تفسير سورة العنكبوت

تفسير ابن أبي زمنين

تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين.
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
وهي مكية كلها إلا عشر آيات مدنية من أولها إلى قوله :﴿ وليعلمن المنافقين ﴾. .

قَوْله: ﴿الم﴾ قَدْ مَضَى (الْقَوْلُ فِيهِ) فِي أول سُورَة الْبَقَرَة
﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ يَعْنِي: يُبْتَلَوْنَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ هُمْ قَوْمٌ كَانُوا بِمَكَّةَ مِمَّنْ أَسْلَمَ كَانَ قَدْ وُضِعَ عَنْهُم الْجِهَاد وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ مَا افْتُرِضَ الْجِهَادُ، وَقَبِلَ مِنْهُمْ أَنْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَلَا
339
يُجَاهِدُوا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ حِينَ أَخْرَجَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ؛ فَلَمَّا أُمِرُوا بِالْجِهَادِ كَرِهُوا الْقِتَالَ
340
﴿وَلَقَد فتنا﴾ اخْتَبَرْنَا ﴿الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذين صدقُوا﴾ بِمَا أَظْهَرَوُا مِنَ الْإِيمَانِ ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبين﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَهَذَا عِلْمُ الْفِعَالِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَعْنَى عِلْمُ الْفِعَالِ: الْعِلْمُ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْجَزَاءُ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ الصَّادِقَ وَالْكَاذِبَ قبل خلقهما.
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ يَعْنِي: الشّرك ﴿أَن يسبقونا﴾ حَتَّى لَا نَقْدِرَ عَلَيْهِمْ فَنُعَذِّبَهُمْ أَيْ: قَدْ حَسِبُوا ذَلِكَ وَلَيْسَ كَمَا ظنُّوا ﴿سَاءَ مَا﴾ أَي: بئس مَا ﴿يحكمون﴾ أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ، ثُمَّ لَا يَبْعَثُهُمْ فَيَجْزِيَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله﴾ يَقُولُ: مَنْ كَانَ يَخْشَى الْبَعْثَ، وَهَذَا الْمُؤْمِنُ ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآت﴾ يَعْنِي: الْبَعْث
ثم قال :﴿ من كان يرجو لقاء الله ﴾ يقول : من كان يخشى البعث، وهذا المؤمن ﴿ فإن أجل الله لآت ﴾ يعني : البعث.
﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ يَقُولُ: يُعْطِيهِ اللَّهُ ثَوَابَ ذَلِكَ. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ أَي: عَن عِبَادَتهم.
دون تفسير.
﴿وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ﴾ يَعْنِي: جَمِيعَ النَّاسِ بِوَالِدِيهِ ﴿حُسْنًا﴾ أَيْ: بِرًّا ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي﴾ أَيْ: أَرَادَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي ﴿مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم﴾ أَيْ: أَنَّكَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعِي شَرِيكًا؛ يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ ﴿فَلا تطعهما﴾.
سُورَة النعكبوت من (آيَة ٩ آيَة ١٣).
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحين﴾ (يَعْنِي: مَعَ الصَّالِحِينَ) وَهُمْ أَهْلُ الْجنَّة
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّه﴾ رَجَعَتِ الْقِصَّةُ إِلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ ﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وليعلمن الْكَاذِبين﴾ فَوَصَفَ الْمُنَافِقَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْآخِرَةِ، فَقَالَ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كعذاب الله﴾ أَيْ: إِذَا أُمِرَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِيهِ أَذًى، رَفَضَ مَا أُمِرَ بِهِ. وَأَقَامَ عَنِ الْجِهَادِ، وَجَعَلَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَلِيَّةِ فِي الْقِتَالِ إِذَا كَانَتْ بَلِيَّةً كَعَذَابِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ خَوَّفَهُ عَذَابَ الْآخِرَةِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ بِهِ ﴿وَلَئِنْ جَاءَ نصر من رَبك﴾ يَعْنِي: نصرا على الْمُشْركين ﴿ليقولون﴾ يَعْنِي: جَمَاعَتَهُمْ ﴿إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ﴾ يطْلبُونَ الْغَنِيمَة، قَالَ الله: ﴿أَو لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالمين﴾ أَيْ: أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ فِي صُدُورِهِمُ التَّكْذِيبُ بِاللَّهِ وبرسوله وهم يظهرون الْإِيمَان
