تفسير سورة الزخرف

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ أُمِّ ٱلْكِتَابِ ﴾: أصل الكتاب، يعني اللوح المحفوظ.
﴿ صَفْحاً ﴾: أي إعراضا، يقال: صفحت عن فلان إذا أعرضت عنه. والأصل في ذلك أن توليه صفحة وجهك أو صفحة عنقك. يقال ذلك عند الإعراض.
﴿ مُقْرِنِينَ ﴾: مطيقين من قولك: فلان قرن فلان إذا كان مثله في الشدة.
﴿ جُزْءًا ﴾: أي نصيبا، وقيل: إناثا، وقيل بنات، ويقال: أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى، قال الشاعر: إن أجزأت حرة يوما فلا عجب   قد تجزئ الحرة المذكار أحياناوجاء في التفسير أن مشركي العرب قالوا إن الملائكة بنات الله. عز وجل عما يقول المبطلون علوا كبيرا.
﴿ يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ ﴾ أي يربى في الحلي: يعني البنات.
﴿ أُمَّةٍ ﴾ دين وملة. انظر ١٣٤ من البقرة.
﴿ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ القريتان: مكة والطائف.
﴿ سُخْرِيّاً ﴾ أي ليستخدم بعضهم بعضا انظر ١١٠ من المؤمنون.
﴿ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ أي درج عليها يعلون، واحدها معرج ومعراج.
﴿ وَزُخْرُفاً ﴾ انظر ١١٢ من الأنعام.
﴿ يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ﴾ أي يظلم بصره عنه كأن عليه غشاوة، ويقال: عشوت إلى النار أعشو فأنا عاش، إذا استدللت عليها ببصر ضعيف، قال الحطيئة: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره   تجد خير نار عندها خير موقدومن قرأ يعش بفتح الشين: معناه: يعم عنه، يقال: عشى يعشى فهو أعشى إذا لم يبصر بالليل، وقيل معنى يعش عن ذكر الرحمن: أي يعرض عنه ﴿ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً ﴾ أي نسبب له شيطانا، يجعل الله ذلك جزاءه.
﴿ مُّقْتَدِرُونَ ﴾ أي منيعون.
﴿ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾: أي شرف.
﴿ مُقْتَرِنِينَ ﴾ أي اثنين اثنين.
﴿ آسَفُونَا ﴾ أغضبونا.
﴿ يَصِدُّونَ ﴾ أي يضجون.
﴿ أَكْوَابٍ ﴾ أباريق لا عرى لها ولا خراطيم؛ واحدها كوب.
﴿ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً ﴾: أحكموا أمرا.
﴿ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ ﴾ معناه: إن كنتم تزعمون أن للرحمن ولدا فأنا أول من يعبده، على أنه واحد لا ولد له. ويقال فأنا أول الآنفين والجاحدين لما قلتم. يقال: عبد إذا أنف.
﴿ ٱصْفَحْ عَنْهُمْ ﴾: أي أعرض عنهم، وأصل الصفح أن تنحرف عن الشيء فتوليه صفحة وجهك أي ناحية وجهك، وكذلك الإعراض هو أن تولي الشيء عرضك أي جانبك ولا تقبل عليه.
سورة الزخرف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزُّخْرف) من السُّوَر المكية، من مجموعة سُوَر (الحواميم)، افتُتحت ببيان عظمة هذا الكتاب، وقُدْرتِه على البيان والإبلاغ، وجاءت ببشارةِ الأمَّة بعلوِّ قَدْرها ورفعتها، محذِّرةً إياها من زخارفِ هذه الدنيا وزَيْفِها؛ فهي دارُ مَمَرٍّ، لا دارُ مستقرٍّ، وخُتمت السورة بتنزيه الله عز وجل عن الولدِ والشريك؛ لكمالِ اتصافه بصفات الألوهية الحَقَّة.

ترتيبها المصحفي
43
نوعها
مكية
ألفاظها
837
ترتيب نزولها
63
العد المدني الأول
89
العد المدني الأخير
89
العد البصري
89
العد الكوفي
89
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]:

عن أبي يَحيَى مولَى ابنِ عَقِيلٍ الأنصاريِّ، قال: «قال ابنُ عباسٍ: لقد عَلِمْتُ آيةً مِن القرآنِ ما سألَني عنها رجُلٌ قطُّ، فما أدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها فيَسألوا عنها؟ ثم طَفِقَ يُحدِّثُنا، فلمَّا قامَ، تلاوَمْنا ألَّا نكونَ سأَلْناه عنها، فقلتُ: أنا لها إذا راحَ غدًا، فلما راحَ الغَدَ، قلتُ: يا بنَ عباسٍ، ذكَرْتَ أمسِ أنَّ آيةً مِن القرآنِ لم يَسأَلْك عنها رجُلٌ قطُّ، فلا تَدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها؟ فقلتُ: أخبِرْني عنها، وعن اللَّاتي قرأتَ قبلها، قال: نَعم، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لقُرَيشٍ: يا معشرَ قُرَيشٍ، إنَّه ليس أحدٌ يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ فيه خيرٌ، وقد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنَّ النَّصارى تعبُدُ عيسى ابنَ مَرْيَمَ، وما تقولُ في مُحمَّدٍ، فقالوا: يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا مِن عبادِ اللهِ صالحًا، فلَئِنْ كنتَ صادقًا، فإنَّ آلهتَهم لكما تقولون؟! قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]، قال: قلتُ: ما {يَصِدُّونَ}؟ قال: يَضِجُّون، {وَإِنَّهُۥ لَعِلْمٞ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]، قال: هو خروجُ عيسى ابنِ مَرْيَمَ عليه السلام قبلَ يومِ القيامةِ». أخرجه أحمد (٢٩١٨).

*(سورةُ الزُّخْرف):

سُمِّيت (سورةُ الزُّخْرف) بهذا الاسم؛ لمجيء لفظ (الزُّخْرف) في وصفِ الحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَٰبٗا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِـُٔونَ ٣٤ وَزُخْرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَاْلْأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 34-35].

1. مكانة القرآن، وعاقبة المستهزئين بالمرسلين (١-٨).

2. إقرار المشركين بربوبية الله تعالى (٩-١٤).

3. ضلال المشركين في العبادة (١٥-٢٥).

4. حِكْمة الله تعالى في اختيار رسله (٢٦-٣٥).

5. حال المُعرِض عن ذكرِ الله، وتسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم (٣٦-٤٥).

6. قصة موسى عليه السلام مع فرعون (٤٦-٥٦).

7. قصة عيسى عليه السلام (٥٧-٦٦).

8. عباد الله المؤمنين ونِعَمُ الله عليهم (٦٧-٧٣).

9. الأشقياء الفُجَّار يوم القيامة (٧٤-٨٠).

10. تنزيه الله تعالى عن الولدِ والشريك (٨١-٨٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /102).

مقصدُ سورة (الزُّخْرف) هو البِشارة بإعلاء الله لهذه الأمَّة، وتفضيلها على باقي الأُمَم؛ فالأمة الإسلامية هي أعلى الأمم شأنًا ورفعةً، ولتحقيق ذلك لا بد من الارتباط بالآخرة، وتركِ زَيْفِ الدنيا وزُخْرُفها، وعدمِ التعلق بها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /466).