تفسير سورة الرّوم

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الروم من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة الروم

بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ الم غلبت الروم ﴾ قال : كانت فارس قد غلبت الروم في أدنى الأرض، وهي الجزيرة، وهي أقرب أرض الروم٢ إلى فارس :﴿ وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة، وعن رجل عن الشعبي قالا : لما نزلت ﴿ وهم من بعد غلبهم سيغلبون ﴾ فبلغنا أن المسلمين والمشركين حيث٣ تخاطروا بينهم قبل أن ينزل تحريم القمار فضربوا بينهم أجلا فجاء ذلك الأجل، ولم يكن ذلك، قال : فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال :" لو ضربتم أجلا آخر فإن البضع يكون بين الثلاث إلى التسع والعشر " فزادوهم في الخطر٤ ومدوا لهم في الأجل، قال : فظهروا في تسع سنين ففرح المؤمنون يومئذ بالقمار الذي أصابوا من المشركين٥ ﴿ بنصر الله ينصر من يشاء ﴾ وكانوا يحبون أن يظهر أهل الكتاب على المجوس، وكان ذلك تشديدا للإسلام. قال عبد الرزاق : قال معمر : وكان مجاهد وقتادة يقولان : قد مضى. عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق أن ابن مسعود قال : قد مضت آية الروم، وقد مضى ﴿ فسوف يكون لزاما ﴾٦ واللزام : القتل يوم بدر، وقال : وقد مضت ﴿ البطشة الكبرى ﴾٧ يوم بدر.
١ البسملة من (م)..
٢ في (ق) أقرب الأرض. وما أثبتناه من (م)..
٣ كلمة (حيث) من (ق)..
٤ في (م) في الخطار..
٥ رواه الترمذي في التفسير انظر ج ٥ ص ٢٣ وما بعدها، وقال: حديث حسن صحيح غريب..
٦ الآية: ٧٧ من سورة الفرقان..
٧ الآية: ١٦ من سورة الدخان..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ﴾ قال : يعلمون تجارتها وحرفتها١ وبيعها ﴿ وهم عن الآخرة هم غافلون ﴾
١ في هامش (ق) الحرفة: الإقبال والإدبار، والحرفة تطلق على الصناعة، والكسب..
عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزيق قال : خاصم نافع ابن الأزرق ابن عباس فقال : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال ابن عباس : نعم. ثم قرأ عليه :﴿ فسبحان الله حين تمسون ﴾ المغرب ﴿ وحين تصبحون ﴾ الفجر ﴿ وعشيا ﴾ العصر ﴿ وحين تظهرون ﴾ الظهر، ثم قرأ ﴿ ومن بعد صلاة العشاء ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزيق قال : خاصم نافع ابن الأزرق ابن عباس فقال : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال ابن عباس : نعم. ثم قرأ عليه :﴿ فسبحان الله حين تمسون ﴾ المغرب ﴿ وحين تصبحون ﴾ الفجر ﴿ وعشيا ﴾ العصر ﴿ وحين تظهرون ﴾ الظهر، ثم قرأ ﴿ ومن بعد صلاة العشاء ﴾.
قال عبد الرزاق : قال : أنا معمر عن قتادة أن في حرف ابن مسعود ( بدأ الخلق ثم يعيده وهو عليه هين ).
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ضرب لكم مثلا من أنفسكم ﴾ قال : هذا مثل ضرب للمشركين يقول :﴿ ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم ﴾ يقول : ليس من أحد يرضى لنفسه أن يشاركه عبده١ في ماله ونفسه وزوجه حتى يكون بمثله، ويقول : فقد رضي بذلك ناس لله فجعله معه إلها شريكا.
١ في (م) غيره. وهو تصحيف، والروايات في الدر تؤيد ما أثبتناه حيث ذكر المملوك في سياق الآية..
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن أبا هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه١ وينصرانه ويمجسانه٢ كما تنتج البهيمة بهيمة٣ هل تحسون فيها من جدعاء " ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم :﴿ فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ﴾ قال معمر : وقال قتادة : لا تبديل لدين الله. قال عبد الرزاق : وقال معمر : وكان الحسن يقول : فطرة الله الإسلام.
١ في (م) أو ينصرانه أو يمجسانه، وما أثبتناه من (ق) ويؤيده ما في الصحيحن..
٢ في هامش (ق) قال الخشني: قال الأوزاعي: أنه لا يهوده أبوه ولا ينصره ولا يمجسه إلا بما قدر الله عليه..
٣ في رواية الشيخين بهيمة جمعاء. انظر البخاري في الجنائز ج ٢ ص ٩٧. ومسلم في القدر ج ٨ ص ٥٢..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ فآت ذا القربى حقه ﴾ قال : إذا كان لك ذو قرابة فلم تصله بمالك ولم تمش إليه برجلك فقد قطعته.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن ابن عباس١ في قوله تعالى :﴿ وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس ﴾ قال : هي هدية الرجل يهدي الشيء يريد أن يثاب أفضل منه فذلك الذي لا يربو عند الله، لا يؤجر٢ فيه صاحبه ولا إثم عليه ﴿ وما آتيتم من زكاة ﴾ قال : هي الصدقة ﴿ تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ﴾. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثل ذلك. عبد الرزاق قال : أنا عبد العزيز بن أبي رواد عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى :﴿ وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس ﴾ قال : هو الربا الحلال، الرجل٣ يهدي الشيء ليثاب أفضل منه فذلك لا له ولا عليه ليس له فيه أجر، وليس عليه فيه إثم.
١ (عن ابن عباس) من (ق)..
٢ في (م) لا يربو فيه صاحبه. وهو تصحيف..
٣ كلمة (الرجل) من (م)..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ظهر الفساد في البر والبحر ﴾ قال هو : الشرك امتلأت الأرض ضلالة وظلما، والبر أهل البوادي، والبحر أهل القرى ﴿ بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ﴾.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بقلب سليم قال سليم من الشرك.
سورة الروم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الرُّومِ) من السُّوَر المكية، وهي السورة الوحيدة التي ذُكِر فيها (الرُّومُ)؛ ولهذا سُمِّيت بهذا الاسم، وقد اشتمَلتْ هذه السورة الكريمة على الإخبارِ بغيبِ المستقبَل؛ من أن (الرُّومَ) سيكونون غالبين بعد أن كانوا مغلوبين، وفي ذلك تأكيدٌ لصِدْقِ النبي صلى الله عليه وسلم، ومقصودُ السورة عظيم؛ ألا وهو: ردُّ الأمر كلِّه لله، مِن قبلُ ومِن بعدُ؛ مما يدعو كلَّ مؤمن إلى صدقِ التوكل عليه، والالتجاء إليه، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في الفجر.