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتبعُوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم﴾ أَيْ: مَا كَانَ فِيهِ مِنْ إِثْمٍ فَهُوَ [عَلَيْنَا] وَهَذَا مِنْهُمْ إِنْكَارٌ لِلْبَعْثِ وَالْحِسَابِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (ولنحمل) هُوَ أَمْرٌ فِي تَأْوِيلِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، الْمَعْنَى: إِنْ تَتَّبِعُوا سَبِيلَنَا حملنَا خطاياكم أَيْ إِنْ كَانَ فِيهِ إِثْمٌ فَنحْن نحمله وَإِلَى هَذَا
341
(ل ٢٥٩) ذهب يحيى. ﴿وَمَا هم﴾ يَعْنِي: الْكَافِرِينَ ﴿بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ﴾ يَعْنِي: خَطَايَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ لَو أتبعوهم ﴿وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ﴾.
342
﴿وليحملن أثقالهم﴾ يَعْنِي: آثَامَ أَنْفُسِهِمْ ﴿وَأَثْقَالا مَعَ أثقالهم﴾ يَقُولُ: يَحْمِلُونَ مِنْ ذُنُوبِ مَنِ اتَّبَعَهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ، وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ ذُنُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ شَيْئًا.
يَحْيَى: عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ".
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ١٤ آيَة ١٨).
﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خمسين عَاما﴾ قَالَ كَعْبٌ: لَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، ثُمَّ لَبِثَ بَعْدَ الطُّوفَانِ سِتّمائَة سنة ﴿فَأَخذهُم الطوفان﴾ إِلَى قَوْله: ﴿آيَة للْعَالمين﴾ قَدْ مَضَى تَفْسِيرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي سُوْرَةِ هُودٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالطُّوفَانُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا كَانَ كَثِيرًا مُهْلِكًا لِلْجَمَاعَةِ؛ كَالْغَرَقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى جَمَاعَةٍ وَالْقَتْلِ الذَّرِيعِ وَالْمَوْت الجارف.
قد مضى تفسير هذه القصة في سورة هود.
﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أوثانا وتخلقون إفكا﴾ أَي: تَقولُونَ كذبا
﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ من قبلكُمْ﴾ أَيْ: فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، يُحَذِّرُهُمْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين﴾ أَيْ: لَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تُكْرِهَ النَّاس على الْإِيمَان.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ١٩ آيَة ٢٣).
﴿أَو لم يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ﴾ بَلَى قَدْ رَأُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ خَلَقَ الْعِبَادَ ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ يُخْبِرُ أَنَّهُ يَبْعَثُ الْعِبَادَ ﴿إِنَّ ذَلِك على الله يسير﴾ خلقهمْ وبعثهم
﴿ثمَّ الله ينشئ﴾ يخلق ﴿النشأة الْآخِرَة﴾ يَعْنِي: الْبَعْث
﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء﴾ يَعْنِي: مَا أَنْتُمْ بِسَابِقِي اللَّهِ بِأَعْمَالِكُمُ الْخَبِيثَةِ فَتَفُوتُونَهُ هَرَبًا؛ يَقُوْلُهُ للْمُشْرِكين.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٤ آيَة ٢٧).
﴿فَمَا كَانَ جَوَاب قومه﴾ رَجَعَ إِلَى قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ: فِيمَا صَنَعَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهُ وَمَا نَجَّاهُ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا يَعْتَبِرُ الْمُؤْمِنُونَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: من قَرَأَ (جَوَاب) بِالنّصب جعل (أَن قَالُوا) اسْم كَانَ.
﴿ثمَّ قَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أوثانا مَوَدَّة بَيْنكُم﴾ أَيْ: يُحِبُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
قَالَ مُحَمَّد: (مَوَدَّة) مَنْصُوبٌ بِمَعْنَى: اتَّخَذْتُمْ هَذَا لِلْمَوَدَّةِ. ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْض﴾ أَيْ: يَتَبَرَّأُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ
﴿وَقَالَ إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي﴾ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُهُ؛ هَاجَرَ مِنْ أَرْضِ الْعرَاق إِلَى أَرض الشَّام
﴿وَآتَيْنَاهُ أجره﴾ فِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ دِينٍ إِلَّا وَهُمْ يَتَوَلُّونَهُ وَيُحِبُّونَهُ.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٨ آيَة ٣٠).
﴿ولوطا﴾ أَيْ: وَأَرْسَلْنَا لُوطًا ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُم لتأتون الْفَاحِشَة﴾ يَعْنِي: إِتْيَانَ الرِّجَالِ فِي أَدْبَارِهِمْ
﴿أئنكم لتأتون الرِّجَال﴾.
قَالَ مُحَمَّد: (أئنكم) لَفْظُهُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْمَعْنَى مَعْنَيَ التَّقْرِير والتوبيخ. ﴿وتقطعون السَّبِيل﴾ كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ الطَّرِيقَ يَأْخُذُونَ الْغُرَبَاءَ؛ فَيَأْتُونَهُمْ فِي أَدْبَارِهِمْ، وَلَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكر﴾ فِي مَجْمَعِكُمُ الْمُنْكَرَ؛ يَعْنِي: فِعْلَهُمْ ذَلِك.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣١ ٣٥).
﴿وَلما أَن جَاءَت رسلنَا﴾ يَعْنِي: الْمَلَائِكَة ﴿إِبْرَاهِيم بالبشرى﴾ بِإِسْحَاقَ ﴿قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِه الْقرْيَة﴾ يَعْنُونَ: قَرْيَةَ لُوْطٍ ﴿إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظالمين﴾ مُشْرِكين
﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ لِمَا تَخَوَّفَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ فِعْلِ قَوْمِهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ آدَمِيُّونَ. ﴿وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ﴾ الْمَلَائِكَة قالته للوط
﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يفسقون﴾ يشركُونَ
﴿وَلَقَد تركنَا مِنْهَا آيَة (ل ٢٦٠﴾ بَيِّنَة} أَي: [عِبْرَة] ﴿لقوم يعْقلُونَ﴾ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ قصَّة قوم لوط.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣٦ آيَة ٣٨).
﴿وَإِلَى مَدين﴾ أَيْ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى مَدْيَنَ ﴿أَخَاهُمْ شعيبا﴾ أَخُوهُمْ فِي النَّسَبِ، وَلَيْسَ بِأَخِيهِمْ فِي الدِّينِ ﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ﴾ أَي: صدقُوا بِهِ
﴿فَكَذبُوهُ فَأَخَذتهم الرجفة﴾ الْعَذَابُ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دَارهم جاثمين﴾ أَي: هالكين.
﴿وعادا وثمودا﴾ أَي: وأهلكنا عادا وثمودا ﴿وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ﴾ يَعْنِي: مَا رَأَوْا مِنْ آثَارِهِمْ ﴿وَكَانُوا مستبصرين﴾ فِي الضَّلَالَة.
سُورَة العنكبوت من (آيَة ٣٩ - آيَة ٤٠).
﴿وَقَارُون﴾ أَيْ: وَأَهْلَكْنَا قَارُونَ ﴿وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَمَا كَانُوا سابقين﴾ أَيْ: يَسْبِقُونَنَا؛ حَتَّى لَا نَقْدِرَ عَلَيْهِم فنعذبهم
﴿فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ﴾ يَعْنِي: مِنْ أُهْلِكَ مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حاصبا﴾ يَعْنِي: قَوْمَ لُوطٍ الَّذِينَ رُجِمُوا بِالْحِجَارَةِ؛ مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ مَدِينَتِهِمْ، وَأْهِلُ السَّفَرِ مِنْهُمْ. ﴿وَمِنْهُمْ من أَخَذته الصَّيْحَة﴾ ثَمُودُ ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْض﴾ يَعْنِي: مَدِينَةَ قَوْمِ لُوطٍ وَقَارُونَ ﴿وَمِنْهُم من أغرقنا﴾ قوم نوح، وَفرْعَوْن وَقَومه. سُورَة العنكبوت من (آيَة ٤١ - آيَة ٤٥).
﴿مثل الَّذين اتخدوا من دون الله أَوْلِيَاء﴾ يَعْنِي: أَوْثَانَهُمُ الَّتِي عَبَدُوهَا مَنْ دُونِ اللَّهِ ﴿كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتا وَإِن أوهن الْبيُوت﴾ أَضْعَف الْبيُوت ﴿لبيت العنكبوت﴾ أَيْ: إِنَّ أَوْثَانَهُمْ لَا تُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا كَمَا لَا يَكِنُّ بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ مِنَ حَرٍّ وَلَا بَرْدٍ ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ لَعَلِمُوا أَنَّ أَوْثَانَهُمْ لَا تُغْنِي عَنْهُم شَيْئا
﴿وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس﴾ أَيْ: نَصِفُهَا وَنُبَيِّنُهَا ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالمُونَ﴾ يَعْنِي: الْمُؤمنِينَ
