تفسير سورة العنكبوت

تذكرة الاريب في تفسير الغريب

تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب تذكرة الاريب في تفسير الغريب
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ

ألم أحسب الناس أن يتركوا أي أظنوا أن يقنع منهم بقولهم آمنا من غير امتحان يبين إيمانهم
فليعلمن أي ليرين
السيئات الشركيسبقونا يفوتونا
يرجو لقاء الله في يونسفإن أجل الله يعني الأجل المضروب للبعث
يجاهد لنفسه أي ثوابه إليه يرجع
ولنجزينهم أحسن أي بأحسن
جعل فتنة الناس أي نصيبهم في الدنيا كعذاب الله في الآخرة ولئن جاء نصر من ربك أي دولة للمؤمنين ليقولن يعني المنافقين معكم أي على دينكم
ولتحمل خطاياكم لفظه أمر وتأويله شرط وجزاء تقديره إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم أثقالكم
وليحملن أثقالهم أي أوزار نفوسهم وأثقال الذين أضلوهم وليسئلن توبيخا وتقريعاوالطوفان الغرق
وجعلناها يعني السفينة
وتخلقون أي تختلفون كذبا
ثم يعيده أي وهو ثم يعيده
ولا في السماء ولو كنتم في السماء
وقال يعني إبراهيم إنما اتخذتم مودة بينكم المعنى إنما اتخذتموها لتوادوا بها في الدنيا فتجتمعون عندها وتتلاقونيكفر بعضكم ببعض أي يتبرأ القادة من الأتباع
وقال يعني إبراهيم إني مهاجر إلى ربي أي إلى رضاه فهاجر من سواد العراق إلى الشام فلم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا من صلبه
وآتيناه أجره وهو الثناء الحسن
وتقطعون السبيل وكانوا يرمون ابن السبيل بالحجارةوالنادي المجلس والمنكر إتيان الرجال في مجالسهم
وقال الرسول أي يقول في القيامة
زجرا وهو الحصب والخسف
ولقد تزكنا منها أي من الفعلة التي فعلت بهم آية وهو الماء الأسود الذي على وجه الأرض
وارجوا اليوم أي أخشوه
وقد تبين لكم أي ظهر لكم يا أهل مكة من منازلهم بالحجاز واليمن آية في هلاكهم وكانوا مستبصرين أي ذوي بصائر
وما كانوا سابقين أي ما كانوا يفوتون الله
أولياء يعني الأصنام
تنهى عن الفحشاء لما يتلى فيها ولذكر الله لكم أكبر اكبر من ذكركم له
إلا بالتي هي أحسن وهي الكف عنهم إذا بذلوا الجزية إلا الذين ظلموا منهم بالمحاربة والامتناع من الجزية فجادلوا هؤلاء بالسيف وقال أبو هريرة رضي الله عنه كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية للمسلمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل اليكم
وكذلك أي وكما أنزلنا عليهم الكتاب أنزلنا إليكومن هؤلاء يعني من أسلم من أهل مكة
من كتاب من زائدة والمعنى ما كنت قارئا ولا كاتبا
آيات من ربه أي كآيات الأنبياء
بيني وبينكم شهيدا أي يشهد بأني رسوله ويشهد عليكم بالتكذيب وشهادة الله بإتيان المعجزة
والأجل المسمى القيامة
لمحيطة جامعة لهم
إن أرضي واسعة الخطاب لمؤمني مكة قيل لهم المدينة واسعة فلا تجاوروا الظلمة
لنبوئنهم أي لننزلنهم
لا تحمل رزقها أي لا تذخره
قل الحمد لله أي على إقرارهم لأن إقرارهم أوجب عليهم التوحيد
لهي الحيوان أي الحياة
مخلصين له أي أفردوه بالدعاء دون أصنامهم
ليكفروا هذا لفظ أمر ومعناه التهدد كقوله تعالى أعلموا ما شئتم والمعنى ليجحدوا نعمه الله في إنجائه إياهم
ويتخطف الناس أي أن العرب يسبي بعضهم بعضا وأهل مكة آمنونوالباطل الأصنام ونعمه الله محمد والإسلام وقيل هي أن آمنهم وأطعمهم
جاهدوا فينا أي لأجلنالنهدينهم لنزيدنهم هدايةلمع المسحنين بالنصر والعون
سورة العنكبوت
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العنكبوت) من السُّوَر المكية التي جاءت بالحثِّ على جهادِ الفِتَن، والصَّبر عليه، ضاربةً مَثَلَ بيتِ العنكبوت لِمَن يتخذ مِن دون الله أندادًا؛ فمَن يعتمد على غير الله فظهرُه مكسورٌ ضعيف، ومَن أوى إلى الله وآمَن به فقد أوى إلى رُكْنٍ شديدٍ؛ ومن هنا دعَتِ السورةُ إلى التمسُّك بحبلِ الله المتين، وتركِ الوهنِ والوهمِ الذي يعيشه الكفار، ويعيشه كلُّ من يبتعدُ عن صراطِ الله، وهَدْيِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
29
نوعها
مكية
ألفاظها
982
ترتيب نزولها
85
العد المدني الأول
69
العد المدني الأخير
69
العد البصري
69
العد الكوفي
69
العد الشامي
69

* قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا اْلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٞ فَلَا تُطِعْهُمَآۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه: أنَّه نزَلتْ فيه آياتٌ مِن القرآنِ، قال: «حلَفتْ أمُّ سعدٍ ألَّا تُكلِّمَه أبدًا حتى يكفُرَ بدِينِه، ولا تأكُلَ ولا تَشرَبَ، قالت: زعَمْتَ أنَّ اللهَ وصَّاك بوالدَيْكَ، وأنا أمُّك، وأنا آمُرُك بهذا، قال: مكَثتْ ثلاثًا حتى غُشِيَ عليها مِن الجَهْدِ، فقامَ ابنٌ لها يقالُ له: عُمَارةُ، فسقَاها، فجعَلتْ تدعو على سعدٍ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل في القرآنِ هذه الآيةَ: {وَوَصَّيْنَا ‌اْلْإِنسَٰنَ ‌بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنٗاۖ} [العنكبوت: 8]، {وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشْرِكَ بِي} [لقمان: 15]،  وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي اْلدُّنْيَا مَعْرُوفٗاۖ} [لقمان: 15]». أخرجه مسلم (١٧٤٨).

* سورة (العنكبوت):

سُمِّيت سورة (العنكبوت) بذلك؛ لأنَّها اختصَّتْ بذِكْرِ مَثَلِ العنكبوت؛ قال تعالى: {مَثَلُ اْلَّذِينَ اْتَّخَذُواْ مِن دُونِ اْللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ اْلْعَنكَبُوتِ اْتَّخَذَتْ بَيْتٗاۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ اْلْبُيُوتِ لَبَيْتُ اْلْعَنكَبُوتِۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41].

اشتمَلتْ سورةُ (العنكبوت) على الموضوعات الآتية:

1. اختبار الناس وجزاؤهم (١-٧).

2. التوصية بحُسْنِ معاملة الوالدَينِ، وبيان خِسَّة المنافقين (٨-١٣).

3. قصص الأنبياء عليهم السلام (١٤-٤٣).

4. قصة نُوحٍ عليه السلام (١٤-١٥).

5. قصة إبراهيمَ عليه السلام (١٦-٢٧).

6. قصة لُوطٍ عليه السلام (٢٨-٣٥).

7. قصة شُعَيب وهُودٍ وصالح وموسى عليهم السلام (٣٦-٤٣).

8. خَلْقُ السموات والأرض، تلاوة القرآن، إقامة الصلاة (٤٤-٤٥).

9. مناقشة أهل الكتاب، ومطالبُهم التعجيزية (٤٦-٥٥).

10. حض المؤمنين على الهجرة عند التضييق عليهم (٥٦-٦٠).

11. حال الدنيا والآخرة، واعتراف المشركين بالله الخالق، الرزَّاق، المُحيي (٦١ -٦٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /581).

تعلَّقَ مقصودُ سورة (العنكبوت) بالإيمان والفتنة؛ فحثَّتْ على الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، والدعاء إلى الله تعالى وَحْده، من غير تعريجٍ على غيره سبحانه؛ لئلا يكون مَثَلُ المُعرِّج كمَثَلِ العنكبوت؛ فإن ذلك مَثَلُ كلِّ مَن عرَّجَ عنه سبحانه، والتجأ إلى غيره، وتعوَّضَ عِوَضًا منه؛ فهي سورة تُظهِر قوَّة المؤمنين، وضَعْفَ الكافرين.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /345).