تفسير سورة القصص

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة القصص من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ﴾ هو مشتق من القرور وهو الماء البارد. ومعنى قولهم: أقر الله عينك: أي أبرد الله دمعتك، لأن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة.
﴿ قُصِّيهِ ﴾ أي اتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه.
﴿ يَكْفُلُونَهُ ﴾: يضمونه إليهم.
﴿ وَكَزَهُ ﴾ ولكزه ولمزه: ضرب صدره بجمع كفه.
﴿ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾ يستغيث به.
﴿ يَأْتَمِرُونَ بِكَ ﴾ أي يتآمرون في قتلك.
﴿ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ ﴾: تجاه مدين.﴿ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ أي وسط الطريق وقصد الطريق.
﴿ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ أي جماعة من الناس. انظر ١٣٤ من البقرة.﴿ تَذُودَانِ ﴾: أي تكفان غنمهما، وأكثر ما يستعمل في الغنم والإبل، وربما استعمل في غيرهما، ويقال: سنذودكم عن الجهل علينا، أن نكفكم ونمنعكم.(رعاء): جمع راع.
﴿ تَأْجُرَنِي ﴾: أي تكون أجيرا لي.
﴿ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً ﴾ انظر آية ٦ من النساء.﴿ جَذْوَةٍ ﴾ وجذوة وجذوة من النار: قطعة غليظة من الحطب فيها نار لا لهب لها.﴿ تَصْطَلُونَ ﴾: أي تسخنون.
﴿ شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ﴾ وشطء الوادي سواء.
﴿ جَآنٌّ ﴾ أي جنس من الحيات، وجان واحد الجن أيضا.﴿ يُعَقِّبْ ﴾ أي يرجع، ويقال يلتفت.
﴿ ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾؛ أي أدخلها فيه: ويقال: الجيب هاهنا القميص ﴿ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ ﴾ يقال الجناح هاهنا اليد، ويقال العصا. انظر ٢٢ من طه.
﴿ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ﴾: أي معينا. يقال: ردأته على عدوه، أي أعنته، قال أبو عمر: هذا خطأ، إنما يقال أرد أني فلان: أي أعانني، ولا يقال ردأته.
﴿ ٱلْمَقْبُوحِينَ ﴾ أي المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون؛ يقال: قبح الله وجهه، وقبح بالتخفيف والتشديد.
﴿ ثَاوِياً ﴾ أي مقيما.
﴿ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ ﴾ أي أتبعنا بعضه بعضا فاتصل عندهم؛ يعني القرآن.
﴿ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً ﴾ أي نسكنهم ونجعله مكانا لهم.﴿ يُجْبَىٰ ﴾ المعنى فيه: يجمع.
(محضرين) أي محضرين النار.
﴿ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ ﴾: أي وجبت عليهم الحجة فوجب العذاب، ومثله﴿ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ﴾[يونس: ٣٣] أي وجبت.
﴿ ٱلْخِيَرَةُ ﴾ أي الإختيار.
﴿ تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ﴾ أي تخفي صدورهم.
﴿ سَرْمَداً ﴾ أي دائما.
﴿ بَغَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾: أي ترفع عليهم وعلا وجاوز المقدار.﴿ تَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ ﴾: أي تنهض بها، وهو من المقلوب، معناه: ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه، أي ينهضون بها، يقال: ناء بحمله إذا نهض منه متثاقلا وقال الفراء: ليس هذا من المقلوب إنما معناه: ما إن مفاتحه لتنيء العصبة أي تميلهم بثقلها، فلما انفتحت التاء دخلت الباء؛ كما قالوا: هو يذهب بالبؤس ويذهب البؤس، واختصاره تنوء بالعصبة: أي تجعل العصبة تنوء، أي تنهض متثاقلة، كقولك: قم بنا، أي اجعلنا نقوم. وانظر ٨ من يوسف ﴿ تَفْرَحْ ﴾: تأشر ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ ﴾ أي الأشرين. وأما الفرح بمعنى السرور فليس بمكروه.
﴿ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ ﴾ معناه: ألم تر أن الله، ويقال: ويك بمعنى ويلك فحذفت من اللام كما قال عنترة: ولقد شفا نفسي وأبرأ سقمها   قيل الفوارس: ويك عنتر أقدمأراد ويلك؛ وأن منصوبة بإضمار أعلم أن الله. ويقال: وي مفصولة من كأن، ومعناها التعجب، كما يقال. وي لم فعلت ذلك؟ كأن معناها أظن ذلك وأقدره كما تقول: كأن الفرج قد أتاك: أي أظن ذلك وأقدره.
﴿ فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ ﴾ أي أوجب عليك العمل به. ويقال: أصل الفرض: الحز: يقال لكل حز: فرض، فمعناه أن الله ألزمهم ذلك فثبت عليهم كما ثبت الحز في العود إذا حز فتبقى علاماته ﴿ مَعَادٍ ﴾: مرجع، وقوله تعالى ﴿ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ﴾ قيل إلى مكة، وقيل معاده الجنة.
سورة القصص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَصَص) من السُّوَر المكية التي جاءت ببيانِ إعجاز هذا الكتاب، وبيانِ صِدْقِ نبوة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم؛ من خلال قَصِّ القِصَص التي علَّمها اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وذكَرتِ السورةُ قصةَ موسى عليه السلام مع فِرْعون، وخروجَه من (مِصْرَ) إلى (مَدْيَنَ)، والتقاءَه بابنتَيْ شُعَيبٍ عليه السلام، وما تَبِع ذلك من التفاصيل التي كان مقصودُها بيانَ صراعِ الحقِّ والباطل، وأن النُّصرةَ لهذا الدِّين، وكذلك بيَّنت السورةُ تواضع الأنبياء مع الله عز وجل، ورَدَّ الأمرِ والفضل كلِّه لله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
28
نوعها
مكية
ألفاظها
1438
ترتيب نزولها
49
العد المدني الأول
88
العد المدني الأخير
88
العد البصري
88
العد الكوفي
88
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ ‌أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ} [القصص: 56]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، قال: «قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعَمِّه: «قُلْ: لا إلهَ إلا اللهُ، أشهَدُ لك بها يومَ القيامةِ»، قال: لولا أن تُعيِّرَني قُرَيشٌ، يقولون: إنَّما حمَلَه على ذلك الجَزَعُ؛ لأقرَرْتُ بها عينَك؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِنَّكَ ‌لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ ‌أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ} [القصص: 56]». أخرجه مسلم (٢٥).

