تفسير سورة فصّلت

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة فصلت من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ خلق الأرض في يومين ﴾( ٨ )
٩٤٩- المادة والصورة... ومادة الأرض مادة مشتركة بين أزواج وفحول وهي أخس، لأنها مثل مومسة تقبل كل ناكح. ومنها الجماد، والمعدنيات داخلة في الجماد والنبات والحيوانات العجم والإنسان. ومنها : الأرض والماء والهواء والنار والآثار العلوية والأجرام السماوية، وكل ما هو فوق الأرض فهو سماء من طريق اللغة، لأن أهل اللغة نقول : كل ما علاك فهو سماؤك، وكل ما دون الفلك يعني فلك القمر بالنسبة إلى الأفلاك أرض، لقوله :﴿ ومن الأرض مثلهن ﴾١ :
الأولى : كرة النار.
الثانية : كرة الهواء.
الثالثة : كرة الطين المجفف الذي فوق الماء.
الرابعة : الماء.
الخامسة : الأرض البسيطة.
السادسة : الممتزجات من هذه الأشياء.
السابعة : الآثار العلوية. ( المضنون به على غير أهله ضمن المجموعة رقم ٤ ص : ١٢٢-١٢٣ )
١ الطلاق: ١٢..
﴿ ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ايتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ﴾( ١٠ )١
٩٥٠- العلم بأنه تعال مستو على عرشه بالمعنى الذي أراد الله تعالى بالاستواء، هو الذي لا ينافي وصف الكبرياء ولا يتطرق إليه سمات الحدوث والفناء، وهو الذي أريد بالاستواء إلى السماء حيث قال في القرآن :﴿ ثم استوى إلى السماء وهي دخان ﴾ وليس ذلك إلا بطريق القهر والاستيلاء كما قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
( الإحياء : ١/١٢٣ )
٩٥١- البليد يفتقر في فهمه إلى أن يقدر لهما حياة وعقلا وفهما للخطاب [ والخطاب ]٢ هو صوت وحرف تسمعه السماء والأرض، وتجيبان بحرف وصوت وتقولان :﴿ آتينا طائعين ﴾، والبصير يعلم أن ذلك لسان الحال، وأنه إنباء عن كونهما مسخرتين بالضرورة مضطرين إلى التسخير. ( نفسه : ١/١٢٩ )
١ - ن تفسير قوله تعالى: ﴿الرحمان على العرش استوى﴾ من سورة طه: ٤..
٢ - في الص"ل المطبوع: خطابا..
﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأشروا بالجنة التي كنتم توعدون ﴾( ٢٩ )
٩٥٢- قوة التخييل ليست متشابهة في أصناف الناس، بل هي مترتبة متفاضلة، وربما تكون متضادة، فمن ذلك يناسب الروحانيين من الملائكة، ويكون مهبطهم إليه ونزولهم عليه، وظهورهم له وتأثيرهم فيه وتمثلهم به، حتى تكلم الشخص بكلامهم وتكلموا بلسانه، ورأى الشخص بأبصارهم وأبصروا بعينه وسمع بأسماعهم وسعوا بآذانه وهم ملائكة يمشون في الأرض مطمئنين :﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ﴾. ( معارج القدس في مدارج معرفة النفس : ٧٩ )
٩٥٣- ﴿ ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ﴾ فلا يخاف مما تقدم عليه في العقبى، ولا يحزن على ما خلفه في الدنيا. ( منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٣٤٨ )
﴿ ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا ﴾( ٣٢ )
٩٥٤- قيل في تفسير قوله عز وجل :﴿ ومن أحسن قولا ممن دعا على الله وعمل صالحا ﴾ نزلت في المؤذنين. ( الإحياء : ١/١٧٤ )
٩٥٥- قال أنس بن مالك في قوله تعالى :﴿ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ﴾ إلى قوله ﴿ عظيم ﴾ هو الرجل يشتمه أخوه فيقول : إن كنت كاذبا فغفر الله لك وإن كنت صادقا فغفر الله لي. ( نفسه : ٣/١٩٠ )
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:٩٥٥- قال أنس بن مالك في قوله تعالى :﴿ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ﴾ إلى قوله ﴿ عظيم ﴾ هو الرجل يشتمه أخوه فيقول : إن كنت كاذبا فغفر الله لك وإن كنت صادقا فغفر الله لي. ( نفسه : ٣/١٩٠ )
﴿ لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله ﴾( ٣٦ )
٩٥٦- ليس المأمور به هو المنهي عنه، والإجماع منعقد على أن الساجد للشمس عاص بنفس السجود والقصد جميعا. ( المستصفى : ١/٧٦-٧٧ )
﴿ سنريهم ءاياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ﴾( ٥٢ )
٩٥٧- أظهر الآثار التي يرى فيها جلال ذات الحق وكمال صفاته إنما هو معرفة النفس، كما قال تعالى :﴿ سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾. ( معارج القدس في مدارج معرفة النفس : ٦ وكمياء السعادة ضمن المجموعة رقم ٥ ص : ١٢٤ )
٩٥٨ - ﴿ أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ﴾ خص بالخطاب سيد الأخلاق والأحباب، غيرة على ذلك المقام، وحرمة لأهله النجب الكرام ﴿ أو لم يكف بربك ﴾ إشارة إلى معرفة ما سوى الله بالله. ( مدخل السلوك إلى منازل الملوك : ٣٢ )
سورة فصلت
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (فُصِّلتْ) من السُّوَر المكِّية، من مجموعةِ سُوَرِ (الحواميم)، افتُتِحت بتعظيم الكتاب، وبيان وضوحه وهدايته للناس، وإنزالُ هذا الكتاب يدلُّ دَلالةً واضحة على تمام علمِ الخالق، الذي دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكفارَ إلى الإيمان به؛ فبعد هذه الدَّلالة بانَ استكبارُهم، ومخالَفتُهم الحقَّ بعد وضوحه لهم كوضوحِ الشمس؛ فقد جاء لهم بالآياتِ البيِّنات في هذا الكون، وفي إنزال هذا الكتاب المُحكَم.

