تفسير سورة المرسلات

تفسير ابن عرفة - النسخة الكاملة

تفسير سورة سورة المرسلات من كتاب تفسير ابن عرفة المعروف بـتفسير ابن عرفة - النسخة الكاملة.
لمؤلفه ابن عرفة . المتوفي سنة 803 هـ

سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ
قوله تعالى: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)﴾
قيل: الرياح، وقيل: الملائكة، وهو على هذا صفة، ولا يصح حذف الموصوف، وإبقاء [صفته*] إلا بدليل، إما اشتهار الأسماء أو معلومية الموصوف، أو نحو ذلك، وليس ذلك هنا إلا [بدليل*] على إرادة الرياح والملائكة؟ والجواب: بأحد أمرين: إما بكون الملائكة من نوع ما يرسل، وصار ذلك معلوما؟ فلذلك حذف، لكن الرياح ليست من نوع ما يرسل، وإما بأن المقصود من الكلام [دلالته*]، أما الموصوف [فهل يجوز*] حذفه وإبقاء الصفة؟ [يجوز*]، والكلام هنا في الثاني. أعني أن المقصود الصفة، فلذلك اعتنى بذكرها دون الموصوف، فإِن قلت: كيف يصح تفسير المرسلات بما لم يرد فيه حديث ولا أثر؟ قلت: يصح حمل ألفاظ القرآن على مدلولها لغة ما لم يعارض معارض.
قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)﴾
ما [ردَّ*] به الزمخشري هنا على الشاعر صحيح؛ لأن الشاعر قد ألف في معارضة القرآن و [... ]. البيت الذي ذكره، وزعم أنه أتى بأبلغ من تشبيه الآية، ولم يدر أن تشبيه الآية أبلغ من حيث اشتماله على [... ]، وأن في قوله: (كأنَّهُ) وفي البيت الكاف فقط، وقد تقرر أن قولنا: زيد كأنه الأسد، أبلغ من قولنا: زيد كالأسد (١).
* * *
سُورَةُ عَمَّ
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠)﴾
أخذ منه صحة صلاة العريان في الظلمة.
قوله تعالى: ﴿كَانَ مِيقَاتًا (١٧)﴾
الوقت أخص من الزمان الواقع فيه مظروفه.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ... (١٨)﴾
عبر عن النفخ بالمضارع، ثم قال (وَفُتِحَتِ) (وَسُيِّرَتِ) بالماضي؛ لأن النفخ يتجدد شيئا بعد شيء، قال [تعالى*]: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى) وهي ثلاث نفخات، والنفخ والسير يقع [دفعة*].
(١) النص عند الزمخشري هكذا:
وفي شعر عمران بن حطان الخارجي:
دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم... بمثل الجمال الصّفر نزّاعة الشّوى «١»
وقال أبو العلاء:
حمراء ساطعة الذّوائب في الدّجى... ترمى بكلّ شرارة كطراف «٢»
فشبهها بالطراف وهو بيت الأدم في العظم والحمرة، وكأنه قصد بخبثه: أن يزيد على تشبيه القرآن ولتبجحه بما سوّل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته بقوله «حمراء» توطئة لها ومناداة عليها، وتنبيها للسامعين على مكانها، ولقد عمى: جمع الله له عمى الدارين عن قوله عز وعلا، كأنه جمالات صفر، فإنه بمنزلة قوله: كبيت أحمر، وعلى أن في التشبيه بالقصر وهو الحصن تشبيها من جهتين: من جهة العظم، ومن جهة الطول في الهواء. وفي التشبيه بالجمالات وهي القلوس:
تشبيه من ثلاث جهات: من جهة العظم والطول والصفرة، فأبعد الله إغرابه في طرافه وما نفخ شدقيه من استطرافه. اهـ.
سورة المرسلات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُرسَلات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الهُمَزة)، وقد جاءت ببيانِ قدرة الله على بعثِ الناس بعد هلاكهم؛ فهو المتصفُ بالرُّبوبية والألوهية، وقد افتُتحت بمَشاهدِ القيامة، والتذكير بمَصارعِ الغابرين، وذكَرتْ تأمُّلات في خَلْقِ الإنسان والكون؛ ليعودَ الخلقُ إلى أوامرِ الله، وليستجيبوا له سبحانه، و(المُرسَلات): هي الرِّياحُ التي تهُبُّ متتابِعةً.

ترتيبها المصحفي
77
نوعها
مكية
ألفاظها
181
ترتيب نزولها
33
العد المدني الأول
50
العد المدني الأخير
50
العد البصري
50
العد الكوفي
50
العد الشامي
50

* سورة (المُرسَلات):

سُمِّيت سورة (المُرسَلات) بذلك؛ لافتتاحها بالقَسَمِ الإلهيِّ بـ(المُرسَلات)؛ وهي: الرِّياح التي تهُبُّ متتابِعةً.

سورة (المُرسَلات) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

1. مَشاهد القيامة (١-١٥).

2. مَصارع الغابرين (١٦-١٩).

3. تأمُّلات في خَلْقِ الإنسان والكون (٢٠-٢٨).

4. عودٌ لمَشاهد القيامة (٢٩-٥٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /540).

مقصدُ سورة (المُرسَلات): الاستدلالُ على وقوع البعث بعد فَناء الدنيا، والاستدلال على إمكانِ إعادة الخَلْقِ بما سبَق من خَلْقِ الإنسان وخلق الأرض، وفي ذلك دلائلُ على قدرة الله، واتصافِه بالوَحْدانية والرُّبوبية.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /419).