لقد أوجب الإسلام على الحكام أن يقيموا العدل بين الناس دون النظر إلى لغاتهم أو أوطانهم أو أحوالهم الاجتماعية، فهو يعدل بين المتخاصمين ويحكم بالحق ولا يهمه أن يكون المحكوم لهم أصدقاء أو أعداء، أغنياء أو فقراء، عمالا أو أصحاب عمل، قال تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٨]، والمعنى لا يحملنكم بغض قوم على ظلمهم، ومقتضى هذا أنه لا يحملنكم حب قوم على محاباتهم والميل معهم(١).
يقول الأستاذ أبو علي المودودي - رحمه الله - معقبا على قوله تعالى: ﴿وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ [الشورى: ١٥] ما نصه: «يعني أنني مأمور بالإنصاف دون عداوة، فليس من شأني أن أتعصب لأحد أو ضد أحد، وعلاقتي بالناس كلهم سواء، وهي علاقة العدل والإنصاف، فأنا نصير من كان الحق في جانبه، وخصيم من كان الحق ضده، وليس في ديني أي امتيازات لأي فرد كائنا من كان، وليس لأقاربي حقوق، وللغرباء عني حقوق أخرى، ولا للأكابر عندي مميزات لا يحصل عليها الأصاغر، والشرفاء والوضعاء عندي سواء، فالحق حق للجميع والذنب والجرم ذنب للجميع، والحرام حرام على الكل والحلال حلال للكل، والفرض فرض على الكل حتى أنا نفسي لست مستثنى من سلطة القانون الإلهي»(٢).
إن من أهداف التمكين إقامة المجتمع المسلم الذي يسود فيه العدل بين الناس، ولابد من إقامة القضاء المستقل في الدولة المسلمة بحيث لا يتعرض القضاء لأي ضغوط كانت، ويصبحون لهم الحرية في إصدار أحكامهم العادلة فيما يعرض عليهم من قضايا في حرية تامة ولا تأخذهم في إقامة العدل لومة لائم، القوي والضعيف، الحاكم والمحكوم، المسلم والذمي، الراعي والمرعي، الأمير والحقير.. كل أمام القضاء سواء.
جـ- المساواة:
(٢) الحكومة الإسلامية، ص٢٠٢.