سورة يوسف

برواية حفص عن عاصم

قَالَ يٰبُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُءْيَاكَ عَلٰ٘ي اِخْوَتِكَ فَيَكِيْدُوْا لَكَ كَيْدًاﵧ اِنَّ الشَّيْطٰنَ لِلْاِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِيْنٌ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيْكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَاْوِيْلِ الْاَحَادِيْثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهٗ عَلَيْكَ وَعَلٰ٘ي اٰلِ يَعْقُوْبَ كَمَا٘ اَتَمَّهَا عَلٰ٘ي اَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ اِبْرٰهِيْمَ وَاِسْحٰقَﵧ اِنَّ رَبَّكَ عَلِيْمٌ حَكِيْمٌ لَقَدْ كَانَ فِيْ يُوْسُفَ وَاِخْوَتِهٖ٘ اٰيٰتٌ لِّلسَّآئِلِيْنَ اِذْ قَالُوْا لَيُوْسُفُ وَاَخُوْهُ اَحَبُّ اِلٰ٘ي اَبِيْنَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌﵧ اِنَّ اَبَانَا لَفِيْ ضَلٰلٍ مُّبِيْنِ اِۨقْتُلُوْا يُوْسُفَ اَوِ اطْرَحُوْهُ اَرْضًا يَّخْلُ لَكُمْ وَجْهُ اَبِيْكُمْ وَتَكُوْنُوْا مِنْۣ بَعْدِهٖ قَوْمًا صٰلِحِيْنَ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوْا يُوْسُفَ وَاَلْقُوْهُ فِيْ غَيٰبَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ اِنْ كُنْتُمْ فٰعِلِيْنَ قَالُوْا يٰ٘اَبَانَا مَا لَكَ لَا تَاْمَنَّا عَلٰي يُوْسُفَ وَاِنَّا لَهٗ لَنٰصِحُوْنَ اَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَّرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَاِنَّا لَهٗ لَحٰفِظُوْنَ قَالَ اِنِّيْ لَيَحْزُنُنِيْ٘ اَنْ تَذْهَبُوْا بِهٖ وَاَخَافُ اَنْ يَّاْكُلَهُ الذِّئْبُ وَاَنْتُمْ عَنْهُ غٰفِلُوْنَ قَالُوْا لَئِنْ اَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ اِنَّا٘ اِذًا لَّخٰسِرُوْنَ
فَلَمَّا ذَهَبُوْا بِهٖ وَاَجْمَعُوْ٘ا اَنْ يَّجْعَلُوْهُ فِيْ غَيٰبَتِ الْجُبِّﵐ وَاَوْحَيْنَا٘ اِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِاَمْرِهِمْ هٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُوْنَ وَجَآءُوْ٘ اَبَاهُمْ عِشَآءً يَّبْكُوْنَ قَالُوْا يٰ٘اَبَانَا٘ اِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوْسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَاَكَلَهُ الذِّئْبُﵐ وَمَا٘ اَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صٰدِقِيْنَ وَجَآءُوْ عَلٰي قَمِيْصِهٖ بِدَمٍ كَذِبٍﵧ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ اَنْفُسُكُمْ اَمْرًاﵧ فَصَبْرٌ جَمِيْلٌﵧ وَاللّٰهُ الْمُسْتَعَانُ عَلٰي مَا تَصِفُوْنَ وَجَآءَتْ سَيَّارَةٌ فَاَرْسَلُوْا وَارِدَهُمْ فَاَدْلٰي دَلْوَهٗﵧ قَالَ يٰبُشْرٰي هٰذَا غُلٰمٌﵧ وَاَسَرُّوْهُ بِضَاعَةًﵧ وَاللّٰهُ عَلِيْمٌۣ بِمَا يَعْمَلُوْنَ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍۣ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُوْدَةٍﵐ وَكَانُوْا فِيْهِ مِنَ الزَّاهِدِيْنَ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرٰىهُ مِنْ مِّصْرَ لِامْرَاَتِهٖ٘ اَكْرِمِيْ مَثْوٰىهُ عَسٰ٘ي اَنْ يَّنْفَعَنَا٘ اَوْ نَتَّخِذَهٗ وَلَدًاﵧ وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوْسُفَ فِي الْاَرْضِﵟ وَلِنُعَلِّمَهٗ مِنْ تَاْوِيْلِ الْاَحَادِيْثِﵧ وَاللّٰهُ غَالِبٌ عَلٰ٘ي اَمْرِهٖ وَلٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُوْنَ وَلَمَّا بَلَغَ اَشُدَّهٗ٘ اٰتَيْنٰهُ حُكْمًا وَّعِلْمًاﵧ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِيْنَ
