تفسير سورة غافر

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة غافر من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

١٠٧٥- الرحمة، قال الشيخ أبو الحسن الأشعري هي : " إرادة الإحسان، فتكون صفة ذاتية قديمة واجبة الوجود، يعضده قوله تعالى :﴿ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ﴾ أي : تعلقت إرادتك وعلمك بسائر الموجودات. وقال القاضي أبو بكر :" هي الإحسان كله، يعضده قوله تعالى :﴿ ورحمتي وسعت كل شيء ﴾١ أي : الجنة، لقوله تعالى :﴿ فسأكتبها للذين يتقون ﴾٢. فتكون رحمة الله عنده محدثة، ليست صفة ذاتية.
والرحمة اللغوية : هي رقة الطبع، تستحيل على الله تعالى، فتعين العدول إلى أحد هذين المجازين اللازمين للحقيقة عادة. ( الذخيرة : ٢/٢١٦ )
١٠٧٦- هذا ظاهر في الإرادة، لأن الوسع عبارة عن عموم التعلق، ويدل على ذلك أيضا اقترانها بالعلم، وأن وسع الرحمة كوسع العلم. ( الفروق : ٣/٤٨-٤٩ )
١ - سورة الأعراف: ١٥٦..
٢ - سورة الأعراف: ١٥٦..
١٠٧٧- ذلك يقتضي أنهم ماتوا موتتين. وهذه الآية ١ تقتضي أنهم ماتوا مرة واحدة فكيف الجمع بينهما ؟
الجواب : أن هذه الآية يمكن حملها على الأرواح، وهي لا تموت إلا مرة واحدة عند الصعقة الأولى لقوله تعالى :﴿ فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ﴾٢ قيل : المستثنى أزواج الشهداء. وقيل : أرواح الأنبياء. وقيل : طائفة من الملائكة. والموتتان للجسد. قال المفسرون : الإنسان قبل أن يصير منيا كان متصلا بجسد أبيه، فهو حينئذ أجزاء حية، وإذا انفصل منيا مات، ثم ينفخ فيه الروح، وهو جنين ثم يموت عند أجله. فهاتان موتتان للجسد، والموتة الواحدة للروح، فحصل الجمع بين الآيتين. ( شرح التنقيح : ٢٤١ )
١ - يقصد قوله تعالى :﴿ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله﴾ الزمر: ٦٥..
٢ - سورة الزمر: ٦٥..
١٠٧٨- اعلم أن الكبر لله تعالى على أعدائه حسن، وعلى عباده وشرائعه حرام وكبيرة. قال عليه السلام : " لن يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من الكبر. فقالوا يا رسول الله، إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا. فقال : إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر : بطر الحق وغمظ الناس " ١. قال العلماء – رضي الله عنهم- : " بطر الحق " رده على قائله. و " غمط الناس " : احتقارهم. وقوله عليه السلام : " لن يدخل الجنة " وعبد عظيم يقتضي أن الكبر من الكبائر، وعدم دخول الجنة مطلقا عند المعتزلة لأن صاحب الكبيرة عندهم يخلد في النار كالكافر٢. وعند أهل السنة معناه : لا يدخل في وقت يدخلها غير المتكبرين، أي في المبتدإ والنفي العام قد يراد به الخاص إذا اقتضته النصوص أو القواعد.
والكبر من أعظم ذنوب القلب- نسأل الله العافية- حتى قال بعض العلماء " كل ذنوب القلب يكون معه الفتح إلا الكبر ". ( الفروق : ٤/٢٢٥-٢٢٦ )
١٠٧٩- الكبر في القلب، ويعضد ذلك قوله تعالى :﴿ إن في صدورهم إلا كبره ﴾ فجعل محله القلب والصدور. ( الفروق : ٤/٢٧٧ )
١٠٨٠- الكبر راجع للخلق والعباد، والعجب راجع للعبادة. ( نفسه : ٤/٢٧٧ )
١ - خرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان : باب تحريم الكبر وبيانه. ح : ١٣١. والترمذي في سننه، كتاب : البر والصلة، باب : ما جاء في الكبر. وأحمد في مسند المكثرين، ح : ٣٧٥١..
٢ - هذا الرأي مستند إلى أحد أصول المعتزلة وهو "الوعد والوعيد" ومضمونه :"أن الله مجاز المحسن بالإحسان والمسيء بالإساءة لا يغفر لمن ارتكب الكبيرة ما لم يتب" قال الشيخ الطاهر ابن عاشور :"قال إمام الحرمين في "الإرشاد" : إن جمهورهم قالوا بأن الكبيرة تحط ثواب الطاعات وإن كثرت، ومعناه لا محالة أنها توجب الخلود في النار. وبذلك جزم التفتزاني في شرح الكشاف وفي المقاصد" التحرير والتنوير : ١/٢٦٩.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير" ٥٢ و"إنفاذ الوعيد" :"عندهم معناه : فساق الملة مخلدون في النار"..