ترتيبها المصحفي
41
نوعها
مكية
ألفاظها
795
ترتيب نزولها
61
العد المدني الأول
53
العد المدني الأخير
53
العد البصري
52
العد الكوفي
54
العد الشامي
52

- قوله تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اْللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]:

عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «كان رجُلانِ مِن قُرَيشٍ وخَتَنٌ لهما مِن ثَقِيفَ - أو رجُلانِ مِن ثَقِيفَ وخَتَنٌ لهما مِن قُرَيشٍ - في بيتٍ، فقال بعضُهم لبعضٍ: أترَوْنَ أنَّ اللهَ يَسمَعُ حديثَنا؟ قال بعضُهم: يَسمَعُ بعضَه، وقال بعضُهم: لَئِنْ كان يَسمَعُ بعضَه لقد يَسمَعُ كلَّه؛ فأُنزِلتْ: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُكُمْ} [فصلت: 22] الآية». أخرجه البخاري (٤٨١٦).

* سورةُ (فُصِّلتْ):

سُمِّيت سورةُ (فُصِّلتْ) بهذا الاسم؛ لوقوع كلمة (فُصِّلتْ) في أولها؛ قال تعالى: {كِتَٰبٞ فُصِّلَتْ ءَايَٰتُهُۥ قُرْءَانًا عَرَبِيّٗا لِّقَوْمٖ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3].

1. مقدمة في القرآن الكريم، وموقفُ المشركين الانهزاميُّ، وصفة الرسول عليه السلام وواجبه (١-٨).

2. الاحتجاج بالسُّنَن الكونية على صدقِ الدعوة (٩-١٢).

3. إعراض المشركين عن سماع الدعوة في القرآن الكريم، ومسيرةُ الدعوة في الأُمَم السابقة (١٣-١٨).

4. مصير المشركين، وإحصاءُ أعمالهم التي أوصلتهم لهذا المصير (١٩-٢٤).

5. إصرار المشركين على عدم سماع الدعوة (قرناء الباطل) (٢٥-٢٩).

6. قرناء المؤمنين (الملائكة) يُعِينونهم على تبليغ الدعوة (٣٠-٣٦).

7. الاحتجاج بالسُّنَن الكونية (٣٧-٤٠).

8. صفات القرآن الكريم، وعلمُ اللهِ المطلقُ (٤١-٤٨).

9. تردُّد الإنسان نفسيًّا من الأحداث حوله (٤٩- ٥١).

10. تحقيقُ أن القرآنَ من الله جل وعلا (٥٢-٥٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /5).

مقصودها إثباتُ العلمِ لله عزَّ وجلَّ؛ فإنَّ هذا الكتابَ المُحكَم المفصَّل يدلُّ دَلالةً واضحة على تمام علمِ الله عزَّ وجلَّ، وفي هذا دعوةٌ للكفار إلى الإيمان بالله، واتِّباع الصراط المستقيم البَيِّنِ الذي لا شائبةَ فيه، وتسميتُها بسورة (فُصِّلتْ) واضحُ الدَّلالة على ذلك المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /444).