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِيْ هُوَ فِيْ بَيْتِهَا عَنْ نَّفْسِهٖ وَغَلَّقَتِ الْاَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَﵧ قَالَ مَعَاذَ اللّٰهِ اِنَّهٗ رَبِّيْ٘ اَحْسَنَ مَثْوَايَﵧ اِنَّهٗ لَا يُفْلِحُ الظّٰلِمُوْنَ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهٖ وَهَمَّ بِهَاﵐ لَوْلَا٘ اَنْ رَّاٰ بُرْهَانَ رَبِّهٖﵧ كَذٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوْٓءَ وَالْفَحْشَآءَﵧ اِنَّهٗ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِيْنَ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيْصَهٗ مِنْ دُبُرٍ وَّاَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِﵧ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ اَرَادَ بِاَهْلِكَ سُوْٓءًا اِلَّا٘ اَنْ يُّسْجَنَ اَوْ عَذَابٌ اَلِيْمٌ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِيْ عَنْ نَّفْسِيْ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ اَهْلِهَاﵐ اِنْ كَانَ قَمِيْصُهٗ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكٰذِبِيْنَ وَاِنْ كَانَ قَمِيْصُهٗ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصّٰدِقِيْنَ فَلَمَّا رَاٰ قَمِيْصَهٗ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ اِنَّهٗ مِنْ كَيْدِكُنَّﵧ اِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيْمٌ يُوْسُفُ اَعْرِضْ عَنْ هٰذَاﶌ وَاسْتَغْفِرِيْ لِذَنْۣبِكِﵗ اِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخٰطِـِٕيْنَ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِيْنَةِ امْرَاَتُ الْعَزِيْزِ تُرَاوِدُ فَتٰىهَا عَنْ نَّفْسِهٖﵐ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّاﵧ اِنَّا لَنَرٰىهَا فِيْ ضَلٰلٍ مُّبِيْنٍ
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ اَرْسَلَتْ اِلَيْهِنَّ وَاَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَاً وَّاٰتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيْنًا وَّقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّﵐ فَلَمَّا رَاَيْنَهٗ٘ اَكْبَرْنَهٗ وَقَطَّعْنَ اَيْدِيَهُنَّﵟ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّٰهِ مَا هٰذَا بَشَرًاﵧ اِنْ هٰذَا٘ اِلَّا مَلَكٌ كَرِيْمٌ قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ الَّذِيْ لُمْتُنَّنِيْ فِيْهِﵧ وَلَقَدْ رَاوَدْتُّهٗ عَنْ نَّفْسِهٖ فَاسْتَعْصَمَﵧ وَلَئِنْ لَّمْ يَفْعَلْ مَا٘ اٰمُرُهٗ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوْنًا مِّنَ الصّٰغِرِيْنَ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ اَحَبُّ اِلَيَّ مِمَّا يَدْعُوْنَنِيْ٘ اِلَيْهِﵐ وَاِلَّا تَصْرِفْ عَنِّيْ كَيْدَهُنَّ اَصْبُ اِلَيْهِنَّ وَاَكُنْ مِّنَ الْجٰهِلِيْنَ فَاسْتَجَابَ لَهٗ رَبُّهٗ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّﵧ اِنَّهٗ هُوَ السَّمِيْعُ الْعَلِيْمُ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّنْۣ بَعْدِ مَا رَاَوُا الْاٰيٰتِ لَيَسْجُنُنَّهٗ حَتّٰي حِيْنٍ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيٰنِﵧ قَالَ اَحَدُهُمَا٘ اِنِّيْ٘ اَرٰىنِيْ٘ اَعْصِرُ خَمْرًاﵐ وَقَالَ الْاٰخَرُ اِنِّيْ٘ اَرٰىنِيْ٘ اَحْمِلُ فَوْقَ رَاْسِيْ خُبْزًا تَاْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُﵧ نَبِّئْنَا بِتَاْوِيْلِهٖﵐ اِنَّا نَرٰىكَ مِنَ الْمُحْسِنِيْنَ قَالَ لَا يَاْتِيْكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقٰنِهٖ٘ اِلَّا نَبَّاْتُكُمَا بِتَاْوِيْلِهٖ قَبْلَ اَنْ يَّاْتِيَكُمَاﵧ ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِيْ رَبِّيْﵧ اِنِّيْ تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُوْنَ بِاللّٰهِ وَهُمْ بِالْاٰخِرَةِ هُمْ كٰفِرُوْنَ
