تفسير سورة فصّلت

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة فصلت من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ...﴾ الآية. [٢٢].
أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي، قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد، قال: حدَّثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قال: حدَّثنا أمية بن بسطام، قال: حدَّثنا يزيد بن زُرَيع، قال: حدَّثنا روح، عن القاسم، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود في هذه الآية: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ...﴾ الآية. قال:
كان رجلان من ثَقِيف وخَتَنٌ لهما من قريش، أو رجُلان من قريش وخَتَنٌ لهما من ثَقِيف، في بيت فقال بعضهم: أترون الله يسمع نجوانا أو حديثنا؟ فقال بعضهم: قد سمع بعضه ولم يسمع بعضه، قالوا: لئن كان يسمع بعضه لقد سمع كله، فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ...﴾ الآية. رواه البخاري عن الحميدي. ورواه مسلم عن ابن أبي عمرو كلاهما عن سفيان، عن منصور.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحِيري، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدَّثنا أبو خَيْثَمَة قال: حدَّثنا محمد بن حازم قال: حدَّثنا الأعمش عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، قال:
كنت مستتراً بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة نفر كَثِيرٌ شَحْمُ بطونهم، قليلٌ فقْهُ قُلُوبهم، قرشي وخَتَنَاه ثَقفيَّان، أو ثَقَفِي وخَتَنَاهُ قرشيان؛ فتكلموا بكلام لم أفهمه، فقال بعضهم: أترون الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخر: إذا رفعنا أصواتنا سمع، وإذا لم نرفع لم يسمع. وقال الآخر: إن سمع منه شيئاً سمعه كله. قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل عليه: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ...﴾ الآية. [٣٠].
قال عطاء عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في أبي بكر [الصديق] رضي الله عنه، وذلك أن المشركين قالوا: ربنا الله، والملائكة بناته، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يستقيموا. وقالت اليهود: ربنا الله، وعزير ابنه، ومحمد ليس بنبي، فلم يستقيموا. وقال أبو بكر رضي الله عنه: ربنا الله وحده لا شريك له، ومحمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، فاستقام.
سورة فصلت
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (فُصِّلتْ) من السُّوَر المكِّية، من مجموعةِ سُوَرِ (الحواميم)، افتُتِحت بتعظيم الكتاب، وبيان وضوحه وهدايته للناس، وإنزالُ هذا الكتاب يدلُّ دَلالةً واضحة على تمام علمِ الخالق، الذي دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكفارَ إلى الإيمان به؛ فبعد هذه الدَّلالة بانَ استكبارُهم، ومخالَفتُهم الحقَّ بعد وضوحه لهم كوضوحِ الشمس؛ فقد جاء لهم بالآياتِ البيِّنات في هذا الكون، وفي إنزال هذا الكتاب المُحكَم.

ترتيبها المصحفي
41
نوعها
مكية
ألفاظها
795
ترتيب نزولها
61
العد المدني الأول
53
العد المدني الأخير
53
العد البصري
52
العد الكوفي
54
العد الشامي
52

- قوله تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اْللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]:

عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «كان رجُلانِ مِن قُرَيشٍ وخَتَنٌ لهما مِن ثَقِيفَ - أو رجُلانِ مِن ثَقِيفَ وخَتَنٌ لهما مِن قُرَيشٍ - في بيتٍ، فقال بعضُهم لبعضٍ: أترَوْنَ أنَّ اللهَ يَسمَعُ حديثَنا؟ قال بعضُهم: يَسمَعُ بعضَه، وقال بعضُهم: لَئِنْ كان يَسمَعُ بعضَه لقد يَسمَعُ كلَّه؛ فأُنزِلتْ: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُكُمْ} [فصلت: 22] الآية». أخرجه البخاري (٤٨١٦).

* سورةُ (فُصِّلتْ):

سُمِّيت سورةُ (فُصِّلتْ) بهذا الاسم؛ لوقوع كلمة (فُصِّلتْ) في أولها؛ قال تعالى: {كِتَٰبٞ فُصِّلَتْ ءَايَٰتُهُۥ قُرْءَانًا عَرَبِيّٗا لِّقَوْمٖ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3].

1. مقدمة في القرآن الكريم، وموقفُ المشركين الانهزاميُّ، وصفة الرسول عليه السلام وواجبه (١-٨).

2. الاحتجاج بالسُّنَن الكونية على صدقِ الدعوة (٩-١٢).

3. إعراض المشركين عن سماع الدعوة في القرآن الكريم، ومسيرةُ الدعوة في الأُمَم السابقة (١٣-١٨).

4. مصير المشركين، وإحصاءُ أعمالهم التي أوصلتهم لهذا المصير (١٩-٢٤).

5. إصرار المشركين على عدم سماع الدعوة (قرناء الباطل) (٢٥-٢٩).

6. قرناء المؤمنين (الملائكة) يُعِينونهم على تبليغ الدعوة (٣٠-٣٦).

7. الاحتجاج بالسُّنَن الكونية (٣٧-٤٠).

8. صفات القرآن الكريم، وعلمُ اللهِ المطلقُ (٤١-٤٨).

9. تردُّد الإنسان نفسيًّا من الأحداث حوله (٤٩- ٥١).

10. تحقيقُ أن القرآنَ من الله جل وعلا (٥٢-٥٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /5).

مقصودها إثباتُ العلمِ لله عزَّ وجلَّ؛ فإنَّ هذا الكتابَ المُحكَم المفصَّل يدلُّ دَلالةً واضحة على تمام علمِ الله عزَّ وجلَّ، وفي هذا دعوةٌ للكفار إلى الإيمان بالله، واتِّباع الصراط المستقيم البَيِّنِ الذي لا شائبةَ فيه، وتسميتُها بسورة (فُصِّلتْ) واضحُ الدَّلالة على ذلك المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /444).