المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى أحوال الناس في الآخرة، وقدرته على البدء والإِعادة، ذكر هنا الأدلة على الربوبية والوحدانية، في خلق البشر، واختلاف الألسنة والصور، وإِحياء الأرض بالمطر، وفي قيام الناس ومنامهم، ثم ضرب الأمثال للمشركين في عبادتهم لغير الله مع أنه وحده الخالق الرازق.
اللغَة:
﴿آيَاتِهِ﴾ جمع آية وهي العلامة على الربوبية والوحدانية
﴿تَنتَشِرُونَ﴾ تتصرفون في شؤون معايشكم
﴿لتسكنوا إِلَيْهَا﴾ لتميلوا إِليها وتألفوها
﴿قَانِتُونَ﴾ مطيعون منقادون لإرادته
﴿المثل الأعلى﴾ الوصف الأعلى في الكمال والجلال
﴿القيم﴾ المستقيم الذي لا عوج فيه
﴿مُنِيبِينَ﴾ الإِنابة: الرجوع بالتوبة والإِخلاص.
التفسِير:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ﴾ أي ومن آياته الباهر الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق أصلكم
«آدم» من تراب، وإِنما أضاف الخلق إِلى الناس
﴿خَلَقَكُمْ﴾ لأن آدم أصل البشر
﴿ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ﴾ أي ثم أنتم تتطورون من نطفة إِلى علقة إِلى مضغة إِلى بشر عقلاء،
437
تتصرفون فيما هو قوام معايشكم قال ابن كثير: فسبحان من خلقهم ويسَّرهم وسخّرهم وصرّفهم في فنون المعايش والمكاسب، وفاوت بينهم في العلوم والفكر، والحسن والقبح، والغنى والفقر، والسعادة والشقاوة!!
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ أي من آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق لكم من صنفكم وجنسكم نساءً آدميات مثلكم، ولم يجعلهن من جنسٍ آخر قال ابن كثير: ولو أنه تعالى جعل الإِناث من جنسٍ آخر، من جان أو حيوان، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل النفرة، وذلك من تمام رحمته ببني آدم
﴿لتسكنوا إِلَيْهَا﴾ أي لتميلوا إِليهن وتألفوهن
﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ أي وجعل بين الأزواج والزوجات محبة وشفقة قال ابن عباس: المودة: حب الرجل امرأته، والرحمةُ شفقته عليها أن يصيبها بسوء
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ أي إِنَّ فيما ذكر لعبراً عظمية لقوم بتفكرون في قدرة الله وعظمته، فيدركون حكمته العلية
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾ أي ومن آياته العظيمة الدالة على كمال قدرته خلقُ السماوات في ارتفاعها واتساعها، وخلق الأرض في كثافتها وانخفاضها، واختلاف اللغات من عربيةٍ وعجمية، وتركية، ورومية، واختلاف الألوان من أبيض وأسود وأحمر، حتى لا يشتبه شخص بشخص، ولا إِنسان بإِنسان، مع أنهم جميعاَ من ذرية آدم
﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ﴾ أي لمن كان من ذوي العلم والفهم والبصيرة
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم باليل والنهار﴾ أي ومن آياته الدالة على كمال قدرته نومكم في ظلمة الليل، ووقت الظهيرة بالنهار راحةً لأبدانكم
﴿وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ﴾ أي وطلبكم للرزق بالنهار
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ أي يسمعون سماع تفهم واستبصار
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ البرق خَوْفاً وَطَمَعاً﴾ أي ومن آياته العظيمة الدالة على قدرته ووحدانيته أنه يريكم البرق خوفاً من الصواعق، وطمعاً في الغيث والمطر قال قتادة: خوفاً للمسافر، وطمعاً للمقيم
﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مَآءً فَيُحْيِي بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ أي وينزل المطر من السماء فينبت به الأرض بعد أن كانت هامدة جامدة لا نبات فيها ولا زرع
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ أي إِن في ذلك المذكور لعبراً وعظاتٍ لقومٍ يتدبرون بعقولهم آلاء الله