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ اٰبَآءِيْ٘ اِبْرٰهِيْمَ وَاِسْحٰقَ وَيَعْقُوْبَﵧ مَا كَانَ لَنَا٘ اَنْ نُّشْرِكَ بِاللّٰهِ مِنْ شَيْءٍﵧ ذٰلِكَ مِنْ فَضْلِ اللّٰهِ عَلَيْنَا وَعَلَي النَّاسِ وَلٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُوْنَ يٰصَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَاَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُوْنَ خَيْرٌ اَمِ اللّٰهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِهٖ٘ اِلَّا٘ اَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوْهَا٘ اَنْتُمْ وَاٰبَآؤُكُمْ مَّا٘ اَنْزَلَ اللّٰهُ بِهَا مِنْ سُلْطٰنٍﵧ اِنِ الْحُكْمُ اِلَّا لِلّٰهِﵧ اَمَرَ اَلَّا تَعْبُدُوْ٘ا اِلَّا٘ اِيَّاهُﵧ ذٰلِكَ الدِّيْنُ الْقَيِّمُ وَلٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُوْنَ يٰصَاحِبَيِ السِّجْنِ اَمَّا٘ اَحَدُكُمَا فَيَسْقِيْ رَبَّهٗ خَمْرًاﵐ وَاَمَّا الْاٰخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَاْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَّاْسِهٖﵧ قُضِيَ الْاَمْرُ الَّذِيْ فِيْهِ تَسْتَفْتِيٰنِ وَقَالَ لِلَّذِيْ ظَنَّ اَنَّهٗ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِيْ عِنْدَ رَبِّكَﵟ فَاَنْسٰىهُ الشَّيْطٰنُ ذِكْرَ رَبِّهٖ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِيْنَ وَقَالَ الْمَلِكُ اِنِّيْ٘ اَرٰي سَبْعَ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ يَّاْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَّسَبْعَ سُنْۣبُلٰتٍ خُضْرٍ وَّاُخَرَ يٰبِسٰتٍﵧ يٰ٘اَيُّهَا الْمَلَاُ اَفْتُوْنِيْ فِيْ رُءْيَايَ اِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُوْنَ
قَالُوْ٘ا اَضْغَاثُ اَحْلَامٍﵐ وَمَا نَحْنُ بِتَاْوِيْلِ الْاَحْلَامِ بِعٰلِمِيْنَ وَقَالَ الَّذِيْ نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ اُمَّةٍ اَنَا اُنَبِّئُكُمْ بِتَاْوِيْلِهٖ فَاَرْسِلُوْنِ يُوْسُفُ اَيُّهَا الصِّدِّيْقُ اَفْتِنَا فِيْ سَبْعِ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ يَّاْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَّسَبْعِ سُنْۣبُلٰتٍ خُضْرٍ وَّاُخَرَ يٰبِسٰتٍﶈ لَّعَلِّيْ٘ اَرْجِعُ اِلَي النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُوْنَ قَالَ تَزْرَعُوْنَ سَبْعَ سِنِيْنَ دَاَبًاﵐ فَمَا حَصَدْتُّمْ فَذَرُوْهُ فِيْ سُنْۣبُلِهٖ٘ اِلَّا قَلِيْلًا مِّمَّا تَاْكُلُوْنَ ثُمَّ يَاْتِيْ مِنْۣ بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَّاْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ اِلَّا قَلِيْلًا مِّمَّا تُحْصِنُوْنَ ثُمَّ يَاْتِيْ مِنْۣ بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيْهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيْهِ يَعْصِرُوْنَ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُوْنِيْ بِهٖﵐ فَلَمَّا جَآءَهُ الرَّسُوْلُ قَالَ ارْجِعْ اِلٰي رَبِّكَ فَسْــَٔلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الّٰتِيْ قَطَّعْنَ اَيْدِيَهُنَّﵧ اِنَّ رَبِّيْ بِكَيْدِهِنَّ عَلِيْمٌ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ اِذْ رَاوَدْتُّنَّ يُوْسُفَ عَنْ نَّفْسِهٖﵧ قُلْنَ حَاشَ لِلّٰهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوْٓءٍﵧ قَالَتِ امْرَاَتُ الْعَزِيْزِ الْــٰٔنَ حَصْحَصَ الْحَقُّﵟ اَنَا رَاوَدْتُّهٗ عَنْ نَّفْسِهٖ وَاِنَّهٗ لَمِنَ الصّٰدِقِيْنَ ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ اَنِّيْ لَمْ اَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَاَنَّ اللّٰهَ لَا يَهْدِيْ كَيْدَ الْخَآئِنِيْنَ
وَمَا٘ اُبَرِّئُ نَفْسِيْﵐ اِنَّ النَّفْسَ لَاَمَّارَةٌۣ بِالسُّوْٓءِ اِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيْﵧ اِنَّ رَبِّيْ غَفُوْرٌ رَّحِيْمٌ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُوْنِيْ بِهٖ٘ اَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِيْﵐ فَلَمَّا كَلَّمَهٗ قَالَ اِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِيْنٌ اَمِيْنٌ قَالَ اجْعَلْنِيْ عَلٰي خَزَآئِنِ الْاَرْضِﵐ اِنِّيْ حَفِيْظٌ عَلِيْمٌ وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوْسُفَ فِي الْاَرْضِﵐ يَتَبَوَّاُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُﵧ نُصِيْبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَّشَآءُ وَلَا نُضِيْعُ اَجْرَ الْمُحْسِنِيْنَ وَلَاَجْرُ الْاٰخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِيْنَ اٰمَنُوْا وَكَانُوْا يَتَّقُوْنَ وَجَآءَ اِخْوَةُ يُوْسُفَ فَدَخَلُوْا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهٗ مُنْكِرُوْنَ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُوْنِيْ بِاَخٍ لَّكُمْ مِّنْ اَبِيْكُمْﵐ اَلَا تَرَوْنَ اَنِّيْ٘ اُوْفِي الْكَيْلَ وَاَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِيْنَ فَاِنْ لَّمْ تَاْتُوْنِيْ بِهٖ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِيْ وَلَا تَقْرَبُوْنِ قَالُوْا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ اَبَاهُ وَاِنَّا لَفٰعِلُوْنَ وَقَالَ لِفِتْيٰنِهِ اجْعَلُوْا بِضَاعَتَهُمْ فِيْ رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُوْنَهَا٘ اِذَا انْقَلَبُوْ٘ا اِلٰ٘ي اَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ فَلَمَّا رَجَعُوْ٘ا اِلٰ٘ي اَبِيْهِمْ قَالُوْا يٰ٘اَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَاَرْسِلْ مَعَنَا٘ اَخَانَا نَكْتَلْ وَاِنَّا لَهٗ لَحٰفِظُوْنَ
قَالَ هَلْ اٰمَنُكُمْ عَلَيْهِ اِلَّا كَمَا٘ اَمِنْتُكُمْ عَلٰ٘ي اَخِيْهِ مِنْ قَبْلُﵧ فَاللّٰهُ خَيْرٌ حٰفِظًاﵣ وَّهُوَ اَرْحَمُ الرّٰحِمِيْنَ ﰿ وَلَمَّا فَتَحُوْا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوْا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ اِلَيْهِمْﵧ قَالُوْا يٰ٘اَبَانَا مَا نَبْغِيْﵧ هٰذِهٖ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ اِلَيْنَاﵐ وَنَمِيْرُ اَهْلَنَا وَنَحْفَظُ اَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيْرٍﵧ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَّسِيْرٌ قَالَ لَنْ اُرْسِلَهٗ مَعَكُمْ حَتّٰي تُؤْتُوْنِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّٰهِ لَتَاْتُنَّنِيْ بِهٖ٘ اِلَّا٘ اَنْ يُّحَاطَ بِكُمْﵐ فَلَمَّا٘ اٰتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّٰهُ عَلٰي مَا نَقُوْلُ وَكِيْلٌ وَقَالَ يٰبَنِيَّ لَا تَدْخُلُوْا مِنْۣ بَابٍ وَّاحِدٍ وَّادْخُلُوْا مِنْ اَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍﵧ وَمَا٘ اُغْنِيْ عَنْكُمْ مِّنَ اللّٰهِ مِنْ شَيْءٍﵧ اِنِ الْحُكْمُ اِلَّا لِلّٰهِﵧ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُﵐ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُوْنَ وَلَمَّا دَخَلُوْا مِنْ حَيْثُ اَمَرَهُمْ اَبُوْهُمْﵧ مَا كَانَ يُغْنِيْ عَنْهُمْ مِّنَ اللّٰهِ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا حَاجَةً فِيْ نَفْسِ يَعْقُوْبَ قَضٰىهَاﵧ وَاِنَّهٗ لَذُوْ عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنٰهُ وَلٰكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُوْنَ وَلَمَّا دَخَلُوْا عَلٰي يُوْسُفَ اٰوٰ٘ي اِلَيْهِ اَخَاهُ قَالَ اِنِّيْ٘ اَنَا اَخُوْكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوْا يَعْمَلُوْنَ
فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِيْ رَحْلِ اَخِيْهِ ثُمَّ اَذَّنَ مُؤَذِّنٌ اَيَّتُهَا الْعِيْرُ اِنَّكُمْ لَسٰرِقُوْنَ قَالُوْا وَاَقْبَلُوْا عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُوْنَ قَالُوْا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَآءَ بِهٖ حِمْلُ بَعِيْرٍ وَّاَنَا بِهٖ زَعِيْمٌ قَالُوْا تَاللّٰهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْاَرْضِ وَمَا كُنَّا سٰرِقِيْنَ قَالُوْا فَمَا جَزَآؤُهٗ٘ اِنْ كُنْتُمْ كٰذِبِيْنَ قَالُوْا جَزَآؤُهٗ مَنْ وُّجِدَ فِيْ رَحْلِهٖ فَهُوَ جَزَآؤُهٗﵧ كَذٰلِكَ نَجْزِي الظّٰلِمِيْنَ فَبَدَاَ بِاَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ اَخِيْهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِّعَآءِ اَخِيْهِﵧ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوْسُفَﵧ مَا كَانَ لِيَاْخُذَ اَخَاهُ فِيْ دِيْنِ الْمَلِكِ اِلَّا٘ اَنْ يَّشَآءَ اللّٰهُﵧ نَرْفَعُ دَرَجٰتٍ مَّنْ نَّشَآءُﵧ وَفَوْقَ كُلِّ ذِيْ عِلْمٍ عَلِيْمٌ قَالُوْ٘ا اِنْ يَّسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ اَخٌ لَّهٗ مِنْ قَبْلُﵐ فَاَسَرَّهَا يُوْسُفُ فِيْ نَفْسِهٖ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْﵐ قَالَ اَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَانًاﵐ وَاللّٰهُ اَعْلَمُ بِمَا تَصِفُوْنَ قَالُوْا يٰ٘اَيُّهَا الْعَزِيْزُ اِنَّ لَهٗ٘ اَبًا شَيْخًا كَبِيْرًا فَخُذْ اَحَدَنَا مَكَانَهٗﵐ اِنَّا نَرٰىكَ مِنَ الْمُحْسِنِيْنَ
قَالَ مَعَاذَ اللّٰهِ اَنْ نَّاْخُذَ اِلَّا مَنْ وَّجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهٗ٘ﶈ اِنَّا٘ اِذًا لَّظٰلِمُوْنَ فَلَمَّا اسْتَيْــَٔسُوْا مِنْهُ خَلَصُوْا نَجِيًّاﵧ قَالَ كَبِيْرُهُمْ اَلَمْ تَعْلَمُوْ٘ا اَنَّ اَبَاكُمْ قَدْ اَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقًا مِّنَ اللّٰهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُّمْ فِيْ يُوْسُفَﵐ فَلَنْ اَبْرَحَ الْاَرْضَ حَتّٰي يَاْذَنَ لِيْ٘ اَبِيْ٘ اَوْ يَحْكُمَ اللّٰهُ لِيْﵐ وَهُوَ خَيْرُ الْحٰكِمِيْنَ اِرْجِعُوْ٘ا اِلٰ٘ي اَبِيْكُمْ فَقُوْلُوْا