تفسير سورة الماعون

كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل

تفسير سورة سورة الماعون من كتاب كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
لمؤلفه أبو بكر الحداد اليمني . المتوفي سنة 800 هـ

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ ؛ قال مقاتلُ والكلبي :((نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلِ السَّهْمِيِّ))، معناهُ : أرأيتَ أعَلِمْتَ يا مُحَمَّدُ الذي كذبَ بالبعثِ والحساب والجزاء.
وكان العاصُ بن وائلٍ أوَّلَ من أنكرَ إظهارَ البعثِ، وكان في حُجرهِ يتيمٌ ظلمَهُ ومنعَهُ حقَّهُ وأكلَ مِيراثَهُ، وكان لا يُطْعِمُ المسكينَ بنفسهِ، ولا يأمرُ غيرَهُ بالإطعامِ. وهذه السُّورة فيها تَهديدٌ له ولكلِّ مَن يعملُ عمَلُه. قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ الدَّعُّ : هو الدفعُ على وجههِ العنيف.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ ؛ أرادَ بذلك المنافقين الذين يَسهُونَ في صلاتِهم عن ذكرِ الله من حيث لا يقصُدون عبادتَهُ والتقرُّبَ إليه، ولذلكَ قالَ تعالى :﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ ﴾ ؛ إذا رآهُم المخلِصون صَلَّوا معَهم رياءً، وإذا لم يرَوهم لم يُصلُّوا. وفي هذا بيانُ أنه ليس المرادَ في الآيةِ سهوُ نسيانٍ.
وعن الحسنِ أنه قالَ :((يَسْهُونَ عَنْ مِيقَاتِهَا حَتَّى تَفُوتَ))، وقال مجاهدُ :((يَسْهُونَ عَنْهَا، وَيَلْهُونَ وَلاَ يُفَكِّرُونَ فِيْهَا))، وعن أنسٍ قال :((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ السَّهْوَ هَا هُنَا فِي صَلاَتِهِمْ، وَإنَّمَا جَعَلَ السَّهْوَ عَنْ صَلاَتِهِمْ)). وعن عطاءِ بن دينار أنه قالَ :((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَالَ :﴿ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ وَلَمْ يَقُلْ : فِي صَلاتِهم ساهون)). وَقِيْلَ : السَّاهي عنها هو الذي إذا صَلاَّها ؛ صَلاَّها رياءً، وإذا فاتَتْهُ لم يندَمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ ؛ رُوي عن ابنِ مسعود وابنِ عبَّاس ((مَا يَبْذُلُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِثْلَ الْفَأْسِِ وَالْمِسْحَاةِ وَالْقِدْر وَالدَّلْوِ وَأشْبَاهِ ذلِكَ)). وَقِيْلَ : الماعونُ : ما لا يحلُّ منعهُ مثل الماءِ والملح والنار.
وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت :" قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ مَا الَّذِي لاَ يَحِلُّ مَنْعُهُ ؟ قَالَ :" الْمَاءُ وَالنَّارُ وَالْمِلْحُ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ هَذا الْمَاءُ فَمَا بَالُ النَّار وَالْمِلْحِ ؟ قَالَ :" يَا حُمَيْرَاءُ مَنْ أعْطَى نَاراً فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بجَمِيعِ مَا طُبخَ بذلِكَ النَّار. وَمَنْ أعْطَى مِلْحاً فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بجَمِيعِ مَا طُيِّبَ بذلِكَ الْمِلْحِ، وَمَنْ سَقَى شُرْبَةً مِنَ الْمَاءِ حَيْثُ يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أعْتَقَ سِتِّينَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَى شَرْبَةً حَيْثُ لاَ يُوْجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أحْيَا نَفْساً " ".
وعن عليٍّ رضي الله عنه :((أنَّ الْمَاعُونَ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ)).
سورة الماعون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الماعون) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (التكاثر)، وقد ذكَرتْ سوءَ حال مَن لا يؤمن بيوم الحساب، ولا يُعِدُّ له العُدَّة، فيَتقوَّى على الضعيف، ولا يُطعِم المسكينَ، ولا يُقِيم صلاته، وينافق ليُرِيَ الناس، ويمتنع عن مساعدة الناس بما يحتاجون إليه.

ترتيبها المصحفي
107
نوعها
مكية
ألفاظها
25
ترتيب نزولها
17
العد المدني الأول
6
العد المدني الأخير
6
العد البصري
7
العد الكوفي
7
العد الشامي
6

* سورة (الماعون):

سُمِّيت سورة (الماعون) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (الماعون) في خاتمتها.

1. ذمُّ الكافر المكذِّب بالحساب (١-٣).

2. ذمُّ المنافق (٤-٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /380).

التعجيب ممن كذَّبوا بوقوع الساعة وما يتصفون به من الصفاتِ السيئة؛ من الاعتداءِ على الضعفاء، والإمساك عن إطعام المسكين، والإعراض عن الصلاة، ومنعِهم الماعونَ عن الناس.

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /464).