تفسير سورة العنكبوت

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر ﴾ [ العنكبوت : ٢٩ ].
٧٢٦- مكي : قال مالك : إذا شهد على الفاعل والمفعول به أربعة شهداء عدول رجما ولا يرجمان حتى يرى كما يرى المرود في المكحلة أحصنا أو لم يحصنا إذا كانا قد بلغا الحلم. ١
١ - الهداية: ٢٤٦ مخطوط خ. ع رقم ٥٣٣٧.
وقال محمد المنتصر الكتاني في كتابه: معجم فقه السلف: "أتى هشام بن عبد الله المخزومي قاضي المدينة برجل يتبع الصبيان، فبعث هشام إلى مالك وقال: أرى أن أقتله؟ فقال مالك: أما القتل، فلا، ولكن أرى أن تعاقبه موجعة. فقال كم؟ قال: ذلك إليك؟ فأمر به هشام فجلد أربعمائة سوط، وأبقاه في السجن، فما لبث أن مات فذكروا ذلك لمالك فما استنكر، ولا أرى أنه خطأ": ٩/٢٥٧-٢٥٨..

الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴾.
٧٢٧- السيوطي : أخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من صلى صلاة لم تأمره بالمعروف وتنهه عن المنكر لم تزده صلاته من الله إلا بعدا ). ١
١ - الدر: ٦/٤٦٥..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ﴾ [ العنكبوت : ٥٦ ].
٧٢٨- ابن عطية : قال مالك : إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق. ١
١ - المحرر: ١٢/ ٢٣٥. وينظر: الجامع: ١٣/٣٥٨، وروح المعاني: م٧ ج ٢٧/٩..
سورة العنكبوت
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العنكبوت) من السُّوَر المكية التي جاءت بالحثِّ على جهادِ الفِتَن، والصَّبر عليه، ضاربةً مَثَلَ بيتِ العنكبوت لِمَن يتخذ مِن دون الله أندادًا؛ فمَن يعتمد على غير الله فظهرُه مكسورٌ ضعيف، ومَن أوى إلى الله وآمَن به فقد أوى إلى رُكْنٍ شديدٍ؛ ومن هنا دعَتِ السورةُ إلى التمسُّك بحبلِ الله المتين، وتركِ الوهنِ والوهمِ الذي يعيشه الكفار، ويعيشه كلُّ من يبتعدُ عن صراطِ الله، وهَدْيِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
29
نوعها
مكية
ألفاظها
982
ترتيب نزولها
85
العد المدني الأول
69
العد المدني الأخير
69
العد البصري
69
العد الكوفي
69
العد الشامي
69

* قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا اْلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٞ فَلَا تُطِعْهُمَآۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه: أنَّه نزَلتْ فيه آياتٌ مِن القرآنِ، قال: «حلَفتْ أمُّ سعدٍ ألَّا تُكلِّمَه أبدًا حتى يكفُرَ بدِينِه، ولا تأكُلَ ولا تَشرَبَ، قالت: زعَمْتَ أنَّ اللهَ وصَّاك بوالدَيْكَ، وأنا أمُّك، وأنا آمُرُك بهذا، قال: مكَثتْ ثلاثًا حتى غُشِيَ عليها مِن الجَهْدِ، فقامَ ابنٌ لها يقالُ له: عُمَارةُ، فسقَاها، فجعَلتْ تدعو على سعدٍ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل في القرآنِ هذه الآيةَ: {وَوَصَّيْنَا ‌اْلْإِنسَٰنَ ‌بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنٗاۖ} [العنكبوت: 8]، {وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشْرِكَ بِي} [لقمان: 15]،  وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي اْلدُّنْيَا مَعْرُوفٗاۖ} [لقمان: 15]». أخرجه مسلم (١٧٤٨).

* سورة (العنكبوت):

سُمِّيت سورة (العنكبوت) بذلك؛ لأنَّها اختصَّتْ بذِكْرِ مَثَلِ العنكبوت؛ قال تعالى: {مَثَلُ اْلَّذِينَ اْتَّخَذُواْ مِن دُونِ اْللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ اْلْعَنكَبُوتِ اْتَّخَذَتْ بَيْتٗاۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ اْلْبُيُوتِ لَبَيْتُ اْلْعَنكَبُوتِۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41].

اشتمَلتْ سورةُ (العنكبوت) على الموضوعات الآتية:

1. اختبار الناس وجزاؤهم (١-٧).

2. التوصية بحُسْنِ معاملة الوالدَينِ، وبيان خِسَّة المنافقين (٨-١٣).

3. قصص الأنبياء عليهم السلام (١٤-٤٣).

4. قصة نُوحٍ عليه السلام (١٤-١٥).

5. قصة إبراهيمَ عليه السلام (١٦-٢٧).

6. قصة لُوطٍ عليه السلام (٢٨-٣٥).

7. قصة شُعَيب وهُودٍ وصالح وموسى عليهم السلام (٣٦-٤٣).

8. خَلْقُ السموات والأرض، تلاوة القرآن، إقامة الصلاة (٤٤-٤٥).

9. مناقشة أهل الكتاب، ومطالبُهم التعجيزية (٤٦-٥٥).

10. حض المؤمنين على الهجرة عند التضييق عليهم (٥٦-٦٠).

11. حال الدنيا والآخرة، واعتراف المشركين بالله الخالق، الرزَّاق، المُحيي (٦١ -٦٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /581).

تعلَّقَ مقصودُ سورة (العنكبوت) بالإيمان والفتنة؛ فحثَّتْ على الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، والدعاء إلى الله تعالى وَحْده، من غير تعريجٍ على غيره سبحانه؛ لئلا يكون مَثَلُ المُعرِّج كمَثَلِ العنكبوت؛ فإن ذلك مَثَلُ كلِّ مَن عرَّجَ عنه سبحانه، والتجأ إلى غيره، وتعوَّضَ عِوَضًا منه؛ فهي سورة تُظهِر قوَّة المؤمنين، وضَعْفَ الكافرين.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /345).