تفسير سورة الأحقاف

تفسير ابن خويز منداد

تفسير سورة سورة الأحقاف من كتاب تفسير ابن خويز منداد
لمؤلفه ابن خويزمنداد . المتوفي سنة 390 هـ

٩٠- : قوله تعالى :﴿ قُلَ اَرَآيْتُمُ مَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اِللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ اَلاَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي اِلسَّمَوَتِ اِيتُونِي بِكِتَبٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوَ اَثَرَةٍ مِّنْ عِلْمٍ اِن كُنتُمْ صَدِقِينَ ﴾. ( ٤ )
٩٩- »قال ابن خويز منداد : قوله تعالى :﴿ أَوَ اَثَرَةٍ مِّنْ عِلْمٍ ﴾ يريد الخط. وقد كان مالك رحمه الله يحكم بالخط إذا عرف الشاهد خطه، وإذا عرف الحاكم خطه أو خط من كتب إليه حكم به، ثم رجع عن ذلك حين ظهر في الناس ما ظهر من الحيل والتزوير. وقد روي عنه أنه قال :( يحدث الناس فجورٌ فتحدث لهم أقضية ". فأما إذا شهد الشهود على الخط المحكوم به ؛ مثل أن يشهدوا أن هذا خط الحاكم وكتابُه، أشهدنا على ما فيه وإن لم يعلموا ما في الكتاب. وكذلك الوصية أو خط الرجل باعترافه بمال لغيره يشهدون أنه خطه ونحو ذلك - فلا يختلف مذهبه أنه يحكم به )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن: ١٦/١٨١-١٨٢..
سورة الأحقاف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الأحقاف) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بدعوة هذا الكتابِ إلى التوحيد والإيمان بالله عز وجل: المتصِفِ بصفات الكمال، المستحِقِّ للعبودية، واشتملت على مقصدٍ عظيم؛ وهو: إنذارُ الكفار؛ بتذكيرهم بقصةِ (عادٍ)، وما أنزَل اللهُ بهم من عذاب في (الأحقاف)، وفي ذلك دلالةٌ وآية واضحة على قدرة الله على البعث وحساب الناس.

ترتيبها المصحفي
46
نوعها
مكية
ألفاظها
645
ترتيب نزولها
66
العد المدني الأول
34
العد المدني الأخير
34
العد البصري
34
العد الكوفي
35
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اْللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِۦ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسْرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَاْسْتَكْبَرْتُمْۚ إِنَّ اْللَّهَ لَا يَهْدِي اْلْقَوْمَ اْلظَّٰلِمِينَ} [الأحقاف: 10]:

عن عوفِ بن مالكٍ الأشجَعيِّ رضي الله عنه، قال: «انطلَقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى دخَلْنا كنيسةَ اليهودِ يومَ عيدِهم، فكَرِهوا دخولَنا عليهم، فقال لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يا معشرَ اليهودِ، أَرُوني اثنَيْ عشَرَ رجُلًا منكم، يَشهَدون أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ؛ يُحبِطِ اللهُ عن كلِّ يهوديٍّ تحتَ أديمِ السماءِ الغضَبَ الذي عليه»، قال: فأَسْكَتُوا ما أجابه منهم أحدٌ، ثم رَدَّ عليهم فلم يُجِبْهُ أحدٌ، ثم ثلَّثَ فلم يُجِبْهُ أحدٌ، فقال: «أبَيْتم؛ فواللهِ، إنِّي لأنا الحاشرُ، وأنا العاقبُ، وأنا النبيُّ المصطفى، آمَنْتم أو كذَّبْتم»، ثم انصرَفَ وأنا معه، حتى إذا كِدْنا أن نخرُجَ، نادى رجُلٌ مِن خَلْفِنا، فقال: كما أنتَ يا مُحمَّدُ، قال: فأقبَلَ، فقال ذلك الرجُلُ: أيَّ رجُلٍ تَعلَموني فيكم يا معشرَ اليهودِ؟ قالوا: واللهِ، ما نَعلَمُ أنَّه كان فينا رجُلٌ أعلَمَ بكتابِ اللهِ منك، ولا أفقَهَ منك، ولا مِن أبيك قَبْلَك، ولا مِن جَدِّكَ قَبْلَ أبيك، قال: فإنِّي أشهَدُ أنَّه نبيُّ اللهِ الذي تَجِدُونه في التَّوْراةِ، قالوا: كذَبْتَ، ثم رَدُّوا عليه وقالوا فيه شرًّا، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كذَبْتُم؛ لن يُقبَلَ قولُكم، أمَّا آنفًا فتُثْنُون عليه مِن الخيرِ ما أثنَيْتم، ولمَّا آمَنَ أكذَبْتموه، وقُلْتم فيه ما قُلْتم؛ فلن يُقبَلَ قولُكم»، قال: فخرَجْنا ونحن ثلاثةٌ: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنا، وعبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ، وأنزَلَ اللهُ عز وجل فيه: {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اْللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِۦ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسْرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَاْسْتَكْبَرْتُمْۚ إِنَّ اْللَّهَ لَا يَهْدِي اْلْقَوْمَ اْلظَّٰلِمِينَ} [الأحقاف: 10]». أخرجه أحمد (23984).

* قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرٗا مِّنَ اْلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ اْلْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [الأحقاف: 29]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «هبَطوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يَقرأُ القرآنَ ببطنِ نَخْلةَ، فلمَّا سَمِعوه، قالوا: أنصِتوا، قال: صَهْ، وكانوا تسعةً، أحدُهم زَوْبعةُ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرٗا مِّنَ اْلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ اْلْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [الأحقاف: 29]». أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4 /176).

* سورة (الأحقاف):

سُمِّيت سورة (الأحقاف) بهذا الاسمِ؛ لذِكْرِ (الأحقاف) فيها؛ كما في قوله تعالى: {وَاْذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُۥ بِاْلْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ اْلنُّذُرُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦٓ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّا اْللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٖ} [الأحقاف: 21].
و(الأحقافُ): هي مَسكَنُ (عادٍ) الذين أهلكهم اللهُ.

1. القرآن حقٌّ من عند الله تعالى يدعو للتوحيد (١-١٤).

2. الفِطْرة في استقامتها وانحرافها (١٥-٢٠).

3. خسران المكذبين عِبْرةٌ لمن يعتبر (٢١-٢٨).

4. الرسول مُصدَّقٌ من عند الثَّقَلين (٢٩-٣٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /179).

مقصدُ هذه السورة هو إنذارُ الكافرين بعذابِ الله قومَ هُودٍ عليه السلام بـ(الأحقاف)، وفي ذلك دلالةٌ واضحة على صدقِ الوعد في قيام الساعة؛ فالله لا يُخلِف وعدَه، وفي هذا دعوةٌ لهم إلى توحيد الله، والاستجابةِ لأمره، وأخذِ العِبْرة من عذاب الله العزيز الحكيم لقومِ هُودٍ عليه السلام.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" (2 /481).