﴿خلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ﴾ أَيْ: لِلْبَعْثِ وَالْحِسَابِ ﴿إِنَّ فِي ذَلِك لآيَة﴾ لَعِبْرَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: إِنَّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ يَبْعَثُ الْخَلْقَ يَوْم الْقِيَامَة.
﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكر﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: إِنَّ الْعَبْدَ مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ لَا يَأْتِي فُحْشًا وَلَا مُنْكَرًا ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أكبر﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: قَالَ اللَّهُ: ﴿فَاذْكُرُونِي أذكركم﴾ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ الْعَبْدُ ذَكَرَهُ اللَّهُ، فَذِكْرُ اللَّهِ الْعَبْدَ أَكْبَرُ من ذكر العَبْد إِيَّاه.
سُورَة العنكبوت من (آيَة ٤٦ - آيَة ٤٨).
﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظلمُوا مِنْهُم﴾ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي: مَنْ قَاتَلَكَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْطِكَ الْجِزْيَةَ فَقَاتِلْهُ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا مِمَّا نَزَلَ بِمَكَّةَ؛ لِيَعْمَلُوا بِهِ بِالْمَدِينَةِ [نسختها آيَة الْقِتَال]
﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ يَعْنِي: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ﴿وَمِنْ هَؤُلَاءِ﴾ يَعْنِي: مُشْرِكِي الْعَرَبِ ﴿مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن
﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ﴾ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ ﴿مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ المبطلون﴾ لَوْ كُنْتَ تَقْرَأُ وَتَكْتُبُ، وَ (المبطلون) فِي تَفْسِيرِ بَعْضِهِمْ: مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ: أَيْ: إِنَّهُمْ يَجِدُونَكَ فِي كُتُبِهِمْ أُمِيًّا فَلَو كُنْتَ تَكْتُبُ لَارْتَابُوا.
سوررة العنكبوت من (آيَة ٤٩ - آيَة ٥٢).
﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم﴾ يَعْنِي: (النَّبِي) وَالْمُؤمنِينَ
﴿وَقَالُوا لَوْلَا﴾ هَلَّا ﴿أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ ربه﴾ كَانُوا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِالْآيَاتِ، قَالَ اللَّهُ: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله﴾ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنْزِلَ آيَة أنزلهَا
﴿أَو لم يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِم﴾ أَيْ: تَتْلُوهُ وَأَنْتَ لَا تَقْرَأُ وَلَا تَكْتُبُ، فَكَفَاهُمْ ذَلِكَ لَوْ عقلوا
﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدا﴾ إِنِّي رَسُولُهُ وَإِنَّ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ عِنْدِهِ؛ وَإِنَّكُمْ عَلَى الْكُفْرِ ﴿وَالَّذين آمنُوا بِالْبَاطِلِ﴾ وَالْبَاطِل: إِبْلِيس.
سُورَة العنكبوت من (آيَة ٥٣ آيَة ٦٠).
﴿ويستعجلونك بِالْعَذَابِ﴾ كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يُخَوِّفُهُمُ الْعَذَابَ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا؛ فَكَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ بِهِ اسْتِهْزَاءً وَتَكْذِيبًا. قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى﴾ (ل ٢٦١) النفخة [الأولى] ﴿لجاءهم الْعَذَاب﴾ أَنَّ اللَّهَ أَخَّرَ عَذَابَ كُفَّارِ آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالِاسْتِئْصَالِ إِلَى النَّفْخَةِ الأُولَى؛ بِهَا يَكُونُ هَلاكُهُمْ
(يَوْمَ يَغْشَاهُمُ
350
الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرجُلهم} كَقَوْلِهِ: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمن فَوْقهم غواش﴾ ﴿﴾ (وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ: ثَوَابَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا
351
﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أرضي وَاسِعَة﴾ أَمَرَهُمُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة ﴿فأياي فاعبدون﴾ أَيْ: فِي تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي أَمَرَكُمْ أَنْ تُهَاجِرُوا إِلَيْهَا، يَعْنِي: الْمَدِينَة.