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السمآء والأرض بِأَمْرِهِ﴾ أي ومن آياته الباهرة الدالة على عظمته أن تستمسك السماواتُ بقدرته بلا عمد، وأن تثبت الأرض بتدبيره وحكمته فلا تنكفئ بسكانها ولا تنقلب بأهلها
﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأرض إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ أي إِذا دعيتم إِلى الخروج من القبور، إِذا أنتم فوراً تخرجون للجزاء والحساب، لا يتأخر خروجكم طرفة عين قال المفسرون: وذلك حين ينفخ إِسرافيل في الصور النفخة الثانية ويقول: يا أهل القبور قوموا، فلا تبقى نسمةٌ من الأولين والآخرين، إِلا قامت تنظر
﴿وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض﴾ أي وله جل وعلا كل من في السماوات والأرض من الملائكة والإِنس والجن ملكاً وخلقاً وتصرفاً لا يشاركه فيها أحد
﴿كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ﴾ أي جميعهم خاشعون خاضعون منقادون لأمره تعالى
﴿وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أي وهو تعالى يُنشئ
438
الخلق من العدم، ثم يعيدهم بعد موتهم للحساب والجزاء
﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ أي إِعادة الخلق أهونُ عليه من بدئه قال ابن عباس: يعني أيسر عليه، وقال مجاهد: الإِعادة أهون من البداءة، والبداءة عليه هنيّه قال المفسرون: خاطب تعالى العباد بما يعقلون، فإِذا كانت الإِعادة أسهل من الابتداء في تقديركموحكمكم، فإِن من قدر على الإِنشاء كان البعث أهون عليه حسب منطقكم وأصولكم
﴿وَلَهُ المثل الأعلى﴾ أي له الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ما يدانيه فيه من الجلال والكمال، والعظمة والسلطان
﴿فِي السماوات والأرض﴾ أي يصفه به من فيهما وهو أنه الذي ليس كمثله شيء
﴿وَهُوَ العزيز الحكيم﴾ أي القاهر لكل شيء الحكيم الذي كل أفعاله على مقتضى الحكمة والمصلحة، ثم وضّح تعالى بطلان عبادتهم للأوثان بمثل فقال:
﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ أي ضرب لكم أيها القوم ربكم مثلاً واقعياً من أنفسكم
﴿هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ أي هل يرضى أحدكم أن يكون عبده ومملوكه شريكاً له في ماله الذي رزقه الله تعالى؟ فإِذا لم يرض أحدكم لنفسه ذلك فكيف ترضون لله شريكاً له وهو في الأصل مخلوق وعبدٌ لله؟
﴿فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ هذا من تتمة المثل أي لستم وعبيدكم سواءٌ في أموالكم، ولستم تخافونهم كما تخافون الأحرار مثلكم، وأنتم لا ترضون أن يكون عبيدكم شركاء لكم في أموالكم، فكيف رضيتم لله شريكاً في خلقه وملكه؟
﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ أي مثل ذلك البيان الواضح نبيّن الآيات لقومٍ يستعملون عقولهم في تدبر الأمثال
﴿بَلِ اتبع الذين ظلموا أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بلْ للإِضراب أي ليس لهم حجة ولا معذرة في إِراكهم بالله بل ذلك بمجرد هوى النفس بغير علم ولا برهان قال القرطبي: لما قامت عليهم الحجة ذكر أنهم يعبدون الأصنام باتباع أهوائهم في عبادتها، وتقليد الأسلاف في ذلك
﴿فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ الله﴾ أي لا أحد يستطيع أن يهدي من أراد الله إِضلاله
﴿وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ﴾ أي ليس لهم من عذاب الله منقذٌ ولا ناصر
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ﴾ أي أخلص دينك لله وأقبل على الإِسلام بهمة ونشاط
﴿حَنِيفاً﴾ أي مائلاً عن كل دين باطل إلأى الدين الحق وهو الإِسلام
﴿فِطْرَتَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا﴾ أي هذا الدين الحق الذي أمرناك بالاستقامة عليه هو خلقة الله التي خلق الناس عليها وهو فطرة التوحيد كما الحديث
«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه» الحديث