* سورة (القَصَص):

سُمِّيت سورةُ (القَصَص) بذلك؛ لوقوع لفظ (القَصَص) فيها في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَآءَهُۥ وَقَصَّ عَلَيْهِ ‌اْلْقَصَصَ} [القصص: 25].

اشتملت سورةُ (القَصَص) على الموضوعات الآتية:

1. طغيان فرعون، ووعد الله تعالى بإنقاذ المضطهدين، وعقوبة المفسدين (١-٦).

2. ميلاد موسى ونجاته من القتل (٧-١٣).

3. قتل القِبْطي خطأً، والخروج إلى (مَدْيَنَ) (١٤-٢١).

4. اللجوء إلى (مَدْيَنَ)، وزواج موسى عليه السلام (٢٢-٢٨).

5. بعثة موسى وهارون عليهما السلام، وتأييدهما (٢٩-٣٥).

6. بَدْء الدعوة، وتكذيب فرعون وجنوده، ونزول العقاب بهما (٣٦-٤٢).

7. إيتاء التوراة لموسى والقرآن لمُحمَّد عليهما السلام (٤٣-٥٠).

8. الإشارة إلى مؤمني أهلِ الكتاب، وتحذير كفار قريش من الرُّكون إلى الدنيا (٥١-٦١).

9. موقف المشركين يوم القيامة ودعوتهم للتوبة /توحيد الله تعالى (٦٢-٧٥).

10. قصة قارون وعاقبة البَغْي والتكبُّر (٧٦-٨٤).

11. بشارة النبيِّ بالعودة إلى مكَّةَ سالمًا (٨٥-٨٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /516).

مقصدُ سورة (القَصَص): هو بيانُ صراع الحقِّ والباطل، ونُصْرة الله لهذا الدِّين، وبيانُ تواضع الأنبياء لله عزَّ وجلَّ، ونتج عن هذا التواضعِ ردُّ الأمر كلِّه لله؛ كما تَجلَّى ذلك في قصة موسى عليه السلام مع المرأتين، ومردُّ ذلك إلى الإيمان بالآخرة، والإيمانِ بنبوَّة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، الثابتةِ بإعجاز القرآن، الذي أخبر بالغيب الذي لم يطَّلِعْ عليه أحد، وإنما هو من عند الله عزَّ وجلَّ، بما علَّمه اللهُ من القِصص الصادقة.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /338).