- بأنه رجل مسحور.. وكأنما يسبق بمقولاتهم الجاحدة لربهم كي يهون على نفس الرسول - ﷺ - مقولاتهم عنه وعن رسالته.. ومن ثم يعلن ضلالهم وتكذيبهم بالساعة، ويتوعدهم بما أعده اللّه لهم من سعير، يلقون فيها مكانا ضيقا مقرنين. ويعرض في الصفحة المقابلة صورة المؤمنين في الجنة.
«لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ».. ويستمر في عرض مشهدهم يوم الحشر، ومواجهتهم بما كانوا يعبدون من دون اللّه، وتكذيب هؤلاء لهم فيما كانوا يدعون على اللّه من شرك.. وينتهي هذا الشوط بتسلية الرسول - ﷺ - بأن الرسل جميعا كانوا بشرا مثله، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.
ويبدأ الشوط الثاني بتطاول المكذبين بلقاء اللّه على اللّه، وقولهم :«لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا».
ويعاجلهم بمشهد اليوم الذي يرون فيه الملائكة.. «وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً».. «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ : يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا».. ليكون في ذلك تأسية للرسول - ﷺ - وهم يهجرون القرآن، وهو يشكو لربه هذا الهجران. وهم يعترضون على طريقة تنزيله ويقولون :«لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً». ويعقب على هذا الاعتراض بمشهدهم يوم القيامة يحشرون على وجوههم، وهم المكذبون بيوم القيامة، وبتصوير عاقبة المكذبين قبلهم من قوم موسى وقوم نوح، وعاد وثمود وأصحاب الرس والقرون الكثيرة بين ذلك، ويعجب من أمرهم وهم يمرون على قرية لوط المدمرة ولا يعتبرون.
فيهون بذلك كله من وقع تطاولهم على الرسول - ﷺ - وقولهم :«أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا؟» ثم يعقب على هذا الاستهزاء بتحقيرهم ووضعهم في صف الأنعام بل دون ذلك :«إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا».
والشوط الثالث جولة في مشاهد الكون تبدأ بمشهد الظل، وتستطرد إلى تعاقب الليل والنهار، والرياح المبشرة بالماء المحيي، وخلقة البشر من الماء. ومع هذا فهم يعبدون من دون اللّه ما لا ينفعهم ولا يضرهم، ويتظاهرون على ربهم وخالقهم، ويتطاولون في قحة إذا دعوا إلى عبادة اللّه الحق.. «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا : وَمَا الرَّحْمنُ؟».. وهو «الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً. وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً».. ولكنهم هم لا يتذكرون ولا يشكرون..
ثم يجئ الشوط الأخير يصور «عِبادُ الرَّحْمنِ» الذين يسجدون له ويعبدونه، ويسجل مقوماتهم التي استحقوا بها هذه الصفة الرفيعة. ويفتح باب التوبة لمن يرغب في أن يسلك طريقة عباد الرحمن. ويصور