تفسير سورة الماعون

مراح لبيد

تفسير سورة سورة الماعون من كتاب مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد المعروف بـمراح لبيد.
لمؤلفه نووي الجاوي . المتوفي سنة 1316 هـ

سورة الماعون
وتسمى سورة الدين، وسورة أرأيت، مكية ومدنية، سبع آيات، خمس وعشرون كلمة، مائة وثلاثة وعشرون حرفا
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فرأى إما بصرية فالمعنى أأبصرت المكذب بالجزاء، أو بالإسلام أو هل عرفته، وإما بمعنى أخبرني الذي يكذب بالحساب من هو، ويدل على هذا قراءة عبد الله بن مسعود أرأيتك بزيادة حرف الخطاب والكاف لا تلحق البصرية، وقرأ نافع بتسهيل الهمزة بعد الراء ولورش إبدالها ألفا، وأسقطها الكسائي ولم يصح عن العرب «ريت»، ولكن لما كان حرف الاستفهام في أول الكلام سهل حذف الهمزة فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) والفاء جواب شرط محذوف أي إن أردت أن تعرف المكذب بالحساب فذلك الذي يدفع اليتيم بعنف عن حقه.
وقرئ «يدع اليتيم» أي يتركه ولا يدعوه أي يدعو جميع الأجانب ويترك اليتيم أي يترك المواساة معه، وإن لم تكن المواساة واجبة وقد يذم المرء بترك النوافل، وقرئ «يدعو اليتيم» أي يدعوه رياء، ثم لا يطعمه، وإنما يدعوه استخداما أو قهرا، وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣) أي ولا يحث أهله وغيرهم من الموسرين على صدقة المساكين.
قال ابن جريج: نزلت هذه الآية في أبي سفيان كان ينحر جزورين في كل أسبوع فأتاه يتيم فسأله لحما فقرعه بعصاه، وقال مقاتل: نزلت في العاص بن وائل السهمي، وكان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة والإتيان بالأفعال القبيحة، وحكى الماوردي أنها نزلت في أبي جهل.
روي أنه كان وصيا ليتيم فجاءه وهو عريان يسأله شيئا من مال نفسه فدفعه ولم يعبأ به فأيس الصبي، فقال له أكابر قريش: قل لمحمد يشفع لك وكان غرضهم الاستهزاء، ولم يعرف اليتيم ذلك فجاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم والتمس منه ذلك وهو صلّى الله عليه وسلّم ما كان يرد محتاجا فذهب معه إلى أبي جهل فرحب به وبذل المال لليتيم فعيره قريش، فقالوا: صبوت، فقال: لا والله ما صبوت، لكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة خفت إن لم أجبه يطعنها فيّ.
667
وقال السدي: نزلت في الوليد بن المغيرة وقال الضحاك: نزلت في عمرو بن عائذ المخزومي، وقال عطاء عن ابن عباس نزلت في رجل من المنافقين فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) والنسيان عن الصلاة، هو أن يبقى الإنسان ناسيا لذكر الله في جميع أجزاء الصلاة وهذا لا يصدر إلا عن المنافق الذي يعتقد أنه لا فائدة في الصلاة أما المسلم الذي يعتقد أن فيها فائدة دينية يمتنع أن لا يتذكر أمر الدين والثواب والعقاب في شيء من أجزاء الصلاة. بلى، قد يحصل له السهو في الصلاة بمعنى أنه يصير ساهيا في بعض أجزاء الصلاة فثبت أن السهو في الصلاة من أفعال المؤمن، والسهو عن الصلاة من أفعال الكافر. الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) بصلاتهم فإذا فاتتهم مع الناس تركوها بالمرة، والمرائي من يظهر الأعمال عند الناس مع زيادة الخشوع ليعتقد فيه من يراه أنه من أهل الدين والصلاح أما من يظهر النوافل ليقتدى به ويأمن على نفسه من الرياء فلا بأس بذلك وليس بمراء، وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧) أي ويمنعون الناس الزكاة أو يمنعون الطالبين منافع البيت كالفأس، والقدوم، والإبرة، والقدر، والقصعة، والمغرفة، والمقدحة، والغربال، والدلو، والملح، والماء، والنار.
668
سورة الماعون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الماعون) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (التكاثر)، وقد ذكَرتْ سوءَ حال مَن لا يؤمن بيوم الحساب، ولا يُعِدُّ له العُدَّة، فيَتقوَّى على الضعيف، ولا يُطعِم المسكينَ، ولا يُقِيم صلاته، وينافق ليُرِيَ الناس، ويمتنع عن مساعدة الناس بما يحتاجون إليه.

ترتيبها المصحفي
107
نوعها
مكية
ألفاظها
25
ترتيب نزولها
17
العد المدني الأول
6
العد المدني الأخير
6
العد البصري
7
العد الكوفي
7
العد الشامي
6

* سورة (الماعون):

سُمِّيت سورة (الماعون) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (الماعون) في خاتمتها.

1. ذمُّ الكافر المكذِّب بالحساب (١-٣).

2. ذمُّ المنافق (٤-٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /380).

التعجيب ممن كذَّبوا بوقوع الساعة وما يتصفون به من الصفاتِ السيئة؛ من الاعتداءِ على الضعفاء، والإمساك عن إطعام المسكين، والإعراض عن الصلاة، ومنعِهم الماعونَ عن الناس.

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /464).