تفسير سورة الزخرف

مجاز القرآن

تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب مجاز القرآن
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ فَأَنْشَرَنا بِه بَلْدَةً مَّيْتاً ﴾ أي أحيينا ونشرت الأرض أي حييت قال الأعشى :
حتى يقول الناس مما رأوا يا عجباً للميِّشت الناشر
﴿ وَهُوَ الّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُا عَلَى ظُهُوِرِه ﴾ التذكير ل ﴿ ما ﴾.
﴿ وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾ ضابطين، يقال : فلان مقرن لفلان أي ضابط له مطيق، قال الكميت :
ركبتم صْعبتي أَشَرّاً وحَيْناً ولستم للصِّعاب بمُقْرنِينا
﴿ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً ﴾ أي نصيباً.
﴿ أَوْ مَنْ يُنْشَؤُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾ يعني الحلى وهذه الجواري.
﴿ عَلَى أُمَّةٍ ﴾ على ملة واستقامة.
﴿ وَإْذ قَال إِبْرَاهِيمُ ﴾ معناها وقال إبراهيم.
﴿ إنّنِي بَرَاءٌ ﴾ مجازها بلغة علوية يجعلون الواحد والاثنين والثلاثة من الذكر والأنثى على لفظ واحد وأهل نجد يقولون : أنا بريء وهي بريئة ونحن براء للجميع.
﴿ وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ ﴾ معناها هلا.
﴿ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ ﴾ واحدها سقفٌ مجازها مجاز رهنٍ ورهنٍ قال قعنب بن أم صاحب :
بانت سُعاد وأَمسَى دونها عَدَنُ وغَلِقتْ عندها من قبلك الرُّهُنُ
ومن قال سقفاً فهو جمع السقفة.
﴿ وَمَعَارِجَ ﴾ المعارج الدرج قال جندل بن المثنى :
يا رَبِّ رَبَّ البيت ذِي المَعارِجِ ***
﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لهُ شَيْطاناً ﴾ تظلم عينه عنه كأن عليها غشاوة، يقول : من يمل عنه عاشياً إلى غيره، وهو أن يركبه على غير تبين قال الحطيئة :
متى تِأتِهِ تعشو إلى ضَوءِ نارِه تجدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ
﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ﴾ محازها فإن نذهبن بك.
﴿ أَمْ أَنَا خَيْرُ مِّنْ هَذَا الّذِي هُوْ مَهِينٌ ﴾ مجازها بل أنا خير من هذا.
﴿ فَلَمَّا آسَفُوناَ ﴾ أغضبونا ويقال : قد أسفت غضبت.
﴿ إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾ من كسر الصاد فمجازها يضجون ومن ضمها فمجازها يعدلون.
﴿ وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾ البعض ها هنا الكل قال لبيد بن ربيعة :
ترّاكُ أمكنةٍ إذا لم ارضها أو يعتلقْ بعضَ النفوسِ حِمامُها
الموت لا يعتلق بعض النفوس دون بعض.
﴿ تُحْبَرُونَ ﴾ تسرون محبور مسرور قال العجاج :
فالحمد لله الذي أعطى الْحَبَرْ ***
﴿ وَأَكْوابٍ ﴾ الأكواب الأبارق التي لا خراطيم لها.
﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً ﴾ أم أحكموا.
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ " إن " في موضع " ما " في قول بعضهم : ما كان للرحمن ولد الفاء مجازها مجاز الواو : ما كان للرحمن ولد وأنا أول العابدين، قال الفرزدق :
أولئك قوم إن هجوني هجوتهم وأعبد إن أهجو عبيدا بدارِمِ
وقال آخرون : محازها : إن كان في قولكم للرحمن ولد فأنا أول العابدين أي الكافرين بذلك والجاحدين لما قلتم وهي من ﴿ عبد يعبد عبداً ﴾.
﴿ وَقِيلَهُ يَا رَبِّ ﴾ نصبه في قول أبي عمرو على ﴿ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنْجَواهُمْ ﴾ وقيله ونسمع قيله وقال غيره : هي في موضع الفعل : ويقول.
سورة الزخرف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزُّخْرف) من السُّوَر المكية، من مجموعة سُوَر (الحواميم)، افتُتحت ببيان عظمة هذا الكتاب، وقُدْرتِه على البيان والإبلاغ، وجاءت ببشارةِ الأمَّة بعلوِّ قَدْرها ورفعتها، محذِّرةً إياها من زخارفِ هذه الدنيا وزَيْفِها؛ فهي دارُ مَمَرٍّ، لا دارُ مستقرٍّ، وخُتمت السورة بتنزيه الله عز وجل عن الولدِ والشريك؛ لكمالِ اتصافه بصفات الألوهية الحَقَّة.

