تفسير سورة القصص

تذكرة الاريب في تفسير الغريب

تفسير سورة سورة القصص من كتاب تذكرة الاريب في تفسير الغريب
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ

شيعا أي فرقا يستضعف طائفة منهم وهم بنو إسرائيل
وما كانوا يحذرون لأنهم أخبروا أن هلاكهم على يد إسرائيلي
وأوحينا ألهمنا
ليكون لهم عدوا هذه اللام العاقبة فصار عدوا في دينهم وحزنا لما صنعه بهم
وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يده
فارغا أي من غير ذكر موسىإن كادت لتبدي به وذلك حين حملت لرضاعه كادت تقول هو ابني لولا أن ربطنا أي شددنا قلبها وقويناه بالصبر لتكون من المؤمنين أي من المصدقين بوعد الله
قصبة أي اتبعي أثرهعن جنب أي عن بعد منها عنه
وحرمنا أي منعناهولما قالت وهم له ناصحون قيل لها لعلك تعرفين أهله فقالت إنما قلت وهم للملك ناصحون
والأشد مذكور في يوسف قال مجاهد واستوى بلغ أربعين سنة
ودخل المدينة يعني مصر على حين غفلة وهو نصف النهارمن شيعته أي من بني إسرائيل من عدوه أي من القبط فقضى عليه قتله
بما أنعمت علي بالمغفرة ظهيرا عونا وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي نصره كان كافرا
يترقب ينتظر سوءايسصرخه أي يستغيث به على قبطي آخر قال له أي الإسرائيلي إنك لغوي قد قتلت بالأمس رجلا لأجلك وتدعوني إلى آخر
ثم أراد أن يبطش بالقبطي فظن الإسرائيلي لموضع غضب موسى أنه يريده فقال يا موسى أتريد أن تقتلني فعلموا حينئذ من قاتل الأول فطلب موسى ليقتل فأتاه مؤمن آل فرعون من أقصى المدينة فقال إن الملأ يعني الأشراف يأتمرون يتشاورون
فخرج لا يعلم الطريق فلذلك قال عسى ربي أن يهديني
فورد مدين جائعا فرأى ابنتي شعيب واسم الكبرى صبورا واسم الصغرى عبرا تذودان تكفان غنمهما وإنما قالت شيخ كبير لإقامة العذر
ولما أنزلت إلي أي إلى ما وأراد بالخير الطعام
وقص عليه القصص أي أخبره بأمره من حين ولد إلى حين جاءهوإنما قال نحوت لأن فرعون لم يكن له سلطان بتلك الأرض
قالت إحداهما وهي الكبرى وإنما قالت القوي لرفعه صخرة عظيمة عن البئر وحده وإما قالت الأمين لأنه أمرها أن تمشي خلفه لئلا يراها
تأجرني تكون أجيرا ليمن الصالحين في حسن الصحبة والوفاء
فقضى موسى الأجل التام وهل تزوج الكبرى أم الصغرى فيه قولانوالحذوة قطعة حطب فيها نار
من شاطىء الوادي جانبه الأيمن وهو الذي عن يمين موسىمن الشجرة أي من ناحيتها وكانت شجرة العناب وقيل عوسجة
واضمم إليك جناحك أي عضدك من الرهب أي من الفرق قال مجاهد كل من فزع فصم جناحه إليه ذهب عنه الفزعفذانك قال الزجاج التشديد تثنيه ذلك والتخفيف تثنية ذاك يعني العصا واليد حجتان أرسلت بهاتين إلى فرعون
والردء العون
قوله تعالى بآياتنا أي تغلبونهم بآياتنا
فأوقد لي أي اصنع الاجر والصرح القصر العالياطلع أي أشرف على إله موسى وإني لأظن موسى كاذبا في ادعائه إلها غيري
ويوم القيامة أي لعنة أخرى من المقبوحين أي المبعدين المعلونين
بجانب الغربي أي بجانب الجبل الغربي إذ قضينا أي أحكمنا الأمر مع موسى بإرساله إلى فرعون وقومه وما كنت من الشاهدين لذلك الأمر والمعنى لو لم نوح إليك ما علمت فهذا دليل على نبوته
أنشأنا قرونا أي بعد موسى فنسوا عهد اللهوما كنت ثاويا أي مقيما بمدين فتعلم خبر موسى وشعيبتتلو على أهل مكة ذلك والمعنى نحن أخبرناك
ولكن رحمة أي أوحينا إليك ذلك رحمة
ولولا أن تصيبهم مصيبة جواب لولا محذوف تقديره لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقاب
جاءهم يعني أهل مكة الحق وهو محمد عليه السلام والقرآن وطلبوا مثل اليد والعصاساحران يعنون موسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم ومن قرأ سحران عني التوراة والقرآن
وصلنا لهم القول أي أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضا
الذين آتيناهم الكتاب يعني مؤمنيهم من قبله يعنون القرآن والمعنى آمنا بكونه لأنه ذكره في كتبنا
مرتين لصبرهم على الإيمان بكتابهم الأول وبمحمد صلى الله عليه وسلمواللغو الأذى والسبسلام عليكم أي بيننا المتاركة وهذا منسوخ بآية السيف
نتخطف أي تأخذنا العرب لقلتنا من أرض مكة لمخالفتنا إياهمآمنا أي ذا أمن والمعنى أنتم في الحرم آمنون مع الشرك فكيف تخافون مع الإيمان
بطرت معيشتها أي بطرت في معيشتها والبطر الطغيان في النعمةإلا قليلا أي لا يسكنها إلا المسافرون وما الطريق ساعة أو يوما
في أمها أي في أعظمها والمراد مكة والرسول محمد صلى الله عليه وسلم
من المحضرين في عذاب الله تعالى والآية في المؤمن والكافر
ويوم يناديهم أي ينادي الله المشركين أين شركائي في زعمكم
قال الذين حق عليهم القول وهم رؤساء الضلالة هؤلاء الذين أغوينا يعني الأتباع تبرأنا منهم
وقيل للكفار ادعوا شركاءكم أي استعينوا بآلهتكم لتخلصكم من العذاب لو أنهم كانوا يهتدون جوابه محذوف تقديره ما اتبعوهم
فغميت عليهم الأنباء أي عمو عن الحجج فلا يسأل بعضهم بعضا عن حجة
وعسى من الله واجب
ما كان لهم الخيرة ما للنفي والمعنى ليس لهم أن يختاروا على الله وفي الخيرة ثلاث لغات فتح الخاء وكسرها مع سكون الياء وكسر الخاء مع فتح الياء
وله الحكم وهو الفصل بين الخلق
لتسكنوا فيه أي في الليلمن فضله بالمعايش
شهيدا وهو الرسول يشهد على الأمة بالتبليغبرهانكم أي حجتكم على ما كنتم تعبدون
من قوم موسى أي من عشيرته وكان ابن عمه فبغي بالكفرلتنوء بالعصبة أي تثقلهم وتميليهم وفي العصبة ها هنا ثلاثة أقوال أحدها ما بين الثلاثة إلى العشرة والثاني أربعون والثالث خمسة عشرإذا قال له قومه أي المؤمنون منهم لا تفرح أي لا تبطر
ولا تنس نصيبك من الدنيا أي تعمل فيها للآخرة
أوتيته يعني المال على علم أي على علم الله في خيراولا يسأله عن ذنوبهم المجرمون المعنى يعذبون من غير سؤال
ولا يلقاها أي يوفق لهذه الكلمة وهي ثواب الله خير
وإنما خسف بداره لأنه لما هلك قال قوم إنما أهلكه موسى ليأخذ ماله
قوله تعالى ويك قال الفراء ويكأن في كلام العرب كقول الرجل أما ترى
علوا أي بغيا
فرض عليك القرآن أي فرض العمل به لرادك إلى معاد وهو يوم القيامة
إلا رحمة من ربك أي إلا أن ربك رحمك
سورة القصص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَصَص) من السُّوَر المكية التي جاءت ببيانِ إعجاز هذا الكتاب، وبيانِ صِدْقِ نبوة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم؛ من خلال قَصِّ القِصَص التي علَّمها اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وذكَرتِ السورةُ قصةَ موسى عليه السلام مع فِرْعون، وخروجَه من (مِصْرَ) إلى (مَدْيَنَ)، والتقاءَه بابنتَيْ شُعَيبٍ عليه السلام، وما تَبِع ذلك من التفاصيل التي كان مقصودُها بيانَ صراعِ الحقِّ والباطل، وأن النُّصرةَ لهذا الدِّين، وكذلك بيَّنت السورةُ تواضع الأنبياء مع الله عز وجل، ورَدَّ الأمرِ والفضل كلِّه لله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
28
نوعها
مكية
ألفاظها
1438
ترتيب نزولها
49
العد المدني الأول
88
العد المدني الأخير
88
العد البصري
88
العد الكوفي
88
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ ‌أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ} [القصص: 56]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعَمِّه: «قُلْ: لا إلهَ إلا اللهُ، أشهَدُ لك بها يومَ القيامةِ»، قال: لولا أن تُعيِّرَني قُرَيشٌ، يقولون: إنَّما حمَلَه على ذلك الجَزَعُ؛ لأقرَرْتُ بها عينَك؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ ‌أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ} [القصص: 56]». أخرجه مسلم (٢٥).

