له على قدر حاجتها وفي وقت تلك الحاجة فما هو إلا أن آنس تطلع النفس واستشراقها من تلك الكلمة إلى غاية إذا هو قد استوى بها إلى تلك الغاية ووقفها عليها تامة كاملة وانظر كيف عدل بالإسناد عن وضعه الأصلي وأعرض عن ذكر الكاسب الحقيقي لتلك الجرائم فلم يقل فلم قتل آباؤكم أنبياء الله واتخذوا العجل وقالوا سمعنا وعصينا إذ كان القول على هذا الوضع حجة داحضة في بادئ الرأي مثلها كمثل محاجة الذئب للحمل في الأسطورة المشهورة فكان يحق لهم في جوابها أن يقولوا وما لنا ولآبائنا تلك أمة قد خلت ولا تزر وازرة وزر أخرى ولو زاد مثلا وأنتم مثلهم قد تشابهت قلوبكم وقلوبهم لجاء هذا التدارك بعد فوات الوقت ولتراخي حبل الكلام وفترت قوته فكان اختصار الكلام على ما ترى بوقفهم بادئ ذي بدء في موقف الاتهام إسراعا بتسديد سهم الحجة إلى هدفها وتنبيها في الوقت نفسه على أنهم ذرية بعضها من بعض وأنهم سواسية في الجرم فعلى أيهم وضعت يدك فقد وضعتها على الجاني الأثيم لأنهم لا ينفكون على الاستنان بسنة أسلافهم أو الرضى عن أفاعيلهم أو الانطواء على مثل مقاصدهم وانظر كيف زاد هذا المعنى ترشيحا بإخراج الجريمة الأولى وهي جريمة القتل في صيغة الفعل المضارع تصويرا لها بصورة الأمر


الصفحة التالية
Icon