تفسير سورة يس

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة يس من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن العربي . المتوفي سنة 543 هـ
سورة يس
فيها أربع آيات

الْآيَةُ الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى :﴿ يس ﴾ :
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : هَكَذَا كُتِبَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي سَطَّرْنَاهَا الْآنَ، وَهِيَ فِي الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ ثَبَتَ قَوْلُهُ :﴿ ق ﴾ وَثَبَتَ قَوْلُهُ :﴿ ن وَالْقَلَمِ ﴾ ؛ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى التَّهَجِّي، فَيُقَالُ فِيهِ يَاسِين، وَلَا قِيلَ قَافْ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَلَا نُونْ وَالْقَلَمِ، وَلَوْ ثَبَتَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَقُلْت فِيهَا قَوْلَ مَنْ يَقُولُ : إنَّ قَافَ جَبَلٌ، وَإِنَّ نُونَ الْحُوتُ أَوْ الدَّوَاةُ ؛ فَكَانَتْ فِي ذَلِكَ حِكْمَةٌ بَدِيعَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ وَالصَّحَابَةَ الَّذِينَ تَوَلَّوْا كَتْبَ الْقُرْآنِ كَتَبُوهَا مُطْلَقَةً لِتَبْقَى تَحْتَ حِجَابِ الْإِخْفَاءِ، وَلَا يُقْطَعُ عَلَيْهَا بِمَعْنًى من الْمَعَانِي الْمُحْتَمَلَةِ ؛ فَإِنَّ الْقَطْعَ عَلَيْهَا إنَّمَا يَكُونُ بِدَلِيلِ خَبَرٍ ؛ إذْ لَيْسَ لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ أَنَّهُ اسْمٌ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ قَالَهُ مَالِكٌ، رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ قَالَ : سَأَلْت مَالِكًا هَلْ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ يس ؟ قَالَ : مَا أَرَاهُ يَنْبَغِي، لِقَوْلِ اللَّهِ :﴿ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ يَقُولُ : هَذَا اسْمِي يس.
الثَّانِي : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يس يَا إنْسَانُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَقَوْلُك يَا طَهَ : يَا رَجُلُ. وَعَنْهُ رِوَايَةُ أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ.
الثَّالِثُ : أَنَّهُ كُنِيَ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ لَهُ يَا يس أَيْ يَا سَيِّدُ. الرَّابِعُ أَنَّهُ من فَوَاتِحِ السُّوَرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : سَمَّانِي اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ سَبْعَةَ أَسْمَاءٍ : مُحَمَّدًا، وَأَحْمَدَ، وَطَه، وَيس، وَالْمُزَّمِّلَ وَالْمُدَّثِّرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ }. وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ جَمَعْنَا أَسْمَاءَهُ من الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ : لَا يُسَمَّى أَحَدٌ يس ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ كَلَامٌ بَدِيعٌ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَسَمَّى بِاسْمِ اللَّهِ إذَا كَانَ فِيهِ مَعْنًى مِنْهُ، كَقَوْلِهِ : عَالِمٌ، وَقَادِرٌ، وَمُرِيدٌ، وَمُتَكَلِّمٌ ؛ وَإِنَّمَا مَنَعَ مَالِكٌ من التَّسْمِيَةِ بِهَذَا، لِأَنَّهُ اسْمٌ من أَسْمَاءِ اللَّهِ لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ، فَرُبَّمَا كَانَ مَعْنَاهُ يَنْفَرِدُ بِهِ الرَّبُّ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ هَلْ هُوَ اسْمٌ من أَسْمَاءِ الْبَارِي فَيُقَدَّمُ عَلَى خَطَرٍ مِنْهُ، فَاقْتَضَى النَّظَرُ رَفْعَهُ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ سَلَامٌ عَلَى إلْ يَاسِينَ ﴾.
قُلْنَا : ذَلِكَ مَكْتُوبٌ بِهِجَاءٍ فَيَجُوزُ التَّسْمِيَةُ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي لَيْسَ بِمُتَهَجًّى هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَالِكٌ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ من الْإِشْكَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إمَامٍ مُبِينٍ ﴾.
فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ :
فِي سَبَبِ نُزُولِهَا :
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتْ مَنَازِلُ الْأَنْصَارِ بَعِيدَةً من الْمَسْجِدِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إلَى الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ :﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ فَقَالُوا : نَثْبُتُ مَكَانَنَا.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا بَنِي سَلِمَةَ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ. وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا قَرِيبًا من الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : يَا بَنِي سَلِمَةَ ؛ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ؛ يَعْنِي الْزَمُوا دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ لَكُمْ آثَارُكُمْ »، أَيْ خُطَاكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :«صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ }.
