تفسير سورة التحريم

المصحف المفسّر

تفسير سورة سورة التحريم من كتاب المصحف المفسّر
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة التحريم مدنية وآياتها اثنتا عشرة

تفسير الألفاظ :
﴿ تبتغي مرضاة أزواجك ﴾ أي تتطلب رضاء زوجاتك، ومرضاة مصدر كرضا.
تفسير المعاني :
يا أيها النبي لأي شيء تحرم على نفسك ما أحله الله لك، تتطلب بذلك رضا زوجاتك، وقد غفر الله لك هذه الفعلة إنه غفور رحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ تحلة أيمانكم ﴾ أي تحليلها، وهو ما عقدته بالكفارة. ﴿ والله مولاكم ﴾ أي متولي أموركم.
تفسير المعاني :
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب عسلا عند زوجته حفصة، فاتفقت سودة وصفية زوجتاه. وقالتا له : إنا نشم منك رائحة المغافير ﴿ هو نوع من الصموغ حلو ﴾ فحرم على نفسه العسل، فنزلت هذه الآية، ثم كلفه الله أن يتحلل من يمينه بكفارة.
تفسير الألفاظ :
﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ أي قاله لها سرا، وتلك الزوجة كانت حفصة. ﴿ نبأت ﴾ أي أخبرت.
تفسير المعاني :
وإذ أسر النبي إلى زوجته حفصة حديثا، هو تحريمه العسل، فلما لم تكتمه وأطلعه الله على ما فعلت، عرف الرسول حفصة ببعض ما قالته وترك بعضه تكرما، فسألته : من أخبرك بهذا ؟ قال : أخبرني به العليم الخبير.
تفسير الألفاظ :
﴿ فقد صغت قلوبكما ﴾ أي فقد مالت قلوبكما عن الواجب للرسول من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه. ﴿ وإن تظاهرا عليه ﴾ أي وإن تتعاونا عليه بما يسوءه. ﴿ والملائكة بعد ذلك ظهير ﴾ أي والملائكة بعد ذلك تظاهره وتعاونه. يقال ظاهره أي عاونه، وهو ظهير له أي معين له.
تفسير المعاني :
إن تتوبا " الخطاب لعائشة وحفصة " فقد حدث منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل قلوبكما إلى معاكسة الرسول، وإن تتعاونا عليه، فالله يتولاه وجبريل وصالحو المؤمنين والملائكة.
تفسير الألفاظ :
﴿ عسى ﴾ فعل جامد معناه يتوقع أو يرجى. ﴿ قانتات ﴾ أي مواظبات على الطاعة فعله قنت يقنت قنوتا. ﴿ سائحات ﴾ أي صائمات، سمي الصائم سائحا لأنه يسبح في النهار بلا زاد، أو معناه مهاجرات. ﴿ ثيبات ﴾ الثيب هي المرأة التي ليست ببكر.
تفسير المعاني :
عسى ربه إن طلقكن أن يبدله زوجات أفضل منكن.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم " فعل أمر من وفى " أي احفظوا أنفسكم وأهليكم من نار وقودها الناس والحجارة، خزنتها ملائكة غلاظ الأقوال شداد الأفعال لا يعصون الله أمرا ويفعلون ما يأمرهم به.
تفسير المعاني :
ويقال للذين كفروا عند دخولهم النار لا تعتذروا اليوم إنما تجزون أعمالكم التي كنتم بها تعملونها
تفسير الألفاظ :
﴿ توبة نصوحا ﴾ أي توبة بالغة في النصح. والنصوح صفة التائب لأنه هو الذي ينصح نفسه، ولكن وصفت به التوبة على الإسناد المجازي للمبالغة. ﴿ يكفر عنكم سيئاتكم ﴾ أي يمحو عنكم أعمالكم السيئات. ﴿ يسعى ﴾ أي يسير. ﴿ وبأيمانهم ﴾ أي وعلى جهتهم اليمنى.
تفسير المعاني :
وأنتم أيها المؤمنون توبوا إلى الله توبة بالغة في النصح، عسى ربكم أن يمحو عنكم أعمالكم السيئات، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم القيامة. يوم لا يجزي الله النبي والذين آمنوا معه، بل يعاملهم معاملة تشرفهم. نورهم الذي أفاضه عليهم إيمانهم يسير أمامهم وفي جهتهم اليمنى، وهم يدعون ربهم قائلين : ربنا أبلغ لنا نورنا غاية إشراقه، واغفر لنا ذنوبنا إنك على كل شيء قدير.
تفسير الألفاظ :
﴿ واغلظ عليهم ﴾ أي واستعمل الخشونة في جهادهم. يقال غلظ يغلظ غلظا، أي صار غليظا. ﴿ ومأواهم ﴾ أي ومحل إقامتهم. يقال أوى يأوي أويا أي أقام.
تفسير المعاني :
يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وشدد النكير عليهم، ومنزلهم في الآخرة النار وبئس المآل.
تفسير الألفاظ :
﴿ فخانتاهما ﴾ بالنفاق.
تفسير المعاني :
يمثل الله حال الكافرين في أنهم يعاقبون بكفرهم، ولا يحابون بسبب قرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين، بامرأة نوح وامرأة لوط، وكانتا زوجتي هذين الرسولين الصالحين، فخانتاهما بالنفاق، فلم يدفعا عنهما من الله شيئا، وقيل لهما ادخلا النار مع الداخلين.
من أبلغ الأدلة على عدم نفع الشفاعات لمن لا يستحقها، ما ذكره الله من حال زوجتي نوح ولوط، إذ أدخلتا النار ولم يغن زوجاهما عنهما شيئا
تفسير المعاني :
ومثل الله حال المؤمنين في أن اتصالهم بالكافرين لا يضرهم، بحال آسية امرأة فرعون، إذ قالت : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من القوم الظالمين
تفسير الألفاظ :
﴿ أحصنت ﴾ أي جعلته حصينا. ﴿ بكلمات ربها ﴾ أي بصحفه المنزلة. أو بما أوحى إلى أنبيائه. ﴿ وكتبه ﴾ أي بجنس الكتب المنزلة. ﴿ القانتين ﴾ أي المواظبين على الطاعة. فعله قنت يقنت قنوتا.
تفسير المعاني :
واذكر مريم بنت عمران التي حفظت نفسها من عبث الرجال بكرامتها، فنفخنا فيها من روحنا – وهو أعلم كيف نفخ – وصدقت بكلمات ربها وكتبه، وكانت من المواظبين على الطاعة.
سورة التحريم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التحريم) من السُّوَر المدنيَّة، نزلت بعد سورة (الحُجُرات)، وقد عاتَبَ اللهُ فيها النبيَّ صلى الله عليه وسلم بسبب تحريمه العسلَ على نفسه إرضاءً لزوجاته، وورَد فيها النهيُ عن أن يُحرِّمَ أحدٌ شيئًا على نفسه لإرضاء أحدٍ؛ فلا قُرْبةَ في ذلك، وكذا فيها تنبيهٌ لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ولكل المؤمنين على التزام الأدب مع الله، ومع رسوله صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
66
نوعها
مدنية
ألفاظها
254
ترتيب نزولها
107
العد المدني الأول
12
العد المدني الأخير
12
العد البصري
12
العد الكوفي
12
العد الشامي
12

