تفسير سورة القدر

غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني

تفسير سورة سورة القدر من كتاب غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني المعروف بـغاية الأماني في تفسير الكلام الرباني.
لمؤلفه أحمد بن إسماعيل الكَوْرَاني . المتوفي سنة 893 هـ

سُورَةُ الْقَدْرِ
مدنية، وآيها خمس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) فخّم شأن القرآن بأن خص إنزاله به، وبالإضمار؛ لأنه العلم الذي لا يذهب الوهم إلى غيره، وبزمان نزوله. اتفقوا على أن القرآن نزل به جبرائيل في ليلة القدر إلى بيت العزة في السماء الدنيا، فكتبه السفرة، ثم نزل منجّماً في ثلاث وعشرين سنة. وسميت ليلة للقدر؛ لأن الأمور المتعلقة بذلك العام وأقدارها تكتب من اللوح فيها وتدفع إلى الملائكة.
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لم تبلغ درايتك كنه فضلها. ثم بينه بقوله:
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) أي: القيام بالعبادة فيها خير من القيام بالعبادة في ألف شهر خالية عنها. عن مجاهد: ذَكَرَ رسول اللَّه - ﷺ - رَجلًا مِنْ بَنِي إِسرَائِيلَ، لَبِسَ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ، فَتعَجِبَ الْمُسلِمُونَ فنزلت. وروى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: " أن رسول اللَّه - ﷺ - قال: مَنْ قَامَ لَيلَة الْقَدْرِ إيمانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مِنْ ذَنْبهِ مَا تَقدِّمَ ". والأكثر على أنها في أوتار العشر الأخيرة من رمضان. ومن علامتها: أنَّ ليلتها ساكنة لا حرّ ولا برد، ولا يرمى فيها بكوكب، وهي صافية كأنها قمراء تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع، وروى الترمذي عن حسن بن علي عن رسول اللَّه - ﷺ - أنه أُرِيَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِنْبَرِهِ فنزلت، وعدوا أيام بني أمية فوجدوها ألف شهر. وأهل الحديث ينكرونه.
(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ... (٤) بيان لما فصلت. والروح: جبرائيل. وقيل: خلق لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة. (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أي: تنزل لأجل كل أمر، وقضاء وقدر في تلك السنة. وإنما تنزل تعظيماً لها، ونشراً لخيرها وبركتها.
(سَلَامٌ هِيَ... (٥) مثل " تميمي أنا " أي: ما هي إلا سلامة أي: لا يقضى فيها إلا السلامة والخير. وعن مجاهد: لا يستطيع الشيطان في تلك الليلة على عمل السوء. وقيل: سميت سلاماً؛ لكثرة سلام الملائكة على المؤمنين والمؤمنات. (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) غاية
419
للسلامة أو السلام، والمطلع مصدر أو زمان. وقرأ الكسائي: بكسر اللام والفتح أخف، وهو القياس.
* * *
تمت سورة القدر، وللَّه الحمد.
* * *
420
سورة القدر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَدْرِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (عبَسَ)، وقد نزلت في الحديثِ عن (ليلة القَدْر) وفضلها، وأنها إنما اكتسبت هذا الفضلَ لنزولِ القرآن فيها، وتحدَّثتْ عن خواصِّ هذه الليلة؛ من نزولِ الملائكة فيها، وتفضيلِها على ألفِ شهرٍ، وكلُّ ذلك تعظيمًا لشأنِ القرآن الكريم.

ترتيبها المصحفي
97
نوعها
مكية
ألفاظها
30
ترتيب نزولها
25
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
6

* سورة (القَدْرِ):

سُمِّيت سورة (القَدْرِ) بهذا الاسم؛ لذكرِ هذا اللفظ في افتتاحها، وتَكْرارِه فيها، ووصفِ القرآن بأنه نزل في هذه الليلة، وكونِ السورة كلِّها تتحدث عن (ليلة القَدْر).

1. عِظَمُ ليلة القدر (١-٣).

2. خواصُّ هذه الليلة (٤-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /264).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «التنويه بفضلِ القرآن وعظمتِه؛ بإسناد إنزاله إلى الله تعالى.
والرد على الذين جحَدوا أن يكونَ القرآن منزلًا من الله تعالى.
ورفعُ شأن الوقت الذي أُنزِل فيه.

ونزول الملائكة في ليلة إنزاله.

وتفضيل الليلة التي توافِقُ ليلةَ إنزاله من كلِّ عام.
ويستتبِعُ ذلك تحريضَ المسلمين على تحيُّنِ ليلة القَدْرِ بالقيام والتصدُّق». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /455).