تفسير سورة القصص

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة القصص من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ﴾ [ القصص : ١٠ ].
٧١٧- ابن رشد : سئل مالك عن تفسير :﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ﴾ قال : ذهاب العقل في رأيي، يقول الله تعالى :﴿ لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ﴾١. ٢
والإنسان إذا أهمه الشيء لم يكد يذكر معه شيئا غيره، حتى إن المريض ليمرض فما يكاد يذكر غير مرضه الذي هو فيه.
٧١٨- ابن العربي : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : فارغا من العقل٣. ٤
١ - سورة القصص، الآية: ١٠..
٢ - البيان والتحصيل: ١٢/ ٤٨٣ قال محمد بن رشد معقبا على تفسير الإمام مالك: "قوله- يعني مالكا - في تفسير: "وأصبح فؤاد أم موسى فارغا" بأنه ذهاب العقل معناه: أنها أصبحت ذاهلة على ولدها ذاهلة على كل شيء إلا عن مرضه ومن ذهل عن شيء فلم يفعله"..
٣ - قال القرطبي: والمعنى أنه حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع: ١٣/ ٢١٥..
٤ - القبس: ٣/١٠٨٠ كتاب التفسير: وقال ابن العربي بعده: "يعني بعدم الصبر وغلبة الولد". وقال في أحكام القرآن بعد أن أورد قول الإمام مالك: "يريد- يعني مالكا- امتلأ ولها" وزاد قائلا: "يروى أنها لما رمته في البحر جاءها الشيطان فقال لها: لو حبسته فذبح فتوليت دفنه وعرفت موضعه! وأما الآن فقد قتلته أنت. وسمعت ذلك. ففرغ فؤادها مما كان فيه من الوحي. إلا أن الله ربط على قلبها بالصبر". ينظر: المحرر: ١٢/١٤٦، والجامع: ١٣/ ٢٥٥، والجواهر الحسان: ٣/١٧١..
الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ ولما بلغ أشده ﴾ [ القصص : ١٤ ].
٧١٩- القرطبي : قال مالك : الأشد الحلم. ١
١ - الجامع: ١٣/ ٢٥٨..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ فلما جاءه وقص عليه القصص ﴾ [ لقصص : ٢٥ ].
٧٢٠- ابن كثير : روى ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز الأزدي حدثنا مالك ابن أنس، أنه بلغه أن شعيبا-عليه السلام- هو الذي قص عليه موسى القصص. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٣٨٥، وأخرجه السيوطي في الدر: ٦/ ٤٠٧..
الآية الرابعة : قوله تعالى :﴿ قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ﴾ [ القصص : ٢٧ ].
٧٢١- ابن رشد : قال مالك : من عبرة إنكاح البكر ولا تستأمر، ما في القرآن :﴿ إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ﴾ لم يذكر في هذا استثمار. ١
١ - البيان والتحصيل: ٤/ ٢٦٠. قال محمد بن رشد: احتجاج مالك لمذهبه في هذه المسألة بهذه الآية، يدل على أن شريعة من قبلنا لازمة لنا عنده إذا لم يكن في شرعنا ما ينسخها عنا، ويدل على ذلك من مذهبه أيضا احتجاجه في موطنه يقول تعالى: ﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس﴾ [المائدة: ٤٥]. وإنما هو خطاب لليهود في شرعهم. ينظر: المحرر: ١٢/ ١٦١، والجامع: ١٣/ ٢٧١، والألوسي: م٧ ج٢٠/٧٠ وقال ابن العربي: "واحتجاج مالك بهذه الآية يدل على أنه كان يعول على الإسرائيليات، وفيها أنهما كانتا بكرين، وبينا ذلك في شرح الموطأ ومسائل الخلاف". أحكام القرآن: ٣/١٤٧٧..
الآية الخامسة : قوله تعالى :﴿ والله على ما نقول وكيل ﴾ [ القصص : ٢٨ ].
٧٢٢- ابن العربي : قال مالك : إنه ينعقد ( النكاح ) دون شهود وإنما يشترط فيه الإعلان والتصريح. ١
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/ ١٤٨٠. قال ابن العربي: وقد مهدنا هذه المسألة في كتب الخلاف وبينا أنه عقد معاوضة، فلا يشترط لانعقاده الإشهاد كالبيع، وإنما شرطنا الإعلان للحديث المشهور الصحيح: "فرق ما بين النكاح والسفاح الدف"..
الآية السادسة : قوله تعالى :﴿ ما علمت لكم من إله غيري ﴾ [ القصص : ٣٨ ].
٧٢٣- مكي : أشهب عن مالك قال : سمعت أن فرعون عاش أربعة مائة سنة، وأنه أقام بعد أن أتاه موسى بالآيات. وقال :﴿ ما علمت لكم من إله غيري ﴾ أربعين سنة، قال مالك : قال الله عز وجل :﴿ إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ﴾١، وقال : لكم يكن فرعون من بني إسرائيل. ٢
١ - سورة آل عمران، الآية: ١٧٨..
٢ -الهداية: ٨٢ مخطوط خ. ح: ٩٧٨٢. وينظر: البيان والتحصيل: ١٨/٤٠٨. والمحرر: ١٤/١٣٨..
الآية السابعة : قوله تعالى :﴿ ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ﴾ [ القصص : ٧٧ ].
٧٢٤- ابن رشد : قال ابن القاسم : سئل مالك عن تفسير قول الله عز وجل :﴿ ولا تنس نصيبك من الدنيا ﴾ ما هو ؟ قال : وسئل عن :﴿ وأحسن كما أحسن الله إليك ﴾ ما هو ؟ قال : أن يعيش ويأكل ويشرب غير مضيق عليه في شيء١. ٢
١ - في رواية أخرى: غير مضيق عليه في رأيي "البيان والتحصيل: ١٨/٤٥١"، وفي أحكام القرآن لابن العربي: "غير مضيق عليك في رأيي" ٣/١٤٨٣..
٢ - البيان والتحصيل: ١٨/٣٤٧ قال محمد بن رشد معقبا على تفسير مالك: "رد مالك تأويل هذه الآية إلى معنى قول الله عز وجل": ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما﴾ [الفرقان: ٦٧].
وقال ابن العربي: في أحكام القرآن: "أرى مالكا أراد الرد على من يرى الغالين في العبادة والتقشف والتعصف والبأساء"، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الحلوى، ويشرب العسل، ويستعمل الشواء ويشرب الماء البارد، ولهذا قال الحسن: أمر أن يأخذ من ماله قدر عيشه، ويقدم ما سوى ذلك لآخرته وأبدع ما فيه عندي قول قتادة: ولا تنس الحلال فهو نصيبك من الدنيا. وياما أحسن هذا" ٣/١٤٨٣.
ينظر: المنتقى: ٧/٢٢٠..

