تفسير سورة الزخرف

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ ﴾ ( ٥ ) يقول : " لأَِنْ كُنْتُمْ ".
وقال ﴿ لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ ﴾ ( ١٣ ) فتذكيره يجوز على ﴿ مَا تَرْكَبُونَ ﴾ ( ١٢ ) و﴿ ما ﴾ هو مذكر كما تقول : " عندي من النساء ما يوافقك ويسرك " وقد تذكْر " الأنعام " وتؤنّث وقد قال في موضع ﴿ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ ﴾ وقال في موضع آخر ﴿ بُطُونِها ﴾.
وقال ﴿ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ ( ٢٦ ) تقول العرب " أَنَا بَراءٌ منك ".
وقال ﴿ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ ( ٣٣ ) ومثله قول العرب " مَفاتِح " و " مَفَاتِيح " و " مَعَاطٍ " في " المِعطاءِ " * و " أَثَافٍ " من " الأُثِفِيَّةِ " وواحد " المعَارِج " " المِعْراج " ولو شئت قلت في جمعه " المعارِيج ".
وقال ﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ( ٣٥ ) خفيفة منصوبة اللام وقال بعضهم ﴿ لمّا ﴾ فثقّل ونصب اللام وضعف الميم وزعم أنها في التفسير الأول " إلاّ " وأنها من كلام [ ١٦٩ ب ] العرب.
وقال ﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ ﴾ ( ٣٦ ) وهو ليس من " أَعْشى " و " عَشْو " إنما هو في معنى قول الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد السابع والستون بعند المئتين ] :
إلَى مالِكٍ أَعْشو إلى مِثْلِ مالِكِ ***
كأن " أَعْشُو " : أَضْعُفُ. لأنه حين قال " اعشو إلى مثل مالك " كان " العَشْوُ " : الضعفَ لأَنه حين قال : " اعشو " إلى مثل مالك " أخبر انه يأتيه غير بصير ولا قوي. كما قال :[ من الطويل وهو الشاهد الثامن والستون بعد المئتين ] :
مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نارِهِ تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً وَنَاراً تَأَجَّجَا
أَي : متى ما تفتقر فتقصد إلى ضوء ناره يغنك.
وقال ﴿ فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ ﴾ ( ٥٣ ) لأنه جمع " أساور " * و " أسْوِرَة " وقال بعضهم ﴿ أَساورة ﴾ فجعله جمعا للاسورة فأراد : " أَسَاوِير " - و الله أعلم - فجعل الهاء عوضا من الياء كما قال " زَنَادِقَة " فجعل الهاء عوضا من الياء التي في " زَنَادِيق ".
وقال ﴿ يَصُدُّونَ ﴾ ( ٥٧ ) و﴿ يَصِدُّون ﴾ كما قال ﴿ يَحْشُرُ ﴾ و﴿ يَحْشِرُ ﴾.
سورة الزخرف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزُّخْرف) من السُّوَر المكية، من مجموعة سُوَر (الحواميم)، افتُتحت ببيان عظمة هذا الكتاب، وقُدْرتِه على البيان والإبلاغ، وجاءت ببشارةِ الأمَّة بعلوِّ قَدْرها ورفعتها، محذِّرةً إياها من زخارفِ هذه الدنيا وزَيْفِها؛ فهي دارُ مَمَرٍّ، لا دارُ مستقرٍّ، وخُتمت السورة بتنزيه الله عز وجل عن الولدِ والشريك؛ لكمالِ اتصافه بصفات الألوهية الحَقَّة.

ترتيبها المصحفي
43
نوعها
مكية
ألفاظها
837
ترتيب نزولها
63
العد المدني الأول
89
العد المدني الأخير
89
العد البصري
89
العد الكوفي
89
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]:

عن أبي يَحيَى مولَى ابنِ عَقِيلٍ الأنصاريِّ، قال: «قال ابنُ عباسٍ: لقد عَلِمْتُ آيةً مِن القرآنِ ما سألَني عنها رجُلٌ قطُّ، فما أدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها فيَسألوا عنها؟ ثم طَفِقَ يُحدِّثُنا، فلمَّا قامَ، تلاوَمْنا ألَّا نكونَ سأَلْناه عنها، فقلتُ: أنا لها إذا راحَ غدًا، فلما راحَ الغَدَ، قلتُ: يا بنَ عباسٍ، ذكَرْتَ أمسِ أنَّ آيةً مِن القرآنِ لم يَسأَلْك عنها رجُلٌ قطُّ، فلا تَدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها؟ فقلتُ: أخبِرْني عنها، وعن اللَّاتي قرأتَ قبلها، قال: نَعم، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لقُرَيشٍ: يا معشرَ قُرَيشٍ، إنَّه ليس أحدٌ يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ فيه خيرٌ، وقد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنَّ النَّصارى تعبُدُ عيسى ابنَ مَرْيَمَ، وما تقولُ في مُحمَّدٍ، فقالوا: يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا مِن عبادِ اللهِ صالحًا، فلَئِنْ كنتَ صادقًا، فإنَّ آلهتَهم لكما تقولون؟! قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]، قال: قلتُ: ما {يَصِدُّونَ}؟ قال: يَضِجُّون، {وَإِنَّهُۥ لَعِلْمٞ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]، قال: هو خروجُ عيسى ابنِ مَرْيَمَ عليه السلام قبلَ يومِ القيامةِ». أخرجه أحمد (٢٩١٨).

*(سورةُ الزُّخْرف):

سُمِّيت (سورةُ الزُّخْرف) بهذا الاسم؛ لمجيء لفظ (الزُّخْرف) في وصفِ الحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَٰبٗا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِـُٔونَ ٣٤ وَزُخْرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَاْلْأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 34-35].

1. مكانة القرآن، وعاقبة المستهزئين بالمرسلين (١-٨).

2. إقرار المشركين بربوبية الله تعالى (٩-١٤).

3. ضلال المشركين في العبادة (١٥-٢٥).

4. حِكْمة الله تعالى في اختيار رسله (٢٦-٣٥).

5. حال المُعرِض عن ذكرِ الله، وتسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم (٣٦-٤٥).

6. قصة موسى عليه السلام مع فرعون (٤٦-٥٦).

7. قصة عيسى عليه السلام (٥٧-٦٦).

8. عباد الله المؤمنين ونِعَمُ الله عليهم (٦٧-٧٣).

9. الأشقياء الفُجَّار يوم القيامة (٧٤-٨٠).

10. تنزيه الله تعالى عن الولدِ والشريك (٨١-٨٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /102).

مقصدُ سورة (الزُّخْرف) هو البِشارة بإعلاء الله لهذه الأمَّة، وتفضيلها على باقي الأُمَم؛ فالأمة الإسلامية هي أعلى الأمم شأنًا ورفعةً، ولتحقيق ذلك لا بد من الارتباط بالآخرة، وتركِ زَيْفِ الدنيا وزُخْرُفها، وعدمِ التعلق بها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /466).