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اْللَّهُ لَكَۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَۚ وَاْللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١ قَدْ فَرَضَ اْللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَٰنِكُمْۚ وَاْللَّهُ مَوْلَىٰكُمْۖ وَهُوَ اْلْعَلِيمُ اْلْحَكِيمُ ٢ وَإِذْ أَسَرَّ اْلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَٰجِهِۦ حَدِيثٗا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِۦ وَأَظْهَرَهُ اْللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُۥ وَأَعْرَضَ عَنۢ بَعْضٖۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتْ مَنْ أَنۢبَأَكَ هَٰذَاۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ اْلْعَلِيمُ اْلْخَبِيرُ ٣ إِن تَتُوبَآ إِلَى اْللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اْللَّهَ هُوَ مَوْلَىٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَٰلِحُ اْلْمُؤْمِنِينَۖ وَاْلْمَلَٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 1-4]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يمكُثُ عند زَيْنبَ بنتِ جَحْشٍ، ويَشرَبُ عندها عسَلًا، فتواصَيْتُ أنا وحَفْصةُ: أنَّ أيَّتَنا دخَلَ عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلْتقُلْ: إنِّي أجدُ منك رِيحَ مَغافيرَ، أكَلْتَ مَغافيرَ؟! فدخَلَ على إحداهما، فقالت له ذلك، فقال: «لا، بل شَرِبْتُ عسَلًا عند زَيْنبَ بنتِ جَحْشٍ، ولن أعُودَ له»؛ فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اْللَّهُ لَكَۖ} [التحريم: 1] إلى {إِن تَتُوبَآ إِلَى اْللَّهِ} [التحريم: 4] لعائشةَ وحَفْصةَ، {وَإِذْ أَسَرَّ اْلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَٰجِهِۦ} [التحريم: 3] لقوله: «بل شَرِبْتُ عسَلًا»». أخرجه البخاري (٥٢٦٧).

