إلى صاحبه ليس سابقا ولا مستعليا فأنى يكون كل منهما إلها وللإله المثل الأعلى أرأيت كم أفدنا من هذه الكاف وجوها من المعاني كلها شاف كاف فاحفظ هذا المثال وتعرف به دقة الميزان الذي وضع عليه النظم الحكيم حرفا حرفا وبعد فإن سر الإيجاز في القرآن لا يقف عند الحد الذي أشرنا إليه من اجتناب الحشو والفضول بتة وانتقاء الألفاظ الجامعة المانعة التي هي بطبيعتها اللغوية أتم تحديدا للغرض وأعظم اتساعا لمعانيه المناسبة لا بل إنه كثيرا ما يسلك في إيجازه سبيلا أعز وأعجب فلقد تراه يعمد بعد حذف فضول الكلام وزوائده إلى حذف شيء من أصوله وأركانه التي لا يتم الكلام في العادة بدونها ولا يستقيم المعنى إلا بها ولقد يتناول بهذا الحذف كلمات وجملا كثيرة متلاحقة ومتفرقة في القطعة الواحدة ثم تراه في الوقت نفسه يستثمر تلك البقية الباقية من اللفظ في تأدية المعنى كله بجلاء ووضوح وفي طلاوة وعذوبة حتى يخيل إليك من سهولة مسلك المعنى في لفظة أن لفظه أوسع منه قليلا فإذا ما طلبت سر ذلك رأيته قد أودع معنى تلك الكلمات أو الجمل


الصفحة التالية
Icon