وكان - ﷺ - يقيم حدود الله على من وجب عليه ذلك في عدل وإنصاف لا تأخذه في ذلك لومة لائم ولا قرابة قريب ولا مكانة شريف، فها هو - ﷺ - وهو الصادق المصدوق البار في قسمه: لو أن ابنته سرقت لأقام عليها، لا يدفعه عنها كونها ابنة محمد - ﷺ -.
أخرج الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها: «أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - ﷺ - ومن يجترئ عليه إلا أسامة فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال: يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها»(١).
وهكذا كان - ﷺ - يقيم العدل، وينفذ الحدود في دولته.
وهذا عمر بن الخطاب يقيم العدل والقسط بين الناس، يحكم بالحق لرجل يهودي على مسلم، ولم يحمله كفر اليهودي على ظلمه والحيف عليه، أخرج الإمام مالك(٢) من طريق سعيد بن المسيب: «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اختصم إليه مسلم ويهودي، فرأى عمر أن الحق لليهودي فقضى له، فقال له اليهودي: والله لقد قضيت بالحق »(٣).
(٢) هو مالك بن أنس بن أبي عامر بن عمرو، إمام دار الهجرة، ولد عام ٥٣هـ، توفي ١٧٩هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (٨/٤٩-١٣٥).
(٣) الموطأ، كتاب الأقضية، باب الترغيب في القضاء بالحق، رقم الحديث: ٢.