﴿لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله﴾ أي لا تغيير لتلك الفطرة السليمة من جهته تعالى قال ابن الجوزي: لفظة لفظ النفي ومعناه النهي أي لا تبدلوا خلق الله فتغيّروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها
﴿ذَلِكَ الدين القيم﴾ أي ذلك هو الدين المستقيم
﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي أكثر الناس جهلة لا يتفكرون فيعلمون أن لهم خالقاً معبوداً
﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ واتقوه وَأَقِيمُواْ الصلاة﴾ أي أقيموا وجوهكم أيها الناس على الدين الحق حال كونكم منيبين إِلى ربكم أي راجعين إِليه بالتوبة وإِخلاص العمل، وخافوه وراقبوه في أقوالكم وأفعالكم، وأقيموا الصلاة على
439
الوجه الذي يُرضي الله
﴿وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين﴾ أي لا تكونوا ممن أشرك بالله وعبد غيره ثم فسَّرهم بقوله
﴿مِنَ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً﴾ أي من الذين اختلفوا في دينهم وغيّروه وبدَّلوا فأصبحوا شيعاً وأحزاباً، كلٌ يتعصب لدينه، وكلٌ يعبد هواه
﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ أي كل جماعة وفرقة متمسكون بما أحدثوه، مسرورون بما هم عليه من الدين المعوج، يحسبون باطلهم حقاً قال ابن كثير: أي لا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم أي بدلوه وغيروه، وآمنوا ببعض وكفروا ببعض، كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان، وسائر أهل الأديان الباطلة - مما عدا أهل الإِسلام - فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومذاهب باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء
﴿وَإِذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ﴾ أي إِذا أصاب الناس شدةٌ وفقر ومرض وغير ذلك من أنواع البلاء
﴿دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ أي أفردوه تعالى بالتضرع والدعاء لينجوا من ذلك الضر، وتركوا أصنامهم لعلمهم أنه لا يكشف الضر إِلا الله تعالى، فلهم في ذلك الوقت إِنابة وخضوع
﴿ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ أي ثم إِذا أعطاهم السعة والرخاء والصحة وخلّصهم من ذلك الضر والشدة، إِذا جماعة منهم يشركون بالله ويعبدون معه غيره، والغرض من الآية التشنيعُ على المشركين، فإِنهم يدعون الله في الشدائد، ويشركون به في الرخاء
﴿لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أمرٌ على وجه التهديد أي ليكفروا بنعم الله، وليتمتعوا في هذا الدنيا فيسوف تعلمون أيها المشركون عاقبة تمتعكم بزينة الحياة ونعيمها الفاني
﴿أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ الاستفهام للإِنكار والتوبيخ والمعنى: هل أنزلنا على هؤلاء المشركين حجة واضحة قاهرة على شركهم، أو كتاباً من السماء فهو ينطق ويشهد بشركهم وبصحة ما هم عليه؟ ليس الأمر كما يتصورون، والمراد ليس لهم حجة بذلك
﴿وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا﴾ أي وإِذا أنعمنا على الناس بالخصب ولاسعة والعافية استبشروا وسروا بها
﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ أي وإِن أصابهم بلاءً وعقوبة بسبب معاصيهم إِذا هم ييأسون من الرحمة والفرج قال ابن كثير: وهذا إِنكار على الإِنسان من حيث هو إِلا من عصمة الله، إِذا أصابته نعمة بطر، وإِذا أصابته شدة قنط وأيس
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ﴾ أي أولم يروا قدرة الله في البسط والقبض، وأنه تعالى يوسّع الخير في الدنيا لمن يشاء ويضيّق على من يشاء؟ فلايجب أن يدعوهم الفقر إِلى القنوط من رحمته تعالى
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي إِن في المذكور لدلالة واضحة على قدرة الله لقومٍ يصدقون بحكة الخالق الرازق