ترتيبها المصحفي
43
نوعها
مكية
ألفاظها
837
ترتيب نزولها
63
العد المدني الأول
89
العد المدني الأخير
89
العد البصري
89
العد الكوفي
89
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]:

عن أبي يَحيَى مولَى ابنِ عَقِيلٍ الأنصاريِّ، قال: «قال ابنُ عباسٍ: لقد عَلِمْتُ آيةً مِن القرآنِ ما سألَني عنها رجُلٌ قطُّ، فما أدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها فيَسألوا عنها؟ ثم طَفِقَ يُحدِّثُنا، فلمَّا قامَ، تلاوَمْنا ألَّا نكونَ سأَلْناه عنها، فقلتُ: أنا لها إذا راحَ غدًا، فلما راحَ الغَدَ، قلتُ: يا بنَ عباسٍ، ذكَرْتَ أمسِ أنَّ آيةً مِن القرآنِ لم يَسأَلْك عنها رجُلٌ قطُّ، فلا تَدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها؟ فقلتُ: أخبِرْني عنها، وعن اللَّاتي قرأتَ قبلها، قال: نَعم، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لقُرَيشٍ: يا معشرَ قُرَيشٍ، إنَّه ليس أحدٌ يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ فيه خيرٌ، وقد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنَّ النَّصارى تعبُدُ عيسى ابنَ مَرْيَمَ، وما تقولُ في مُحمَّدٍ، فقالوا: يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا مِن عبادِ اللهِ صالحًا، فلَئِنْ كنتَ صادقًا، فإنَّ آلهتَهم لكما تقولون؟! قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]، قال: قلتُ: ما {يَصِدُّونَ}؟ قال: يَضِجُّون، {وَإِنَّهُۥ لَعِلْمٞ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]، قال: هو خروجُ عيسى ابنِ مَرْيَمَ عليه السلام قبلَ يومِ القيامةِ». أخرجه أحمد (٢٩١٨).

*(سورةُ الزُّخْرف):

سُمِّيت (سورةُ الزُّخْرف) بهذا الاسم؛ لمجيء لفظ (الزُّخْرف) في وصفِ الحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَٰبٗا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِـُٔونَ ٣٤ وَزُخْرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَاْلْأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 34-35].

1. مكانة القرآن، وعاقبة المستهزئين بالمرسلين (١-٨).

2. إقرار المشركين بربوبية الله تعالى (٩-١٤).

3. ضلال المشركين في العبادة (١٥-٢٥).

4. حِكْمة الله تعالى في اختيار رسله (٢٦-٣٥).

5. حال المُعرِض عن ذكرِ الله، وتسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم (٣٦-٤٥).

6. قصة موسى عليه السلام مع فرعون (٤٦-٥٦).

7. قصة عيسى عليه السلام (٥٧-٦٦).

8. عباد الله المؤمنين ونِعَمُ الله عليهم (٦٧-٧٣).

9. الأشقياء الفُجَّار يوم القيامة (٧٤-٨٠).

10. تنزيه الله تعالى عن الولدِ والشريك (٨١-٨٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /102).

مقصدُ سورة (الزُّخْرف) هو البِشارة بإعلاء الله لهذه الأمَّة، وتفضيلها على باقي الأُمَم؛ فالأمة الإسلامية هي أعلى الأمم شأنًا ورفعةً، ولتحقيق ذلك لا بد من الارتباط بالآخرة، وتركِ زَيْفِ الدنيا وزُخْرُفها، وعدمِ التعلق بها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /466).