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إنْ هُوَ إلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾.
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : كَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى أَوْضَاعٍ : مِنْهَا الْخُطَبُ، وَالسَّجْعُ، وَالْأَرَاجِيزُ، وَالْأَمْثَالُ، وَالْأَشْعَارُ «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْصَحَ بَنِي آدَمَ »، وَلَكِنَّهُ حُجِبَ عَنْهُ الشِّعْرُ ؛ لَمَّا كَانَ اللَّهُ قَدْ ادَّخَرَ مَنْ جَعَلَ فَصَاحَةَ الْقُرْآنِ مُعْجِزَةً لَهُ، وَدَلَالَةً عَلَى صِدْقِهِ، لِمَا هُوَ عَلَيْهِ من أُسْلُوبِ الْبَلَاغَةِ وَعَجِيبِ الْفَصَاحَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ أَنْوَاعِ كَلَامِ الْعَرَبِ اللُّسْنِ الْبُلَغَاءِ الْفُصْحِ الْمُتَشَدِّقِينَ اللُّدِّ، كَمَا سَلَبَ عَنْهُ الْكِتَابَةَ وَأَبْقَاهُ عَلَى حُكْمِ الْأُمِّيَّةِ، تَحْقِيقًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ، وَتَأْكِيدًا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ﴾ ؛ لِأَجْلِ مُعْجِزَتِهِ الَّتِي بَيَّنَّا أَنَّ صِفَتَهَا من صِفَتِهِ، ثُمَّ هِيَ زِيَادَةٌ عُظْمَى عَلَى رُتْبَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ من أَوْضَاعِنَا فِي الْأُصُولِ وَجْهَ إعْجَازِ الْقُرْآنِ وَخُرُوجِهِ عَنْ أَنْوَاعِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَخُصُوصًا عَنْ وَزْنِ الشِّعْرِ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَخُو أَبِي ذَرٍّ لِأَبِي ذَرٍّ : لَقَدْ وَضَعْت قَوْلَهُ عَلَى أَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا، وَلَا دَخَلَ فِي بُحُورِ الْعَرُوضِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَا فِي زِيَادَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْبُحُورَ تَخْرُجُ من خَمْسِ دَوَائِرَ : إحْدَاهَا - دَائِرَةُ الْمُخْتَلَفِ يَنْفَكُّ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَبْحُرٍ : وَهِيَ الطَّوِيلُ، وَالْمَدِيدُ، وَالْبَسِيطُ ؛ ثُمَّ تَتَشَعَّبُ عَلَيْهَا زِيَادَاتٌ كُلُّهَا مُنْفَكَّةٌ.
الدَّائِرَةُ الثَّانِيَةُ - دَائِرَةُ الْمُؤْتَلَفِ يَنْفَكُّ مِنْهَا بَحْرُ الْوَافِرِ، وَالْكَامِلِ، ثُمَّ يَزِيدُ عَلَيْهَا زِيَادَاتٌ لَا تَخْرُجُ عَنْهَا.
الدَّائِرَةُ الثَّالِثَةُ دَائِرَةُ الْمُتَّفَقِ، وَيَنْفَكُّ مِنْهَا فِي الْأَصْلِ الْهَزَجُ، وَالرَّجَزُ، وَالرَّمَلُ، ثُمَّ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا.
الدَّائِرَةُ الرَّابِعَةُ - دَائِرَةُ الْمُجْتَثِّ يَجْرِي عَلَيْهَا سِتَّةُ أَبْحُرٍ : وَهِيَ السَّرِيعُ، وَالْمُنْسَرِحُ، وَالْخَفِيفُ، وَالْمُضَارَعُ، وَالْمُقْتَضَبُ، وَالْمُجْتَثُّ، وَيَزِيدُ عَلَيْهَا مَا يَجْرِي مَعَهَا فِي أَفَاعِيلِهَا.
الدَّائِرَةُ الْخَامِسَةُ دَائِرَةُ الْمُنْفَرِدِ، وَيَنْفَكُّ مِنْهَا عِنْدَ الْخَلِيلِ وَالْأَخْفَشِ بَحْرٌ وَاحِدٌ : وَهُوَ الْمُتَقَارَبُ، وَعِنْدَ الزَّجَّاجِ بَحْرٌ آخَرُ سَمَّوْهُ الْمُجْتَثُّ وَالْمُتَدَارَكُ وَرَكْضُ الْخَيْلِ.
وَلَقَدْ اجْتَهَدَ الْمُجْتَهِدُونَ فِي أَنْ يُجْرُوا الْقُرْآنَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ عَلَى وَزْنٍ من هَذِهِ الْأَوْزَانِ فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَظَهَرَ عِنْدَ الْوَلِيِّ وَالْعَدُوِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إنْ هُوَ إلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾. وَقَالَ :﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ :﴿ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ﴾ تَحْقِيقٌ فِي نَفْيِ ذَلِكَ عَنْهُ.
وَقَدْ اعْتَرَضَ جَمَاعَةٌ من فُصَحَاءِ الْمُلْحِدَةِ عَلَيْنَا فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِأَشْيَاءَ أَرَادُوا بِهَا التَّلْبِيسَ عَلَى الضَّعَفَةِ، مِنْهَا قَوْلُهُ ﴿ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ وَقَالُوا : إنَّ هَذَا من بَحْرِ الْمُتَقَارَبِ، عَلَى مِيزَانِ قَوْلِهِ :
فَأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بْنُ مُرٍّ فَأَلْفَاهُمْ الْقَوْمُ رُءُوسًا نِيَامًا