* سورة (القَصَص):

سُمِّيت سورةُ (القَصَص) بذلك؛ لوقوع لفظ (القَصَص) فيها في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَآءَهُۥ وَقَصَّ عَلَيْهِ ‌اْلْقَصَصَ} [القصص: 25].

اشتملت سورةُ (القَصَص) على الموضوعات الآتية:

1. طغيان فرعون، ووعد الله تعالى بإنقاذ المضطهدين، وعقوبة المفسدين (١-٦).

2. ميلاد موسى ونجاته من القتل (٧-١٣).

3. قتل القِبْطي خطأً، والخروج إلى (مَدْيَنَ) (١٤-٢١).

4. اللجوء إلى (مَدْيَنَ)، وزواج موسى عليه السلام (٢٢-٢٨).

5. بعثة موسى وهارون عليهما السلام، وتأييدهما (٢٩-٣٥).

6. بَدْء الدعوة، وتكذيب فرعون وجنوده، ونزول العقاب بهما (٣٦-٤٢).

7. إيتاء التوراة لموسى والقرآن لمُحمَّد عليهما السلام (٤٣-٥٠).

8. الإشارة إلى مؤمني أهلِ الكتاب، وتحذير كفار قريش من الرُّكون إلى الدنيا (٥١-٦١).

9. موقف المشركين يوم القيامة ودعوتهم للتوبة /توحيد الله تعالى (٦٢-٧٥).

10. قصة قارون وعاقبة البَغْي والتكبُّر (٧٦-٨٤).

11. بشارة النبيِّ بالعودة إلى مكَّةَ سالمًا (٨٥-٨٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /516).

مقصدُ سورة (القَصَص): هو بيانُ صراع الحقِّ والباطل، ونُصْرة الله لهذا الدِّين، وبيانُ تواضع الأنبياء لله عزَّ وجلَّ، ونتج عن هذا التواضعِ ردُّ الأمر كلِّه لله؛ كما تَجلَّى ذلك في قصة موسى عليه السلام مع المرأتين، ومردُّ ذلك إلى الإيمان بالآخرة، والإيمانِ بنبوَّة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، الثابتةِ بإعجاز القرآن، الذي أخبر بالغيب الذي لم يطَّلِعْ عليه أحد، وإنما هو من عند الله عزَّ وجلَّ، بما علَّمه اللهُ من القِصص الصادقة.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /338).