﴿فَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ والمسكين وابن السبيل﴾ أي فأعط العقريب حقَّه من البر ولاصلة وكذلك المسكين والمسافر الذي انقطع في سفره اعطه من الصَّدقة والإِحسان قال القرطبي: لما تقدم أنه سبحانه يبسط الرزق وبقدر، أمر من وسَّع عليه الرزق أن بعطي الفقير كفايته، ليمتحن شكر الغني، والخطاب للنبي عليه السلام والمراد هو وأُمته
﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله﴾ أي ذلك الإِيتء والإِحسان خيرٌ للذين يبتغون بعملهم وجه الله ويريدون ثوابه
﴿وأولئك هُمُ المفلحون﴾ أي وأولئك هم الفائزون بالدرجات العالية {وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً
440
لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ الناس فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ الله} أي وما أعطيتم من أموالكم يا معشر الأغنياء على وجه الربا ليزيد مالكم ويكثر به، فلا يزيد ولا يزكو ولا يضاعف عند الله لأنه كسبٌ خبيثٌ لا يبارك الله فيه قال الزمخشري: هذه الآية كقوله تعالى
﴿يَمْحَقُ الله الربا وَيُرْبِي الصدقات﴾ [البقرة: ٢٧٦] سواءً بسواء
﴿وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله﴾ أي وما أعطيتم من صدقةٍ أو إِحسان خالصاً لوجه الله الكريم
﴿فأولئك هُمُ المضعفون﴾ أي فأولئك هم الذين لهم الضعف من الأجر والثواب، الذين تضاعف لهم الحسنات
﴿الله الذي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾ أي الله جل وعلا هو الخالق الرازق للعباد، يُخرج الإِنسان من بطن أمه عُرياناً لا علم له ولا سمع ولا بصر، ثم يرزقه بعد ذلك المال والمتاع والأملاك
﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ أي ثم يميتكم بعد هذه الحياة، ثم يحييكم يوم القيامة، ليجازيكم على أعمالكم
﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذلكم مِّن شَيْءٍ﴾ ؟ أي هل يستطيع أحد ممن تعبدونهم من دون الله أن يفعل شيئاً من ذلك؟ بل الله تعالى هو المستقل بالخلق والرزق والإِحياء والإِماتة
﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تنزَّه جل وعلا وتقدس ع ن ان يكون له شريك أو مثيل وتعالى عما يقول المشركون علواً كبيراً.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين قوله
﴿خَوْفاً.. وَطَمَعاً﴾ وبين
﴿يَبْسُطُ.. وَيَقْدِرُ﴾ وبين
﴿يُمِيتُكُمْ.. يُحْيِيكُمْ﴾ وبين
﴿يَبْدَؤُاْ.. ويُعِيدُ﴾.
٢ - جناس الاشتقاق
﴿دَعَاكُمْ دَعْوَةً﴾ ﴿فِطْرَتَ الله التي فَطَرَ﴾.
٣ - المقابلة بين قوله
﴿وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا﴾ وبين
﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾.
٤ - المجاز المرسل
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ﴾ أطلق الجزء وأراد الكل أي توجه إلى الله بكليتك.
٥ - السجع المرصَّع كأنه الدرُّ المنظوم مثل
﴿الله الذي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ..﴾ الخ.
441
المنَاسَبَة: لما شنَّع على المشركين في عبادتهم لغير الله، ذكر في هذه الآيات الأسباب الموجبة للمحنة والابتلاء وهي الكفر، وانتشار المعاصي، وكثر الفجور والموبقات، التي بسببها نقل الخيرات وترتفع البركات، وضرب الأمثال بهلاك الأمم السابقة، تنبيهاً لقريش وأمراً لهم بالاعتبار بمن سبقهم من المشركين المكذبين كيف أهلكهم الله بسبب طغيانهم وإِجرامهم.
اللغَة:
﴿يَصَّدَّعُونَ﴾ يتفرقون يقال: تصدَّع القوم إِذا تفرقوا ومنه الصداع لأنه يُفرِّق شعب الرأس
﴿يَمْهَدُونَ﴾ يجعلون لهم مهداً ويوطئون لهم مسكناً، والمهاد: الفراش
﴿كِسَفاً﴾ جمع كسفة وهي القطعة
﴿الودق﴾ المطر
﴿مُبْلِسِينَ﴾ يائسين مكتئبين قد ظهر الحزن عليهم من شدة اليأس
﴿يُؤْفَكُونَ﴾ يصرفون، والإِفك: الكذب
﴿يُسْتَعْتَبُونَ﴾ يقال: استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني.