وَهَذَا إنَّمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْجَاهِلُونَ بِالصِّنَاعَةِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُلَائِمُ هَذَا الْبَيْتَ من الْآيَةِ قَوْلُهُ :( فَلَمَّا ). . . إلَى قَوْلِهِ ( كُلِّ ) وَإِذَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ لَمْ يَتِمَّ الْكَلَامُ. وَإِذَا أَتْمَمْنَاهُ بِقَوْلِهِ :﴿ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ خَرَجَ عَنْ وَزْنِ الشِّعْرِ، وَزَادَ فِيهِ مَا يَصِيرُ بِهِ عَشْرَةَ أَجْزَاءٍ كُلَّهَا عَلَى وَزْنِ فَعُولُنْ، وَلَيْسَ فِي بُحُورِ الشِّعْرِ مَا يَخْرُجُ الْبَيْتُ مِنْهُ من عَشْرَةِ أَجْزَاءٍ، وَإِنَّمَا أَكْثَرُهُ ثَمَانِيَةٌ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾ ادَّعَوْا أَنَّهُ من بَحْرِ الْوَافِرِ، وَقَطَّعُوهُ : مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ فَعُولُنْ مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ فَعُولُنْ ؛ وَهُوَ عَلَى وَزْنِ قَوْلِ الْأَوَّلِ :
لَنَا غَنَمٌ نَسُوقُهَا غِزَارٌ كَأَنَّ قُرُونَ جَلَّتِهَا الْعِصِيُّ
وَعَلَى وَزْنِ قَوْلِ الْآخَرِ :
طَوَالُ قَنَا يُطَاعِنُهَا قِصَارُ وَقَطْرُك فِي نَدًى وَوَغًى بِحَارُ
وَهَذَا فَاسِدٌ من أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا - أَنَّهُ إنَّمَا كَانَتْ تَكُونُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ زِدْت فِيهَا أَلِفًا بِتَمْكِينِ حَرَكَةِ النُّونِ من قَوْلِهِ مُؤْمِنِينَ فَتَقُولُ مُؤْمِنِينَا.
الثَّانِي : أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الرَّوِيِّ بِإِشْبَاعِ حَرَكَةِ الْمِيمِ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَيُخْزِهِمْ ﴾ وَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، وَإِذَا قُرِئَ عَلَى وَجْهِهِ لَمْ يَكُنْ شِعْرًا.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ من أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ ﴾ ؛ زَعَمُوا أَنَّهُ مُوَافِقٌ بَحْرَ الرَّجَزِ فِي الْوَزْنِ، وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ تَامٍّ، فَإِنْ ضَمَمْت إلَيْهِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْكَلَامُ خَرَجَ عَنْ وَزْنِ الشِّعْرِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ﴾ ؛ زَعَمُوا أَنَّهُ من بَحْرِ الرَّجَزِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ امْرِئِ الْقَيْسِ :
*رَهِينٌ مُعْجَبٌ بِالْقَيْنَاتِ*
وَهَذَا لَا يَلْزَمُ من وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى هَذَا الرَّوِيِّ إذَا زِدْت يَاءً بَعْدَ الْبَاءِ فِي قَوْلِك : كَالْجَوَابِي، فَإِذَا حَذَفْت الْيَاءَ فَلَيْسَ بِكَلَامٍ تَامٍّ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَزْنِ شَيْءٍ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ ؛ فَقَالُوا : هَذِهِ آيَةٌ تَامَّةٌ، وَهِيَ عَلَى وَزْنِ بَيْتٍ من الرَّمَلِ ؛ وَهَذِهِ مُغَالَطَةٌ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِأَنْ تُحْذَفَ من قَوْلِك لَا تَسْتَأْخِرُونَ قَوْلُهُ :" لَا تَسْ " وَتُوصِلُ قَوْلَك يَوْمٍ بِقَوْلِك تَأْخِرُونَ، وَتَقِفُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى النُّونِ من قَوْلِك تَأْخِرُونَ، فَتَقُولُ تَأْخِرُونَا بِالْأَلِفِ، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِصْرَاعًا ثَانِيًا، وَيُتِمُّ الْمِصْرَاعَانِ بَيْتًا من الرَّمَلِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ قُرِئَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، وَمَتَى قُرِئَتْ الْآيَةُ عَلَى مَا جَاءَتْ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَزْنِ الشِّعْرِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴾. وَهَذَا مَوْضُوعٌ عَلَى وَزْنِ الْكَامِلِ من وَجْهٍ، وَعَلَى رَوِيِّ الرَّجَزِ من وَزْنٍ آخَرَ ؛ وَهَذَا فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِمْ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ يَكُونُ عَلَى وَزْنِ فَعُولٌ، وَلَيْسَ فِي بَحْرِ الْكَامِلِ وَلَا فِي بَحْرِ الرَّجَزِ فَعُولُنْ بِحَالٍ، وَمَنْ أَشْبَعَ حَرَكَةَ الْمِيمِ فَلَا يَكُونُ بَيْتًا إلَّا بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ من دَانِيَةً، وَإِذَا حُذِفَتْ الْوَاوُ بَطَلَ نَظْمُ الْقُرْآنِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ وَوَضَعْنَا عَنْك وِزْرَك الَّذِي أَنَقَضَ ظَهْرَك وَرَفَعْنَا لَك ذِكْرَك ﴾ زَعَمُوا - - أَرْغَمَهُمْ اللَّهُ - أَنَّهَا من بَحْرِ الرَّمَلِ، وَأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ كُلُّ بَيْتٍ مِنْهَا عَلَى مِصْرَاعٍ، وَهُوَ من مَجْزُوِّهِ عَلَى فَاعِلَاتٍ فَاعِلَاتٍ، وَيَقُومُ فِيهَا فَعِلَاتٌ مَقَامَهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ : مَا جَاءَ فِي دِيوَانِ الْعَرَبِ بَيْتٌ من الرَّمَلِ عَلَى جُزْأَيْنِ، وَإِنَّمَا جَاءَ عَلَى سِتَّةِ أَجْزَاءٍ تَامَّةٍ كُلُّهَا فَاعِلَاتٌ أَوْ فِعْلَاتٌ، أَوْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فَاعِلَاتٌ أَوْ فِعْلَاتٌ ؛ فَأَمَّا عَلَى جُزْأَيْنِ كِلَاهُمَا فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ فَلَمْ يَرِدْ قَطُّ فِيهَا ؛ وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ من هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى وَزْنِ بَعْضِ بَيْتٍ، وَهَذَا مِمَّا لَا نُنْكِرُهُ وَإِنَّمَا نُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ آيَةٌ تَامَّةٌ، أَوْ كَلَامٌ تَامٌّ من الْقُرْآنِ عَلَى وَزْنِ بَيْتٍ تَامٍّ من الشِّعْرِ.
فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ يَكُونُ الْمَجْزُوءُ وَالْمُرَبَّعُ من الرَّمَلِ تَارَةً مُصَرَّعًا وَتَارَةً غَيْرَ مُصَرَّعٍ، فَمَا أَنْكَرْتُمْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ من الْمَجْزُوءِ وَالْمُرَبَّعِ الْمُصَرَّعِ من الرَّمَلِ. قُلْنَا : إنَّ الْبَيْتَ من الْقَصِيدَةِ إنَّمَا يَكُونُ مُصَرَّعًا إذَا كَانَ فِيهِ أَبْيَاتٌ أَوْ بَيْتٌ غَيْرُ مُصَرَّعٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَنْصَافُ أَبْيَاتِهِ كُلُّهَا عَلَى سَجْعٍ وَاحِدٍ وَكُلُّ نِصْفٍ مِنْهَا بَيْتٌ بِرَأْسِهِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّمَلِ مَا يَكُونُ عَلَى جُزْأَيْنِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ من هَذِهِ الْآيَاتِ جُزْآنِ، فَلَمْ يَرِدْ عَلَى شَرْطِ الرَّمَلِ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى :﴿ أَرَأَيْت الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ وَهَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَقَعُ فِي أَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ إلَّا بِحَذْفِ اللَّامِ من قَوْلِهِ :﴿ فَذَلِكَ ﴾ وَبِتَمْكِينِ حَرَكَةِ الْمِيمِ من الْيَتِيمِ، فَيَكُونُ الْيَتِيمَا.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى :{ إنِّي وَجَدْت امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ من كُل
الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي سَبَبِ نُزُولِهَا :
يُرْوَى أَنَّ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ أَوْ الْعَاصِيَ بْنَ وَائِلٍ مَرَّ بِرِمَّةٍ بَالِيَةٍ فَأَخَذَهَا، وَقَالَ : الْيَوْمَ أَغْلِبُ مُحَمَّدًا، وَجَاءَ إلَيْهِ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُعِيدُ هَذَا كَمَا بَدَأَهُ، وَفَتَّتَهُ بِيَدِهِ، حَتَّى عَادَ رَمِيمًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ إلَى آخِرِ السُّورَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي الْعِظَامِ حَيَاةً، وَأَنَّهُ يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ تَحِلُّ الْحَيَاةُ بِهِ فَيَخْلُفُهَا الْمَوْتُ يُنَجَّسُ وَيُحَرَّمُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ﴾ وَسَاعَدَنَا أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا حَيَاةَ فِيهِ وَلَا يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ. وَقَدْ اضْطَرَبَ أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ. فَإِنْ قِيلَ : أَرَادَ بِقَوْلِهِ :﴿ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ ﴾ يَعْنِي أَصْحَابَ الْعِظَامِ، وَإِقَامَةُ الْمُضَافِ مَقَامَ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ مَوْجُودٌ فِي الشَّرِيعَةِ.
قُلْنَا : إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِضَرُورَةٍ، وَلَيْسَ هَاهُنَا ضَرُورَةٌ تَدْعُو إلَى هَذَا الْإِضْمَارِ، وَلَا يُفْتَقَرُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ الْكَلَامُ عَلَى الظَّاهِرِ ؛ إذْ الْبَارِي سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ بِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَالْحَقِيقَةُ تَشْهَدُ لَهُ ؛ فَإِنَّ الْإِحْسَاسَ الَّذِي هُوَ عَلَامَةُ الْحَيَاةِ مَوْجُودٌ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
سورة يس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يس) من السُّوَر المكِّية، جاءت بمقصدٍ عظيم؛ وهو إثباتُ صحَّة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لَمِنَ اْلْمُرْسَلِينَ} [يس: 3]، وكذا إثباتُ صحة ما جاء به من عندِ الله عزَّ وجلَّ؛ فهو خلاصةُ الرُّسل والرسالات وخاتَمُهم، كما جاءت السورةُ - على غِرار السُّوَر المكية - بإثباتِ وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، وإثباتِ البعث والجزاء، وتقسيمِ الناس إلى: أبرارٍ أتقياء، ومجرِمين أشقياء، وقد جاء في فضلِ سورة (يس) أحاديثُ كثيرة لم يثبُتْ منها شيء، إلا حديث: «مَن قرَأَ {يسٓ} في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ، غُفِرَ له» أخرجه ابن حبان (٢٥٧٤).