ترتيبها المصحفي
30
نوعها
مكية
ألفاظها
817
ترتيب نزولها
84
العد المدني الأول
60
العد المدني الأخير
59
العد البصري
60
العد الكوفي
60
العد الشامي
60

* سورةُ (الرُّومِ):

سُمِّيت سورةُ (الرُّومِ) بذلك؛ لأنه ورَد فيها ذِكْرُ (الرُّومِ)، ولم يَرِدْ في غيرها من القرآن.

* أُثِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورةَ (الرُّومِ) في الفجرِ:

عن أبي مالكٍ الأغَرِّ المُزَنيِّ رضي الله عنه، قال: «صلَّيْتُ مع النبيِّ ﷺ، فقرَأَ سورةَ الرُّومِ في الصُّبْحِ». أخرجه الطبراني (٨٨٤).

اشتمَلتْ سورة (الرُّومِ) على عِدَّةِ موضوعات؛ وهي:

1. الإخبار عن غيب المستقبَل (١-٧).

2. التفكير في مخلوقات الله يدل على وجوده، وهو الذي يُعِيد خَلْقَ الإنسان يوم القيامة (٨-١٦).

3. تنزيه الله وَحْده، وأدلة وجوده وربوبيَّتِه سبحانه وتعالى (١٧-٢٧).

4. إثبات الوَحْدانية، وبطلان الشِّرك، والأمر باتباع الإسلام (٢٨-٣٢).

5. لجوء الناس إلى الله عند الشدائد، وإعراضهم عند زوالها (٣٣-٣٧).

6. الحث على الإنفاق لذوي الأرحام، والتحذير من المال الحرام (٣٨-٤٠).

7. جزاء المفسدين والمؤمنين (٤١-٤٥).

8. الرِّياح والأمطار دالة على قدرة الله تعالى، وتشبيهُ الكفار بالموتى (٤٦-٥٣).

9. أطوار حياة الإنسان، قَسَمُ المجرمين في الآخرة (٥٤-٥٧).

10. الأمثال للعِبْرة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على الدعوة (٥٨-٦٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /4).

إثباتُ الأمرِ كلِّه لله عزَّ وجلَّ؛ فهو صاحب الحقِّ، المتصفُ بالرُّبوبية والألوهية وكلِّ صفات الكمال، والقادرُ على كل شيء، فيأتي البعثُ، ونصرُ أوليائه، وخِذْلان أعدائه؛ وهذا هو المقصود بالذات، واسمُ السورة واضح فيه؛ بما كان من السبب في نصرِ (الرُّوم) من الوعد الصادق، والسرِّ المكتوم، ومن أعظم ما اشتملت عليه: التصريحُ بأن الإسلامَ دِينٌ فطَر اللهُ الناسَ عليه، وأن مَن ابتغى غيرَه دِينًا فقد حاول تبديلَ ما خلَق الله، وأنَّى له ذلك؟!

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /349)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /41).