التفسِير:
﴿ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس﴾ أي ظهرت البلايا والنكبات في بر الأرض وبحرها بسبب معاصي الناس وذنوبهم قال البيضاوي: المراد بالفساد الجدب وكثرة الحرق والغرق، ومحق البركات، وكثرةُ المضار بشؤم معاصي الناس أو بكسبهم إِياه وقال ابن كثير: أي بانَ النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة
﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذي عَمِلُواْ﴾ أي ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بها جميعاً في الآخرة
﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي لعلهم يتوبون ويرجعون عمّا هم عليه من المعاصي والآثام
﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلُ﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين: سيروا في
442
البلاد فانظروا إلى مساكن الذين ظلموا كيف كان آخر أمرهم وعاقبة تكذيبهم للرسل، ألم يخرب الله ديارهم ويجعلهم عبرةً لمن يعتبر
﴿كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ﴾ أي كانوا كافرين بالله فأُهلكوا
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القيم﴾ أي فتوجَّه بكليتك إلى الدين المستقيم دين الإِسلام، واستقم عليه في حياتك قال القرطبي: أي أقم قصدك واجعلْ جهتك اتباع الدين القيم يعني الإِسلام
﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ الله﴾ أي من قبل أن يأتي ذلك اليوم الرهيب، الذي لا يقدر أحدٌ على ردِّه، لأن الله قضى به وهو يوم القيامة
﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ أي يومئذٍ يتفرقون، فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير
﴿مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ أي من كفر بالله فعليه أوزار كفره مع خلوده في النار المؤبدة
﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ أي ومن فعل خيراً وأطاع الله فلأنفسهم في الآخرة فراشاً ومسكناً وقراراً بالعمل الصالح، ومهَّدت الفراش أي بسطته ووطأته
﴿لِيَجْزِيَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِن فَضْلِهِ﴾ أي يمهدون لأنفسهم ليجزيهم الله من فضله الذي وعد به عباده المتقين
﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الكافرين﴾ أي لا يحب الكافرين بل يمقتهم ويبغضهم، يجازي المؤمنين بفضله، والكافرين بعدله
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ﴾ أي ومن آياته الدالة على كمال قدرته أن يرسل الرياح تسوق السحاب مبشرة بنزول المطر والإِنبات والرزق
﴿وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ أي ولينزل عليكم من رحمته الغيث الذي يجيي به البلاد والعباد
﴿وَلِتَجْرِيَ الفلك بِأَمْرِهِ﴾ أي ولتسير السفن في البحر عند هبوب الرياح بإِذنه وإِرادته
﴿وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ أي ولتطلبوا الرزق بالتجارة في البحر
﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي ولتشكروا نعم الله الجليلة عليكم
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ﴾ تسلية للرسول وتأنيس له بقرب النصر أي ولقد أرسلنا من قبلك يا محمد رسلاً كثيرين إِلى قومهم المكذبين كما أرسلناك رسولاً إلى قومك
﴿فَجَآءُوهُم بالبينات﴾ أي جاؤوهم بالمعجزات الواضحات والحجج الساطعات الدالة على صدقهم
﴿فانتقمنا مِنَ الذين أَجْرَمُواْ﴾ أي فكذبوهم فانتقمنا من الكفرة المجرمين
﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين﴾ أي كان حقاً واجباً علينا أن ننصر المؤمنين على الكافرين، والآية اعتراضية جاءت بين الآيات المفصّلة لأحكام الرياح تسليةً للنبي عليه السلام قال أبو حيان: والآية اعتراضٌ بين قوله
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ﴾ وبين قوله
﴿الله الذي يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً﴾ جاءت تأنيساً للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتسلية له، ووعداً له بالنصر، ووعيداً لأهل الكفر ثم ذكر تعالى الحكمة من هبوب الرياح وهي إِثارة السحب وإِخراج الماء منه فقال
