إن الإسلام جعل المساواة بين المسلمين في العبادات والمعاملات والحدود وغيرها، فما من عبادة إلا وتبرز فيها المساواة بين الناس بشكل واضح، فالصلاة مثلا نجد فيها الناس جميعا غنيهم وفقيرهم، حاكمهم ومحكومهم، شريفهم ووضيعهم يصلون في مكان واحد هو المسجد، ويقفون صفوفا متراصة، الفقير بجانب الغني والحاكم بجانب المحكوم، وفي صلاة العيد نجد الناس يقفون جميعا على صعيد واحد وفي العراء لا يظلهم شيء
من الحر.
وفي الحج ماذا يلاحظ المسلم، إنه يجد الناس قد جاءوا من كل حدب وصوب، ومن كل فج عميق بلغات متباينة وألوان مختلفة، ومن أوطان متعددة، وأجناس شتى، يلبسون ثيابًا بيضاء، ويقفون موقفًا واحدًا هو عرفة، ويطوفون طوافا معينا في وقت معين، يقومون بسائر المناسك متساوين لا يتفاضلون في الهيئة والوقت وغير ذلك.
والصوم فريضة الله على الجميع، فقراء وأغنياء، ذكورًا وإناثًا، لم يميز قومًا على قوم أو طبقة على طبقة أو حاكما على محكوم، فأوجبه على جميع الناس ولم يعف منه أحدا حتى ولو كان رئيس الدولة متى توافرت فيه شروط الوجوب، وكذلك الزكاة فقد فرضت على سائر القادرين عليها دون أن يستثنى أحد منهم حتى ولو كان كريما سخيا يبذل أكثر من الزكاة المستحقة في ماله، وفي الحدود وسائر العقوبات فإن الناس أمام الشرع سواء(١).
إن الناس جميعا في نظر الإسلام سواسية، الحاكم والمحكوم، الرجال والنساء، العرب والعجم، الأبيض والأسود، لقد ألغى الإسلام الفوارق بين الناس بسبب الجنس واللون أو النسب أو الطبقة، والحكام والمحكومون كلهم في نظر الشرع سواء.