الآية الثامنة : قوله تعالى :﴿ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ﴾ [ القصص : ٨٥ ].
٧٢٥- ابن كثير : روى مالك عن الزهري :﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى يوم القيامة. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٤٠٣..
سورة القصص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَصَص) من السُّوَر المكية التي جاءت ببيانِ إعجاز هذا الكتاب، وبيانِ صِدْقِ نبوة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم؛ من خلال قَصِّ القِصَص التي علَّمها اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وذكَرتِ السورةُ قصةَ موسى عليه السلام مع فِرْعون، وخروجَه من (مِصْرَ) إلى (مَدْيَنَ)، والتقاءَه بابنتَيْ شُعَيبٍ عليه السلام، وما تَبِع ذلك من التفاصيل التي كان مقصودُها بيانَ صراعِ الحقِّ والباطل، وأن النُّصرةَ لهذا الدِّين، وكذلك بيَّنت السورةُ تواضع الأنبياء مع الله عز وجل، ورَدَّ الأمرِ والفضل كلِّه لله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
28
نوعها
مكية
ألفاظها
1438
ترتيب نزولها
49
العد المدني الأول
88
العد المدني الأخير
88
العد البصري
88
العد الكوفي
88
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ ‌أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ} [القصص: 56]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعَمِّه: «قُلْ: لا إلهَ إلا اللهُ، أشهَدُ لك بها يومَ القيامةِ»، قال: لولا أن تُعيِّرَني قُرَيشٌ، يقولون: إنَّما حمَلَه على ذلك الجَزَعُ؛ لأقرَرْتُ بها عينَك؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ ‌أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ} [القصص: 56]». أخرجه مسلم (٢٥).

* سورة (القَصَص):

سُمِّيت سورةُ (القَصَص) بذلك؛ لوقوع لفظ (القَصَص) فيها في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَآءَهُۥ وَقَصَّ عَلَيْهِ ‌اْلْقَصَصَ} [القصص: 25].

اشتملت سورةُ (القَصَص) على الموضوعات الآتية:

1. طغيان فرعون، ووعد الله تعالى بإنقاذ المضطهدين، وعقوبة المفسدين (١-٦).

2. ميلاد موسى ونجاته من القتل (٧-١٣).

3. قتل القِبْطي خطأً، والخروج إلى (مَدْيَنَ) (١٤-٢١).

4. اللجوء إلى (مَدْيَنَ)، وزواج موسى عليه السلام (٢٢-٢٨).

5. بعثة موسى وهارون عليهما السلام، وتأييدهما (٢٩-٣٥).

6. بَدْء الدعوة، وتكذيب فرعون وجنوده، ونزول العقاب بهما (٣٦-٤٢).

7. إيتاء التوراة لموسى والقرآن لمُحمَّد عليهما السلام (٤٣-٥٠).

8. الإشارة إلى مؤمني أهلِ الكتاب، وتحذير كفار قريش من الرُّكون إلى الدنيا (٥١-٦١).

9. موقف المشركين يوم القيامة ودعوتهم للتوبة /توحيد الله تعالى (٦٢-٧٥).

10. قصة قارون وعاقبة البَغْي والتكبُّر (٧٦-٨٤).

11. بشارة النبيِّ بالعودة إلى مكَّةَ سالمًا (٨٥-٨٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /516).

مقصدُ سورة (القَصَص): هو بيانُ صراع الحقِّ والباطل، ونُصْرة الله لهذا الدِّين، وبيانُ تواضع الأنبياء لله عزَّ وجلَّ، ونتج عن هذا التواضعِ ردُّ الأمر كلِّه لله؛ كما تَجلَّى ذلك في قصة موسى عليه السلام مع المرأتين، ومردُّ ذلك إلى الإيمان بالآخرة، والإيمانِ بنبوَّة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، الثابتةِ بإعجاز القرآن، الذي أخبر بالغيب الذي لم يطَّلِعْ عليه أحد، وإنما هو من عند الله عزَّ وجلَّ، بما علَّمه اللهُ من القِصص الصادقة.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /338).