تفسير سورة القدر

إعراب القرآن و بيانه

تفسير سورة سورة القدر من كتاب إعراب القرآن وبيانه المعروف بـإعراب القرآن و بيانه.
لمؤلفه محيي الدين الدرويش . المتوفي سنة 1403 هـ

(٩٧) سورة القدر مكيّة وآياتها خمس
[سورة القدر (٩٧) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤)
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)
الإعراب:
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) إن واسمها وجملة أنزلناه خبرها أي نجوما متفرقة بحسب الوقائع والحاجة الماسّة إليه في مدى ثلاث وعشرين سنة وفي إضمار القرآن وإن لم يتقدم له ذكر شهادة له بالتشريف وأسنده إليه تعالى وجعله مختصّا به دون غيره ورفع مدة الوقت الذي أنزل فيه فهذه ثلاثة أوجه لتعظيم القرآن، وفي ليلة القدر متعلقان بأنزلناه، وسيأتي الكلام عليها في باب الفوائد، والواو حرف عطف وما اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وجملة أدراك خبر وما اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وليلة القدر خبر ما والجملة المعلقة بالاستفهام سدّت مسدّ مفعول أدراك الثاني (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
537
شَهْرٍ)
ليلة القدر مبتدأ وخير خبر ومن ألف شهر متعلقان بخير والجملة مستأنفة كأنها جواب لسؤال نشأ عن تفخيم ليلة القدر تقديره وما فضائلها (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) استئناف ثان مسوق للإجابة عن السؤال نفسه وتنزل فعل مضارع مرفوع أصله تتنزل والملائكة فاعل والروح نسق على الملائكة، وإنما أفرد جبريل بالذكر تنويها بفضله على حدّ قوله تعالى فيها فاكهة ونخل ورمان والنخل والرمان من الفاكهة وفيها متعلقان بتنزل ولك أن تعلقه بمحذوف حال من الملائكة أي ملتبسين وبإذن ربهم متعلقان بتنزل ومن كل أمر أي من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة متعلق بتنزل (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) سلام خبر مقدّم وهي مبتدأ مؤخر وحتى حرف غاية وجر ومطلع الفجر مجرور بحتى والجار والمجرور متعلقان بسلام وفيه إشكال وهو الفصل بين المصدر ومعموله بالمبتدأ والجواب أن الظروف والجار والمجرور يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها والأحسن كما قال الخطيب أن يتعلقا بمحذوف قدّره الخطيب يستمرون على التسليم من غروب الشمس حتى مطلع الفجر.
الفوائد:
قال القرطبي: ليلة القدر سلامة وخير كلها لا شرّ فيها حتى مطلع الفجر وقد شاء الله إخفاءها أن يحيي مريدها الليالي الكثيرة فتكثر عبادته ويتضاعف ثوابه وأن لا يتكل الناس عند إظهارها على إصابة الفضل فيها فيفرطوا في غيرها» وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه رواه البخاري ومسلم وقوله إيمانا واحتسابا أي نيّة وعزيمة وهو أن
538
يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه طيبة به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب فالاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتدّ بعمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتدّ به. وقال البغوي: قوله احتسابا: أي طلبا لوجه الله تعالى وثوابه ويقال فلان يحتسب الأخبار ويتحسبها أي يتطلبها. هذا ومن أراد التوسّع فعليه بالمطولات ففيها من أخبار هذه الليلة وفضائلها ما تضيق به الصحائف والأجلاد.
539
سورة القدر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَدْرِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (عبَسَ)، وقد نزلت في الحديثِ عن (ليلة القَدْر) وفضلها، وأنها إنما اكتسبت هذا الفضلَ لنزولِ القرآن فيها، وتحدَّثتْ عن خواصِّ هذه الليلة؛ من نزولِ الملائكة فيها، وتفضيلِها على ألفِ شهرٍ، وكلُّ ذلك تعظيمًا لشأنِ القرآن الكريم.

ترتيبها المصحفي
97
نوعها
مكية
ألفاظها
30
ترتيب نزولها
25
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
6

* سورة (القَدْرِ):

سُمِّيت سورة (القَدْرِ) بهذا الاسم؛ لذكرِ هذا اللفظ في افتتاحها، وتَكْرارِه فيها، ووصفِ القرآن بأنه نزل في هذه الليلة، وكونِ السورة كلِّها تتحدث عن (ليلة القَدْر).

1. عِظَمُ ليلة القدر (١-٣).

2. خواصُّ هذه الليلة (٤-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /264).

يقول ابنُ عاشور عن مقاصدها: «التنويه بفضلِ القرآن وعظمتِه؛ بإسناد إنزاله إلى الله تعالى.
والرد على الذين جحَدوا أن يكونَ القرآن منزلًا من الله تعالى.
ورفعُ شأن الوقت الذي أُنزِل فيه.

ونزول الملائكة في ليلة إنزاله.

وتفضيل الليلة التي توافِقُ ليلةَ إنزاله من كلِّ عام.
ويستتبِعُ ذلك تحريضَ المسلمين على تحيُّنِ ليلة القَدْرِ بالقيام والتصدُّق». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /455).