* قوله تعالى: {عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوَٰجًا خَيْرٗا مِّنكُنَّ} [التحريم: 5]:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «اجتمَعَ نساءُ النبيِّ ﷺ في الغَيْرةِ عليه، فقلتُ لهنَّ: {عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوَٰجًا خَيْرٗا مِّنكُنَّ} [التحريم: 5]؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ». أخرجه البخاري (٤٩١٦).

وعنه رضي الله عنه، قال: «لمَّا اعتزَلَ نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم نساءَه، قال: دخَلْتُ المسجدَ، فإذا الناسُ ينكُتون بالحصى، ويقولون: طلَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نساءَه، وذلك قبل أن يُؤمَرْنَ بالحِجابِ، فقال عُمَرُ: فقلتُ: لَأعلَمَنَّ ذلك اليومَ، قال: فدخَلْتُ على عائشةَ، فقلتُ: يا بنتَ أبي بكرٍ، أقَدْ بلَغَ مِن شأنِكِ أن تُؤذِي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما لي وما لك يا بنَ الخطَّابِ؟! عليك بعَيْبتِك، قال: فدخَلْتُ على حَفْصةَ بنتِ عُمَرَ، فقلتُ لها: يا حَفْصةُ، أقَدْ بلَغَ مِن شأنِكِ أن تُؤذِي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ واللهِ، لقد عَلِمْتِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّكِ، ولولا أنا لطلَّقَكِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فبكَتْ أشدَّ البكاءِ، فقلتُ لها: أين رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هو في خِزانتِه في المَشْرُبةِ، فدخَلْتُ، فإذا أنا برَباحٍ غلامِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قاعدًا على أُسْكُفَّةِ المَشْرُبةِ، مُدَلٍّ رِجْلَيهِ على نَقِيرٍ مِن خشَبٍ، وهو جِذْعٌ يَرقَى عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وينحدِرُ، فنادَيْتُ: يا رَباحُ، استأذِنْ لي عندَك على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فنظَرَ رَباحٌ إلى الغُرْفةِ، ثم نظَرَ إليَّ، فلَمْ يقُلْ شيئًا، ثم قلتُ: يا رَباحُ، استأذِنْ لي عندَك على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فنظَرَ رَباحٌ إلى الغُرْفةِ، ثم نظَرَ إليَّ، فلَمْ يقُلْ شيئًا، ثم رفَعْتُ صوتي، فقلتُ: يا رَباحُ، استأذِنْ لي عندَك على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فإنِّي أظُنُّ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَنَّ أنِّي جِئْتُ مِن أجلِ حَفْصةَ، واللهِ، لَئِنْ أمَرَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بضَرْبِ عُنُقِها، لَأَضرِبَنَّ عُنُقَها، ورفَعْتُ صوتي، فأومأَ إليَّ أنِ ارْقَهْ، فدخَلْتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو مضطجِعٌ على حصيرٍ، فجلَسْتُ، فأدنى عليه إزارَه، وليس عليه غيرُه، وإذا الحصيرُ قد أثَّرَ في جَنْبِه، فنظَرْتُ ببصَري في خِزانةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بقَبْضةٍ مِن شَعِيرٍ نحوِ الصَّاعِ، ومِثْلِها قَرَظًا، في ناحيةِ الغُرْفةِ، وإذا أَفِيقٌ معلَّقٌ، قال: فابتدَرتْ عَيْناي، قال: «ما يُبكِيك يا بنَ الخطَّابِ؟»، قلتُ: يا نبيَّ اللهِ، وما ليَ لا أبكي وهذا الحصيرُ قد أثَّرَ في جَنْبِك، وهذه خِزانتُك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قَيْصَرُ وكِسْرَى في الثِّمارِ والأنهارِ، وأنت رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وصَفْوتُه، وهذه خِزانتُك؟! فقال: «يا بنَ الخطَّابِ، ألَا تَرضَى أن تكونَ لنا الآخرةُ ولهم الدنيا؟»، قلتُ: بلى، قال: ودخَلْتُ عليه حينَ دخَلْتُ وأنا أرى في وجهِه الغضَبَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما يشُقُّ عليك مِن شأنِ النِّساءِ؟ فإن كنتَ طلَّقْتَهنَّ، فإنَّ اللهَ معك وملائكتَه وجِبْريلَ وميكائيلَ، وأنا وأبو بكرٍ والمؤمنون معك، وقلَّما تكلَّمْتُ - وأحمَدُ اللهَ - بكلامٍ إلا رجَوْتُ أن يكونَ اللهُ يُصدِّقُ قولي الذي أقولُ، ونزَلتْ هذه الآيةُ آيةُ التخييرِ: {عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوَٰجًا خَيْرٗا مِّنكُنَّ} [التحريم: 5]، {وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اْللَّهَ هُوَ مَوْلَىٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَٰلِحُ اْلْمُؤْمِنِينَۖ وَاْلْمَلَٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وكانت عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ وحَفْصةُ تَظاهرانِ على سائرِ نساءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أطلَّقْتَهنَّ؟ قال: «لا»، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي دخَلْتُ المسجدَ والمسلمون ينكُتون بالحَصى، يقولون: طلَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نساءَه، أفأنزِلُ فأُخبِرَهم أنَّك لم تُطلِّقْهنَّ؟ قال: «نعم، إن شِئْتَ»، فلَمْ أزَلْ أُحدِّثُه حتى تحسَّرَ الغضَبُ عن وجهِه، وحتى كشَرَ فضَحِكَ، وكان مِن أحسَنِ الناسِ ثَغْرًا، ثم نزَلَ نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ونزَلْتُ، فنزَلْتُ أتشبَّثُ بالجِذْعِ، ونزَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كأنَّما يمشي على الأرضِ، ما يَمَسُّه بيدِه، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّما كنتَ في الغُرْفةِ تِسْعةً وعِشْرينَ؟ قال: «إنَّ الشهرَ يكونُ تِسْعًا وعِشْرينَ»، فقُمْتُ على بابِ المسجدِ، فنادَيْتُ بأعلى صوتي: لم يُطلِّقْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نساءَه، ونزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا ‌جَآءَهُمْ ‌أَمْرٞ مِّنَ اْلْأَمْنِ أَوِ اْلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى اْلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي اْلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ اْلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْۗ} [النساء: 83]، فكنتُ أنا استنبَطْتُ ذلك الأمرَ، وأنزَلَ اللهُ عز وجل آيةَ التخييرِ». أخرجه مسلم (١٤٧٩).

* سورة (التحريم):

سُمِّيت سورة (التحريم) بهذا الاسم؛ لِما ذُكِر فيها من تحريمِ النبي صلى الله عليه وسلم على نفسِه ما أحلَّ اللهُ له؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اْللَّهُ لَكَۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَۚ وَاْللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [التحريم: 1].
* سورة (اْلنَّبِيِّ):
للسبب السابق نفسه.

* سورة {لِمَ تُحَرِّمُ}:
وتسميتها بهذا الاسمِ من قبيل تسمية السورة بأولِ كلمة فيها.

1. عتابٌ ومغفرة (١-٢).

2. إفشاء سرِّ الزوجية، وعواقبه (٣-٥).

3. الرعاية مسؤولية ومكافأة (٦-٩).

4. العِظات من سِيَر الأقدمين (١٠-١٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /245).

يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على تقديرِ التدبير في الآداب مع الله ومع رسوله، لا سيما للنساء؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم في حُسْنِ عِشْرته، وكريم صُحْبته، وبيان أن الأدبَ الشرعي تارة يكون باللِّين، وأخرى بالسوط وما داناه، ومرة بالسيف وما والاه.

واسماها (التحريم، والنبيُّ): موضِّحٌ لذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /99).