قَالَ مُحَمَّد: (فإياي) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ الَّذِي ظَهَرَ تَفْسِيرُهُ؛ الْمَعْنَى فَاعْبُدُوا إِيَّايَ: فَاعْبُدُونِ.
﴿لنبوئنهم﴾ أَيْ: لَنُسْكِنَنَّهُمْ ﴿مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا... نعم أجر العاملين﴾ نِعْمَ ثَوَابُ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا؛ يَعْنِي: الْجنَّة
﴿وكأين﴾ أَيْ: وَكَمْ ﴿مِنْ دَابَّةٍ لَا تحمل رزقها﴾ يَعْنِي: تَأْكُلُ بِأَفْوَاهِهَا، وَلَا تَحْمِلُ شَيْئا لغد.
سُورَة العنكبوت من (آيَة ٦١ آيَة ٦٣).
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ يَقُولُ: فَكَيْفَ يُصْرَفُونَ بَعْدَ إِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ
[﴿وَالله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عباده وَيقدر لَهُ﴾ أَيْ: يَقْتُرُ. (إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ
351
شَيْءٍ عَلِيمٌ) {
352
} (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فأحي بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بل أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} أَيْ: أَنَّهُمْ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ]، ثُمَّ عبدُوا الْأَوْثَان من دونه؟!.
سُورَة العنكبوت من (آيَة ٦٤ آيَة ٦٦).
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهو وَلعب﴾ أَيْ: أَنَّ أَهْلَ الدُّنْيَا أَهْلُ لَهْوٍ وَلَعِبٍ؛ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ هُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا لَا يُقِرُّونَ بِالْآخِرَةِ ﴿وَإِن الدَّار الْآخِرَة﴾ يَعْنِي: الْجنَّة ﴿لهي الْحَيَوَان﴾ أَيْ: يَبْقَى فِيهَا أَهْلُهَا لَا يموتون ﴿لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ لَعَلِمُوا أَنَّ الْآخِرَةَ خير من الدُّنْيَا
﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ إِذا خَافُوا الْغَرق
﴿ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم﴾ كَقَوْلِه: ﴿بدلُوا نعْمَة الله كفرا﴾ ﴿﴾ (وليتمتعوا) ﴿فِي الدُّنْيَا﴾ (فَسَوف يعلمُونَ} إِذَا صَارُوا إِلَى النَّارِ؛ وَهَذَا وَعِيد.
سُورَة العنكبوت من (آيَة ٦٧ آيَة ٦٩).
﴿أَو لم يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا﴾ أَيْ: بَلَى قَدْ رَأَوْا ذَلِكَ ﴿وَيُتَخَطَّف النَّاس من حَولهمْ﴾ يَعْنِي: أَهْلَ الْحَرَمِ، يَقُولُ: إِنَّهُمْ آمِنُونُ، وَالْعَرَبُ حَوْلَهُمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ﴿أفبالباطل يُؤمنُونَ﴾ أَفَبِإِبْلِيسَ يُصَدِّقُونَ؟! أَيْ: بِمَا وَسْوَسَ إِلَيْهِمْ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهِيَ عِبَادَته ﴿وبنعمة الله يكفرون﴾ يَعْنِي: مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَام مِنَ الْهُدَى، وَهَذَا عَلَى الِاسْتِفْهَامِ؛ أَي: قد فعلوا.
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله كذبا﴾ فَعَبَدَ الْأَوْثَانَ دُونَهُ ﴿أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿لما جَاءَهُ﴾ أَي: لَا أحد أظلم مِنْهُ ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى﴾ أَي: منزل ﴿للْكَافِرِينَ﴾ أَيْ: بَلَى فِيهَا مَثْوًى لَهُمْ
﴿وَالَّذين جاهدوا فِينَا﴾ يَعْنِي: عَمِلُوا لَنَا. ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ يَعْنِي: سُبُلَ الْهُدَى. ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لمع الْمُحْسِنِينَ﴾ يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ
353
تَفْسِيرُ سُوْرَةِ الرُّوْمِ وَهِيَ مَكِيَّةٌ كلهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَة الرّوم من (آيَة ١ آيَة ٧).
354
سورة العنكبوت
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العنكبوت) من السُّوَر المكية التي جاءت بالحثِّ على جهادِ الفِتَن، والصَّبر عليه، ضاربةً مَثَلَ بيتِ العنكبوت لِمَن يتخذ مِن دون الله أندادًا؛ فمَن يعتمد على غير الله فظهرُه مكسورٌ ضعيف، ومَن أوى إلى الله وآمَن به فقد أوى إلى رُكْنٍ شديدٍ؛ ومن هنا دعَتِ السورةُ إلى التمسُّك بحبلِ الله المتين، وتركِ الوهنِ والوهمِ الذي يعيشه الكفار، ويعيشه كلُّ من يبتعدُ عن صراطِ الله، وهَدْيِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
29
نوعها
مكية
ألفاظها
982
ترتيب نزولها
85
العد المدني الأول
69
العد المدني الأخير
69
العد البصري
69
العد الكوفي
69
العد الشامي
69

* قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا اْلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٞ فَلَا تُطِعْهُمَآۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8]:

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه: أنَّه نزَلتْ فيه آياتٌ مِن القرآنِ، قال: «حلَفتْ أمُّ سعدٍ ألَّا تُكلِّمَه أبدًا حتى يكفُرَ بدِينِه، ولا تأكُلَ ولا تَشرَبَ، قالت: زعَمْتَ أنَّ اللهَ وصَّاك بوالدَيْكَ، وأنا أمُّك، وأنا آمُرُك بهذا، قال: مكَثتْ ثلاثًا حتى غُشِيَ عليها مِن الجَهْدِ، فقامَ ابنٌ لها يقالُ له: عُمَارةُ، فسقَاها، فجعَلتْ تدعو على سعدٍ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل في القرآنِ هذه الآيةَ: {وَوَصَّيْنَا ‌اْلْإِنسَٰنَ ‌بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنٗاۖ} [العنكبوت: 8]، {وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشْرِكَ بِي} [لقمان: 15]،  وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي اْلدُّنْيَا مَعْرُوفٗاۖ} [لقمان: 15]». أخرجه مسلم (١٧٤٨).

* سورة (العنكبوت):

سُمِّيت سورة (العنكبوت) بذلك؛ لأنَّها اختصَّتْ بذِكْرِ مَثَلِ العنكبوت؛ قال تعالى: {مَثَلُ اْلَّذِينَ اْتَّخَذُواْ مِن دُونِ اْللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ اْلْعَنكَبُوتِ اْتَّخَذَتْ بَيْتٗاۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ اْلْبُيُوتِ لَبَيْتُ اْلْعَنكَبُوتِۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41].

اشتمَلتْ سورةُ (العنكبوت) على الموضوعات الآتية:

1. اختبار الناس وجزاؤهم (١-٧).

2. التوصية بحُسْنِ معاملة الوالدَينِ، وبيان خِسَّة المنافقين (٨-١٣).

3. قصص الأنبياء عليهم السلام (١٤-٤٣).

4. قصة نُوحٍ عليه السلام (١٤-١٥).

5. قصة إبراهيمَ عليه السلام (١٦-٢٧).

6. قصة لُوطٍ عليه السلام (٢٨-٣٥).

7. قصة شُعَيب وهُودٍ وصالح وموسى عليهم السلام (٣٦-٤٣).

8. خَلْقُ السموات والأرض، تلاوة القرآن، إقامة الصلاة (٤٤-٤٥).

9. مناقشة أهل الكتاب، ومطالبُهم التعجيزية (٤٦-٥٥).

10. حض المؤمنين على الهجرة عند التضييق عليهم (٥٦-٦٠).

11. حال الدنيا والآخرة، واعتراف المشركين بالله الخالق، الرزَّاق، المُحيي (٦١ -٦٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /581).

تعلَّقَ مقصودُ سورة (العنكبوت) بالإيمان والفتنة؛ فحثَّتْ على الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، والدعاء إلى الله تعالى وَحْده، من غير تعريجٍ على غيره سبحانه؛ لئلا يكون مَثَلُ المُعرِّج كمَثَلِ العنكبوت؛ فإن ذلك مَثَلُ كلِّ مَن عرَّجَ عنه سبحانه، والتجأ إلى غيره، وتعوَّضَ عِوَضًا منه؛ فهي سورة تُظهِر قوَّة المؤمنين، وضَعْفَ الكافرين.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /345).