﴿الله الذي يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً﴾ أي يبعث الرياح فتحرك السحاب وتسوقه أمامها
﴿فَيَبْسُطُهُ فِي السمآء كَيْفَ يَشَآءُ﴾ أي فينشره في أعالي الجو كيف يشاء خفيفاً أو كثيفاً، مطبقاً أو غير مطبق
﴿وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً﴾ أي ويجعله أحياناً قطعاً متفرقة
﴿فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ﴾ أي فترى المطر يخرج من بين السحاب
﴿فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ أي فإِذا أنزل ذلك الغيث على من يشاء من خلقه إِذا هم يسرون ويفرحون بالمطر
﴿وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ أي وإِن كانوا قبل نزول المطر عليهم
443
يائسين قانطين، قال البيضاوي: والتكرير للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم
﴿فانظر إلى آثَارِ رَحْمَتِ الله كَيْفَ يُحْيِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَآ﴾ أي فانظر أيها العاقل نظر تدبر واستبصار إلى ما ينشأ عن آثار نعمة الله بالمطر من خضرة الأشجار، وتفتح الأزهار، وكثرة الثمار، وكيف أن الله يجعل الأرض تنبت بعد أن كانت هامدة جامدة؟
﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الموتى﴾ أي إِنَّ ذلك القادر على إِحياء الأرض بعد موتها هو الذي يحيي الناس بعد موتهم
﴿وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي مبالغ في القدرة على جميع الأشياء، لا يعجزه شيء
﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً﴾ أي ولئن أرسلنا على الزرع بعد خضرته ونموه ريحاً ضارة مفسدة فرأوا الزرع مصفراً من أثر تلك الريح
﴿لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾ أي لمكثوا بعد اصفرره يجحدون النعمة، فشأنهم أنهم يفرحون عند الخصب، فإِذا جاءتهم مصيبة في زرعهم جحدوا سابق نعمة الله عليهم، ثم نبه تعالى إِلى أن هؤلاء الكفار كالأموات لا ينفع معهم نصح ولا تذكير فقال
﴿فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعآء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ﴾ أي فإِنك يا محمد لا تسمع الأموات ولا تسمع من كان في أذنيه صممٌ تلك المواعظ المؤثرة، ولو أن أصمَّ ولّى عنك مدبراً ثم ناديته لم يسمع فكذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما يسمع قال المفسرون: هذا مثلٌ ضربه الله للكفار فشبههم بالموتى وبالصم والعمي
﴿وَمَآ أَنتَ بِهَادِ العمي عَن ضَلاَلَتِهِمْ﴾ أي ولست بمرشد من أعماه الله عن الهدى
﴿إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ أي ما تسمع إِلا من يصدق بآياتنا فهم الذين ينتفعون بالموعظة لخضوعهم وانقيادهم لطاعة الله
﴿الله الذي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ﴾ أي الله الذي خلقكم أيها الناس من أصل ضعيف وهو النطفة، وجعلكم تتقلبون في أطوار
«الجنين، الوليد، الرضيع، المفطوم» وهي أحوال في غاية الضعف، فصار كأن الضعف مادة خلقتكم
﴿ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ أي ثم جعل من بعد ضعف الطفولة قوة الشباب
﴿ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً﴾ أي ثم جعل من بعد قوة الشباب ضعف الهرم والشيخوخة،
﴿يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ أي يخلق ما يشاء من ضعف وقوة، وشبابٍ وشيب
﴿وَهُوَ العليم القدير﴾ أي وهو العليم بتدبير الخلق، القدير على ما يشاء قال أبو حيان: وجعل الخلق من ضعف لكثرة ضعف الإِنسان أول نشأته وطفولته، ثم حال الشيخوخة والهرم، والترداد في هذه الهيئات شاهد بقدرة الصانع وعلمه
﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُقْسِمُ المجرمون مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ أي ويوم تقوم القيامة ويُبعث الناس للحساب يحلف الكافرون المجرمون بأنهم ما مكثوا في الدنيا غير ساعة قال البيضاوي: وإِنما استقلوا مدة لبثهم في الدنيا بالنسبة إلى مدة عذابهم في الآخرة أو نسياناً منهم
