تفسير سورة القدر

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة القدر من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه الجصاص . المتوفي سنة 370 هـ

قوله تعالى :﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ ﴾ إلى قوله :﴿ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾. قيل : إنما هي خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وذلك لما يقسم فيها من الخير الكثير الذي لا يكون مثله في ألف شهر، فكانت أفضل من ألف شهر لهذا المعنى. وإنما وجه تفضيل الأوقات والأماكن بعضها على بعض لما يكون فيها من الخير الجزيل والنفع الكثير.
واختلفت الروايات عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر متى تكون، واختلفت الصحابة فيها، فرُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليلة ثلاث وعشرين، رواه ابن عباس. ورَوَى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأَوَاخِرِ وَاطْلُبُوهَا في كُلِّ وِتْرٍ ". وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لَيْلَةُ تِسْعَ عَشَرَةَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ". وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ ". ورُوي أنه قال :" في سَبْعٍ وعِشْرِينَ ". حدثنا محمد بن بكر البصري قال : أخبرنا أبو داود قال : حدثنا حميد بن زنجويه النسائي قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال : أخبرنا موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر، فقال :" هي في كُلِّ رَمَضَانَ ". وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا : حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر قال :" قلت لأبيّ بن كعب : أخبرني عن ليلة القدر يا أبا المنذر فإن صاحبنا يعني عبدالله بن مسعود سئل عنها فقال : مَنْ يقم الحَوْلَ يُصِبْها‍ ! فقال : رحم الله أبا عبدالرّحمن، والله لقد علم أنها في رمضان، ولكن كره أن يتكِلُوا، والله إنها في رمضان ليلة سبع وعشرين ! ".
قال أبو بكر : هذه الأخبار كلها جائز أن تكون صحيحة، فتكون في سنة في بعض الليالي، وفي سنة أخرى في غيرها، وفي سنة أخرى في العشر الأواخر من رمضان، وفي سنة في العشر الأوسط، وفي سنة في العشر الأول، وفي سنة في غير رمضان، ولم يقل ابن مسعود :" من يُقِمِ الحَوْلَ يُصِبْها " إلا من طريق التوقيف، إذْ لا يُعلم ذلك إلا بوحي من الله تعالى إلى نبيه، فثبت بذلك أن ليلة القدر غير مخصوصة بشهر من السنة، وأنها قد تكون في سائر السنة، ولذلك قال أصحابنا فيمن قال لامرأته أنت طالق في ليلة القدر : إنها لا تطلق حتى يمضي حَوْلٌ، لأنه لا يجوز إيقاع الطلاق بالشكّ، ولم يثبت أنها مخصوصة بوقت فلا يحصل اليقين بوقوع الطلاق بمضيِّ حَوْلٍ.
سورة القدر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَدْرِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (عبَسَ)، وقد نزلت في الحديثِ عن (ليلة القَدْر) وفضلها، وأنها إنما اكتسبت هذا الفضلَ لنزولِ القرآن فيها، وتحدَّثتْ عن خواصِّ هذه الليلة؛ من نزولِ الملائكة فيها، وتفضيلِها على ألفِ شهرٍ، وكلُّ ذلك تعظيمًا لشأنِ القرآن الكريم.

ترتيبها المصحفي
97
نوعها
مكية
ألفاظها
30
ترتيب نزولها
25
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
6

* سورة (القَدْرِ):

سُمِّيت سورة (القَدْرِ) بهذا الاسم؛ لذكرِ هذا اللفظ في افتتاحها، وتَكْرارِه فيها، ووصفِ القرآن بأنه نزل في هذه الليلة، وكونِ السورة كلِّها تتحدث عن (ليلة القَدْر).

1. عِظَمُ ليلة القدر (١-٣).

2. خواصُّ هذه الليلة (٤-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /264).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «التنويه بفضلِ القرآن وعظمتِه؛ بإسناد إنزاله إلى الله تعالى.
والرد على الذين جحَدوا أن يكونَ القرآن منزلًا من الله تعالى.
ورفعُ شأن الوقت الذي أُنزِل فيه.

ونزول الملائكة في ليلة إنزاله.

وتفضيل الليلة التي توافِقُ ليلةَ إنزاله من كلِّ عام.
ويستتبِعُ ذلك تحريضَ المسلمين على تحيُّنِ ليلة القَدْرِ بالقيام والتصدُّق». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /455).