ترتيبها المصحفي
36
نوعها
مكية
ألفاظها
731
ترتيب نزولها
41
العد المدني الأول
82
العد المدني الأخير
82
العد البصري
82
العد الكوفي
83
العد الشامي
82

* قوله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمْۚ} [يس: 12]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كانت الأنصارُ بعيدةً مَنازِلُهم مِن المسجدِ، فأرادوا أن يَقترِبوا؛ فنزَلتْ: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمْۚ} [يس: 12]، قال: فثبَتُوا». أخرجه ابن ماجه (٦٤٤).

* قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ اْلْإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَٰهُ مِن نُّطْفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ ٧٧ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلْقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحْيِ اْلْعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا اْلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩ اْلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ اْلشَّجَرِ اْلْأَخْضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ٨٠ أَوَلَيْسَ اْلَّذِي خَلَقَ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ اْلْخَلَّٰقُ اْلْعَلِيمُ ٨١ إِنَّمَآ أَمْرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيْـًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ٨٢ فَسُبْحَٰنَ اْلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٖ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 77-83]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «إنَّ العاصَ بنَ وائلٍ أخَذَ عَظْمًا مِن البَطْحاءِ، فَفَتَّهُ بيدِه، ثم قال لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أيُحيِي اللهُ هذا بعدما أرَمَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعم، يُمِيتُك اللهُ، ثم يُحيِيك، ثم يُدخِلُك جهنَّمَ»»، قال: «ونزَلتِ الآياتُ مِن آخرِ (يس)». "الصحيح المسند من أسباب النزول" (1 /174).