يٰ٘اَبَانَا٘ اِنَّ ابْنَكَ سَرَقَﵐ وَمَا شَهِدْنَا٘ اِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حٰفِظِيْنَ وَسْــَٔلِ الْقَرْيَةَ الَّتِيْ كُنَّا فِيْهَا وَالْعِيْرَ الَّتِيْ٘ اَقْبَلْنَا فِيْهَاﵧ وَاِنَّا لَصٰدِقُوْنَ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ اَنْفُسُكُمْ اَمْرًاﵧ فَصَبْرٌ جَمِيْلٌﵧ عَسَي اللّٰهُ اَنْ يَّاْتِيَنِيْ بِهِمْ جَمِيْعًاﵧ اِنَّهٗ هُوَ الْعَلِيْمُ الْحَكِيْمُ وَتَوَلّٰي عَنْهُمْ وَقَالَ يٰ٘اَسَفٰي عَلٰي يُوْسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنٰهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيْمٌ قَالُوْا تَاللّٰهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوْسُفَ حَتّٰي تَكُوْنَ حَرَضًا اَوْ تَكُوْنَ مِنَ الْهٰلِكِيْنَ قَالَ اِنَّمَا٘ اَشْكُوْا بَثِّيْ وَحُزْنِيْ٘ اِلَي اللّٰهِ وَاَعْلَمُ مِنَ اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ
يٰبَنِيَّ اذْهَبُوْا فَتَحَسَّسُوْا مِنْ يُّوْسُفَ وَاَخِيْهِ وَلَا تَايْــَٔسُوْا مِنْ رَّوْحِ اللّٰهِﵧ اِنَّهٗ لَا يَايْــَٔسُ مِنْ رَّوْحِ اللّٰهِ اِلَّا الْقَوْمُ الْكٰفِرُوْنَ فَلَمَّا دَخَلُوْا عَلَيْهِ قَالُوْا يٰ٘اَيُّهَا الْعَزِيْزُ مَسَّنَا وَاَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجٰىةٍ فَاَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَاﵧ اِنَّ اللّٰهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِيْنَ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُمْ بِيُوْسُفَ وَاَخِيْهِ اِذْ اَنْتُمْ جٰهِلُوْنَ قَالُوْ٘ا ءَاِنَّكَ لَاَنْتَ يُوْسُفُﵧ قَالَ اَنَا يُوْسُفُ وَهٰذَا٘ اَخِيْﵟ قَدْ مَنَّ اللّٰهُ عَلَيْنَاﵧ اِنَّهٗ مَنْ يَّتَّقِ وَيَصْبِرْ فَاِنَّ اللّٰهَ لَا يُضِيْعُ اَجْرَ الْمُحْسِنِيْنَ قَالُوْا تَاللّٰهِ لَقَدْ اٰثَرَكَ اللّٰهُ عَلَيْنَا وَاِنْ كُنَّا لَخٰطِـِٕيْنَ قَالَ لَا تَثْرِيْبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَﵧ يَغْفِرُ اللّٰهُ لَكُمْﵟ وَهُوَ اَرْحَمُ الرّٰحِمِيْنَ اِذْهَبُوْا بِقَمِيْصِيْ هٰذَا فَاَلْقُوْهُ عَلٰي وَجْهِ اَبِيْ يَاْتِ بَصِيْرًاﵐ وَاْتُوْنِيْ بِاَهْلِكُمْ اَجْمَعِيْنَ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيْرُ قَالَ اَبُوْهُمْ اِنِّيْ لَاَجِدُ رِيْحَ يُوْسُفَ لَوْلَا٘ اَنْ تُفَنِّدُوْنِ قَالُوْا تَاللّٰهِ اِنَّكَ لَفِيْ ضَلٰلِكَ الْقَدِيْمِ
فَلَمَّا٘ اَنْ جَآءَ الْبَشِيْرُ اَلْقٰىهُ عَلٰي وَجْهِهٖ فَارْتَدَّ بَصِيْرًاﵮ قَالَ اَلَمْ اَقُلْ لَّكُمْﵐ اِنِّيْ٘ اَعْلَمُ مِنَ اللّٰهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ قَالُوْا يٰ٘اَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوْبَنَا٘ اِنَّا كُنَّا خٰطِـِٕيْنَ قَالَ سَوْفَ اَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيْﵧ اِنَّهٗ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ فَلَمَّا دَخَلُوْا عَلٰي يُوْسُفَ اٰوٰ٘ي اِلَيْهِ اَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوْا مِصْرَ اِنْ شَآءَ اللّٰهُ اٰمِنِيْنَ وَرَفَعَ اَبَوَيْهِ عَلَي الْعَرْشِ وَخَرُّوْا لَهٗ سُجَّدًاﵐ وَقَالَ يٰ٘اَبَتِ هٰذَا تَاْوِيْلُ رُءْيَايَ مِنْ قَبْلُﵟ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّيْ حَقًّاﵧ وَقَدْ اَحْسَنَ بِيْ٘ اِذْ اَخْرَجَنِيْ مِنَ السِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ الْبَدْوِ مِنْۣ بَعْدِ اَنْ نَّزَغَ الشَّيْطٰنُ بَيْنِيْ وَبَيْنَ اِخْوَتِيْﵧ اِنَّ رَبِّيْ لَطِيْفٌ لِّمَا يَشَآءُﵧ اِنَّهٗ هُوَ الْعَلِيْمُ الْحَكِيْمُ رَبِّ قَدْ اٰتَيْتَنِيْ مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِيْ مِنْ تَاْوِيْلِ الْاَحَادِيْثِﵐ فَاطِرَ السَّمٰوٰتِ وَالْاَرْضِﵴ اَنْتَ وَلِيّٖ فِي الدُّنْيَا وَالْاٰخِرَةِﵐ تَوَفَّنِيْ مُسْلِمًا وَّاَلْحِقْنِيْ بِالصّٰلِحِيْنَ ذٰلِكَ مِنْ اَنْۣبَآءِ الْغَيْبِ نُوْحِيْهِ اِلَيْكَﵐ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ اِذْ اَجْمَعُوْ٘ا اَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُوْنَ وَمَا٘ اَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِيْنَ
وَمَا تَسْــَٔلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ اَجْرٍﵧ اِنْ هُوَ اِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعٰلَمِيْنَ وَكَاَيِّنْ مِّنْ اٰيَةٍ فِي السَّمٰوٰتِ وَالْاَرْضِ يَمُرُّوْنَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُوْنَ وَمَا يُؤْمِنُ اَكْثَرُهُمْ بِاللّٰهِ اِلَّا وَهُمْ مُّشْرِكُوْنَ اَفَاَمِنُوْ٘ا اَنْ تَاْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّٰهِ اَوْ تَاْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَّهُمْ لَا يَشْعُرُوْنَ قُلْ هٰذِهٖ سَبِيْلِيْ٘ اَدْعُوْ٘ا اِلَي اللّٰهِﵸ عَلٰي بَصِيْرَةٍ اَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيْﵧ وَسُبْحٰنَ اللّٰهِ وَمَا٘ اَنَا مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ وَمَا٘ اَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ اِلَّا رِجَالًا نُّوْحِيْ٘ اِلَيْهِمْ مِّنْ اَهْلِ الْقُرٰيﵧ اَفَلَمْ يَسِيْرُوْا فِي الْاَرْضِ فَيَنْظُرُوْا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْﵧ وَلَدَارُ الْاٰخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِيْنَ اتَّقَوْاﵧ اَفَلَا تَعْقِلُوْنَ حَتّٰ٘ي اِذَا اسْتَيْــَٔسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوْ٘ا اَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوْا جَآءَهُمْ نَصْرُنَاﶈ فَنُجِّيَ مَنْ نَّشَآءُﵧ وَلَا يُرَدُّ بَاْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِيْنَ لَقَدْ كَانَ فِيْ قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّاُولِي الْاَلْبَابِﵧ مَا كَانَ حَدِيْثًا يُّفْتَرٰي وَلٰكِنْ تَصْدِيْقَ الَّذِيْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَّهُدًي وَّرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُوْنَ
سورة يوسف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يوسُفَ) مِن السُّوَر المكية، وقد كان لها من اسمها الحظُّ الأكبر؛ فقد قامت السورةُ بأكملها على سرد قصة (يوسف) بالتفصيل، ولا يوجد في القرآن نظيرٌ لهذا السردِ والاختصاص؛ أن تَختصَّ سورةٌ بذكرِ قصة نبيٍّ من الأنبياء، وتُسمَّى باسمه. وقد بيَّنت هذه السورةُ قواعدَ التمكين في الأرض، ومُلئت بالعِبَر والعظات المستخلَصة من قصة يوسف؛ فهي مثال يحتذى في الصبر، والتحلِّي بمكارم الأخلاق، والخوف من الله في السِّر والعلن، وصِدْقِ التوكل على الله؛ فهو الذي بيده مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
12
نوعها
مكية
ألفاظها
1794
ترتيب نزولها
53
العد المدني الأول
111
العد المدني الأخير
111
العد البصري
111
العد الكوفي
111
العد الشامي
111

