وجاءت ممارسات المسلمين التطبيقية خير شاهد على ذلك، فهذا أبو بكر في أول خطبة له بعد أن تولى الخلافة يقول: «وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي عنده حتى آخذ له حقه»(١).
وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول في خطبة له: «أيها الناس من رأى فيَّ اعوجاجا فليقومه، فيقف رجل من وسط الناس يقول: يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بحد سيوفنا، فيقول عمر: الحمد لله الذي جعل في أمة محمد - ﷺ - من يقوم اعوجاج عمر بحد سيفه»(٢).
وهذا عمر بن عبد العزيز لما تولى الخلافة أقسم أنه يود أن يساوي في المعيشة بين نفسه وعشيرته، وبين الناس، فقال: «أما والله لوددت أنه بدئ بي، وبلحمتي، التي أنا منها، حتى يستوي عيشنا وعيشكم، أما والله لو أردت غير هذا من الكلام، لكان اللسان به منبسطا، ولكنت بأسبابه عارفا»(٣)، وقال في خطبة له: «.... وما منكم من أحد تبلغنا حاجته، إلا أحببت أن أسد من حاجته، ما قدرت عليه...» (٤).

(١) البداية والنهاية لابن كثير (٥/٢٤٨).
(٢) انظر: نظام الحكم في الإسلام، د. عارف خليل، ص٢٧١.
(٣) سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص١١٢.
(٤) تاريخ الأمم والملوك (٦/٥٧١).


الصفحة التالية
Icon