* سورةُ (يس):

سُمِّيت سورة (يس) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ، ولم يثبُتْ لها اسمٌ آخر.

* جاء في فضلِ سورة (يس) أحاديثُ كثيرة لم يثبُتْ منها شيء، إلا ما ورد مِن أنَّ مَن قرأها في ليلةٍ مبتغيًا وجهَ الله غُفِر له:

عن جُندُبِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن قرَأَ {يسٓ} في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ، غُفِرَ له». أخرجه ابن حبان (٢٥٧٤).

1. القَسَمُ بالقرآن الكريم، وحالُ النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه (١-١٢).

2. قصة أصحاب القَرْية (١٣-١٩).

3. الرَّجل المؤمن يدعو قومه لاتباع المرسلين (٢٠-٣٢).

4. بعض آيات من قدرة الله (٣٣-٤٤).

5. إعراض الكفار عن الحق (٤٥-٤٧).

6. إنكار المشركين البعثَ والساعة (٤٨-٥٤).

7. جزاء (٥٥-٦٨).

8. الأبرار المتقون (٥٥-٥٨).

9. المجرمون الأشقياء (٥٩-٦٨).

10. إثبات وجود الله سبحانه وتعالى، ووَحْدانيته (٦٩-٧٦).

11. إقامة الدليل على البعث والنشور (٧٧-٨٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /299).

مقصدُ سورةِ (يس) هو إثباتُ صحة رسالةِ النبي صلى الله عليه وسلم، والأمرُ بتصديقِ النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به، الذي هو خالصةُ المرسَلين وخاتمُهم، وجلُّ فائدةِ هذه الرسالة إثباتُ الوَحْدانية لله، والإنذارُ بيوم القيامة، وإصلاحُ القلب الذي به صلاحُ الدنيا والدِّين.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /390).