* قوله تعالى: {الٓرۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ اْلْكِتَٰبِ اْلْمُبِينِ} [يوسف: 1] إلى قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ اْلْقَصَصِ} [يوسف: 3]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال : «أُنزِلَ القرآنُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فتلا عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو قصَصْتَ علينا؛ فأنزَلَ اللهُ: {الٓرۚ تِلْكَ ءَايَٰتُ اْلْكِتَٰبِ اْلْمُبِينِ} [يوسف: 1] إلى قولِه: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ اْلْقَصَصِ} [يوسف: 3]، فتلاها عليهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو حدَّثْتَنا؛ فأنزَلَ اللهُ: {اْللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ اْلْحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا} [الزمر: 23]». أخرجه ابن حبان (٦٢٠٩).

* سورة (يوسُفَ):

وسببُ تسميةِ سورة (يوسُفَ) بهذا الاسمِ واضحٌ جليٌّ؛ فإنَّ قصةَ (يوسُفَ) هي موضوعها الرئيسُ.

جاء الموضوع الرئيسُ للسورة عن قصَّة (يوسف) عليه السلام على التفصيل الآتي:

1. من أدلة إعجاز القرآن الكريم (١-٣).

2. رؤيا يوسف عليه السلام (٤-٦).

3. تآمُرُ إخوته عليه عليه السلام (٧-١٨).

4. محنة يوسف عليه السلام في مصر (١٩- ٣٤).

5. محنة يوسف عليه السلام في السِّجن (٣٥-٥٣).

6. تسلُّمُه عليه السلام الحُكْمَ بعد السجن (٥٤- ٥٧).

7. لقاؤه عليه السلام مع إخوته مرة ثانية (٥٩- ٩٨).

8. لقاء العائلة (٩٩-١٠٢).

9. تعقيبات على القصة (١٠٣- ١١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /503).

لم تأتِ قصةُ (يوسف) عليه السلام لمجردِ السَّرد والتسلية؛ إنما جاءت للعِبْرة والعِظة في كثيرٍ من الأمور؛ من ذلك: لطفُ الله بمَن يصطفيه من عباده، والاقتداءُ بصبر الأنبياء - مثل: يعقوب ويوسف عليهما السلام - على البلوى، وكيف تكون لهم العاقبةُ؛ ليَتسلَّى بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وكلُّ من سار بطريق الدعوة، كما أبانت السورةُ عن قواعدِ التمكين في الأرض، وما تخلَّلَ ذلك من الحكمة في أقوال الصالحين؛ كقوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اْلْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67]، وقوله: {إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اْللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ اْلْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

ينظر " التحرير والتنوير" لابن عاشور (12 /200)