﴿كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ﴾ أي كذلك كانوا في الدنيا يصرفون من الحق إلى الباطل، ومن الصدق إلى الكذب
﴿وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم والإيمان لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ الله إلى يَوْمِ البعث﴾ أي وقال العقلاء من أهل الإِيمان والعلم رداً عليهم وتكذيباً لهم: لقد مكثتم فيا كتبه الله في سابق علمه إِلى يوم البعث الموعود
﴿فهذا يَوْمُ البعث ولكنكم كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أي فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه، ولكنكم لم تصدقوا به لتفريطكم في طلب الحق واتباعه، قال تعالى
﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ الذين ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ﴾
444
أي ففي ذلك اليوم لا ينفع الظالمين اعتذارهم
﴿وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي لا يقال لهم أرضوا ربكم بتوبة أو طاعة، لأنه قد ذهب أوان التوبة
﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ أي ولقد بينا في هذا القرآن العظيم ما يحتاج الناس إِليه من المواعظ والأمثال والأخبار والعبر مما يوضّح الحقَّ ويزيل اللبس
﴿وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ الذين كفروا إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ﴾ أي ووالله لئن جئتهم يا محمد بما اقترحوا من الآيات كالعصا والناقة واليد ليقولنَّ المشركون من قومك لفرط عنادهم ما أنت وأصحابك إِلا قوم مبطلون، تُدجلون علينا وتكذبون
﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي مثل ذلك الطبع على قلوب الجهلة المجرمين، يختم الله على قلوب الكفرة الذين لا يعلمون توحيد الله ولا صفاته
﴿فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ﴾ أي فاصبر يا محمد على تكذيبهم وأذاهم فإِن وعد الله بنصرتك وإِظهار دينك حقٌ لا بدَّ من إِنجازه
﴿وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الذين لاَ يُوقِنُونَ﴾ أي لا يحملنك على الخفة والقلق جزعاً مما يقوله أولئك الضالون الشاكون، ولا تترك الصبر بسبب تكذيبهم وإٍيذائهم.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين
﴿البر.. والبحر﴾.
٢ - المجاز المرسل بإطلاق الجزء وإرادة الكل
﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس﴾.
٣ - جناس الاشتقاق
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القيم﴾.
٤ - الاستعارة اللطيفة
﴿فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ شبَّه من قدَّم الأعمال الصالحة بمن يمهد فراشه ويوطئه للنوم عليه لئلا يصيبه في مضجعه ما يؤذيه وينغص عليه مرقده.
٥ - أسلوب الإِطناب
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ..﴾ الآية وذلك لتعداد النعم الكثيرة وكان يكفي أن يقول:
﴿لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ ولكنه أسهب تذكيراً للعباد بالنعم.
٦ - جناس الاشتقاق
﴿أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً﴾.
٧ - الإِيجاز بالحذف
﴿فَجَآءُوهُم بالبينات فانتقمنا﴾ حذف منه فكذبوهم واستهزءوا بهم.
٨ - الاستعارة التصريحية
﴿فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى﴾ شبه الكفار بالموتى وبالصم في عدم إِحساسهم وسماعهم للمواعظ والبراهين بطريق الاستعارة التصريحية.
٩ - الطباق بين
﴿ضَعْفٍ.. قُوَّةً﴾.
١٠ - صيغة المبالغة
﴿العليم القدير﴾ لأن معناه المبالغ في العلم والقدرة.
١١ - الجناس التام
﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُقْسِمُ المجرمون مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ المراد بالساعة أولاً القيامة وبالثانية المدة الزمنية فبينهما جناس كامل، وهذا من المحسنات البديعية.
تنبيه: الصحيح أن الميت يسمع لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
«ما أنتم منهم» وقوله
«وإِن الميت ليسمع قرع نعالهم» وأما قوله تعالى
﴿فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى﴾ المراد منه سماع التدبير والاتعاظ، والله أعلم.
445