ويقال لها : سورة الدين، وسورة الماعون، وسورة اليتيم. وهي ست، أو سبع آيات. وهي مكية في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس، ومدنية في قول قتادة وآخرين. وعن ابن عباس : نزلت بمكة، وعن ابن الزبير مثله، وقيل : نصفها الأول مكي، ونصفها الثاني مدني، والأول في العاص بن وائل، والثاني في عبد الله بن أبي بن سلول. وقال مقاتل والكلبي : نزلت في العاص بن وائل السهمي، وقال السدي : في الوليد بن المغيرة، وقال الضحاك : في عمرو بن عائذ، وقال ابن جريج : في أبي سفيان، وقيل : في رجل من المنافقين.
ﰡ
قرأ الجمهور أرأيت بإثبات الهمزة الثانية وقرىء بإسقاطها، قال الزجاج: لا يقال في رأيت ريت ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفاً، والرؤية بمعنى المعرفة وقيل هي البصرية فتتعدى إلى مفعول واحد، وهو الموصول أي أبصرت المكذب وقيل إنها بمعنى أخبرني فتتعدى إلى مفعولين الثاني محذوف أي من هو، والأول أولى، قيل وفي الكلام حذف والمعنى (أرأيت الذي يكذب بالدين) أمصيب هو أم مخطىء.
قال الواحدي نزلت في المنافقين الذين لا يرجون بصلاتهم ثواباً أن صلوا ولا يخافون عليها عقاباً أن تركوا فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها، وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا.
قال النخعي الذي هم عن صلاتهم ساهون هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا وهكذا ملتفتاً. وقال قطرب هو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله؛ وقرأ ابن مسعود لاهون مكان ساهون قال ابن عباس هم المنافقون يتركون الصلاة في السر ويصلون في العلانية.
عن مصعب بن سعد قال: قلت لأبيّ أرأيت قول الله (الذين هم عن صلاتهم ساهون) أينا لا يسهو أينا لا يحدث نفسه، قال إنه ليس كذلك إنه إضاعة الوقت.
وعن سعد بن أبي وقاص قال سألت النبي ﷺ عن الآية قال " هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها " قال الحاكم والبيهقي الموقوف
وعن أبي برزة الأسلمي قال لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الله أكبر هذه الآية خير لكم من أن يعطي كل رجل منكم جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته. وإن تركها لم يخف ربه " رآه ابن جرير وابن مردويه، قال السيوطي بسند ضعيف ففي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف، وشيخه مبهم لم يسم، وعن ابن عباس قال هم الذين يؤخرونها عن وقتها.
قال أكثر المفسرين: الماعون اسم لما يتعاوره الناس بينهم من الدلو والفأس والقدر، وما لا يمنع كالماء والملح، وقيل هو الزكاة أي يمنعون زكاة أموالهم، قال الزجاج وأبو عبيد والمبرد الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة حتى الفأس والدلو والقدر والقادحة، وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير.
وقالوا أيضاًً الماعون في الإسلام الطاعة والزكاة، وقال الفراء سمعت بعض العرب يقول الماعون الماء، وقيل الماعون هو الحق على العبد على العموم، وقيل هو المستقل من منافع الأموال، مأخوذ من المعن وهو القليل.
وعن ابن مسعود قال " كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عارية الدلو والقدر والفأس والميزان وما تتعاطون بينكم " وعنه قال " كان المسلمون يستعيرون من المنافقين القدر والفأس وشبهه فيمنعونهم فأنزل الله ويمنعون الماعون.
وعن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في الآية قال " ما تعاور الناس بينهم الفأس والقدر والدلو وأشباهه " أخرجه أبو نعيم والديلمي وابن عساكر.
وعن قره بن دعموص النمري أنهم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا يا رسول الله ما تعهد إلينا قال " لا تمنعوا الماعون قالوا وما الماعون قال في الحجر والحديدة وفي الماء قالوا فأي الحديدة قال قدركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به، قالوا وما الحجر، قال قدوركم الحجارة " أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه. قال ابن كثير غريب جداً ورفعه منكر، وفي إسناده من لا يعرف.
وعن سعيد بن عياض عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الماعون الفأس والقدر والدلو وقال ابن عباس عارية متاع البيت، وعن علي ابن أبي طالب قال الماعون الزكاة الفروضة يراؤون بصلاتهم ويمنعون زكاتهم.
وتسمى سورة النحر هي ثلاث آيات وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة، وعن ابن عباس وابن الزبير وعائشة أنها نزلت سورة الكوثر بمكة.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)