١٠٨١- أي : أطفالا. ( العقد : ١/٤٧٤ )
١٠٨٢- المراد بالإذن هاهنا : أمره إياه بالرسالة، فأسباب إتيانه منحصر في أمر الله تعالى في ذلك. فهو استثناء من الأسباب. ( الاستغناء : ٥٠٩ )
سورة غافر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (غافرٍ) من السُّوَر المكِّية، بُدِئت بعد حمدِ الله بإثبات صفةِ المغفرة له عزَّ وجلَّ، ولا تكون مغفرةٌ إلا عن عِزَّةٍ وعلم وقدرة، فأثبتت هذه السورة كثيرًا من صفاتِ الكمال لله عزَّ وجلَّ، كما أظهرت قُدْرتَه عزَّ وجلَّ على العقاب؛ فالله غافرُ الذَّنب وقابلُ التَّوب، لكنه شديدُ العقاب، كما جاءت السورةُ على حُجَجِ المشركين وأدحضَتْها، ودعَتْ إلى الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ فالله ناصرٌ دِينَه، ومُعْلٍ كتابَه.

ترتيبها المصحفي
40
نوعها
مكية
ألفاظها
1226
ترتيب نزولها
60
العد المدني الأول
84
العد المدني الأخير
84
العد البصري
82
العد الكوفي
85
العد الشامي
86

* سورة (غافرٍ):

سُمِّيت سورةُ (غافرٍ) بهذا الاسم؛ لورود هذه الصفةِ لله في أوَّل السورة.

1. صفات الله تعالى (١-٣).

2. نشاط المشركين العقليُّ ضد الرسول صلى الله عليه وسلم (٤-٦).

3. إعانة المسلمين للتصدي للمشركين (٧-٩).

4. مصير المشركين، وندَمُهم (١٠-١٢).

5. صفاته تعالى، وإفراده بالعبادة (١٣-١٧).

6. يوم الفصل، وأحوالُ الناس فيه (١٨-٢٢).

7. صور من مسيرة الدعاة (٢٣-٢٧).

8. مؤمن آل فرعون (٢٨-٤٥).

9. حُجَجٌ تدعو إلى الإيمان (٢٨-٢٩).

10. نماذجُ تطبيقية (٣٠-٣٤).

11. حُجَج المشركين الداحضةُ (٣٥- ٣٧).

12. حُجَجٌ تستوجب التوبةَ والإيمان (٣٨-٤٥).

13. ندمُ المشركين على كفرهم، وعذابُهم (٤٥-٥٠).

14. عهدٌ من الله لنصرِ المؤمنين (٥١-٥٥).

15. أسباب تمسُّك المشركين بشِرْكِهم (٥٦-٥٩).

16. توجيه المؤمنين لتوثيق رأيِهم بالسُّنَن الكونية (٦٠- ٦٨).

17. وعيدٌ للمشركين بمصيرهم الأُخْروي (٦٩-٧٧).

18. وعد الرسول بالانتصار له، وضربُ الأمثلة من الواقع (٧٨-٨٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /530).

مقصودُها بيانُ اتصافِ الله عزَّ وجلَّ بالعِزَّة الكاملة والعلمِ الشامل، ومغفرتِه لمن يشاء من عباده؛ فإنه لا يَقدِر على غفران ما يشاء لكل من يشاء إلا كاملُ العِزَّة، ولا يَعلَم جميعَ الذُّنوب ليسمى غافرًا لها إلا بالغُ العلم.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /435).