح. وذهب الجمهور إلى أن تصوير ما ليس فيه روح يجوز هو والاكتساب به. وقد قال ابن عباس للذي سأل أن يصنع الصور : إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له خرجه مسلم أيضا. والمنع أولى والله أعلم لما ذكرنا. وسيأتي لهذا مزيد بيان في ﴿سَبَأ﴾ إن شاء الله تعالى ثم قال على جهة التوبيخ :﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ أي هل معبود مع الله يعينه على ذلك. ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ بالله غيره. وقيل :﴿يَعْدِلُونَ﴾ عن الحق والقصد ؛ أي يكفرون. وقيل :﴿إِلَهٌ﴾ مرفوع بـ ﴿مَعَ﴾ تقديره : أمع الله ويلكم إله. والوقف على ﴿مَعَ اللَّهِ﴾ حسن.
قوله تعالى :﴿أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً﴾ أي مستقرا. ﴿وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً﴾ أي وسطها مثل :﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً﴾ [الكهف : ٣٣]. ﴿وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾ يعني جبالا ثوابت تمسكها وتمنعها من الحركة. ﴿وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً﴾ مانعا من قدرته لئلا يختلط الأجاج بالعذب. وقال ابن عباس : سلطانا من قدرته فلا هذا يغير ذاك ولا ذاك يغير هذا. والحجز المنع. ﴿إِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ أي إذا ثبت أنه لا يقدر على هذا غيره فلم يعبدون ما لا يضر ولا ينفع. ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ يعني كأنهم يجهلون الله فلا يعلمون ما يجب له من الوحدانية.
الآية :[٦٢] ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾
الآية :[٦٣] ﴿أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
الآية :[٦٤] ﴿أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